شهد جنوب سورية معارك عنيفة أمس تركّزت حول مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الشمالي، حيث تمكنت قوات النظام صباحاً من السيطرة على أجزاء واسعة من اللواء 82 في ضواحي المدينة وعلى أحياء فيها قبل أن تشن فصائل معارضة هجوماً معاكساً استعادت فيه بعض ما خسرته. وجاءت معارك درعا في وقت أعلن النظام أن قواته استعادت مجدداً بلدة مهين وجبالاً محيطة بها في ريف حمص الجنوبي الشرقي (وسط البلاد) وسيطرت أيضاً على مرتفعات جبلية في ريف اللاذقية الشمالي على الساحل السوري (غرب). وبدا النظام حذراً في إعلان تقدمه في معارك الشيخ مسكين أمس، إذ اكتفت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بالقول، نقلاً عن «مصدر عسكري»، إن قوات الجيش «أحكمت سيطرتها على تل الهش ومعسكر اللواء 82 بالكامل» وهو يقع بمحاذاة الشيخ مسكين شمال مدينة درعا بنحو 22 كلم. وأضافت «سانا» أن الجيش النظامي أوقع «خسائر كبيرة في صفوف التنظيمات الإرهابية» وسمّت من بينها «جبهة النصرة» و «حركة المثنى الإسلامية» و «حركة أحرار الشام الإسلامية». ولفتت الوكالة إلى أن وحدات الجيش فرضت سيطرتها أول من أمس على «عدد من المواقع داخل مدينة الشيخ مسكين ومحيطها بعد ساعات قليلة من بدء العملية العسكرية». أما المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا)، فأشار من جهته إلى مقتل 9 من عناصر المعارضة جراء غارات جوية وقصف مدفعي لقوات النظام على الشيخ مسكين، مضيفاً أن المدينة شهدت منذ الفجر «معارك مستمرة ومتفاوتة العنف بين الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني وضباط إيرانيين من جهة أخرى، تمكن فيها الطرف الأخير من استعادة السيطرة على معظم الحي الشمالي واللواء 82 بمحيط البلدة، ما مكّن النظام من رصد الحي الشمالي الغربي والسيطرة عليه نارياً». وبعدما قال إن الشيخ مسكين تعرضت لنحو 80 غارة جوية منذ بدء هجوم الجيش السوري، أوضح أن النظام يهدف «إلى السيطرة على طريق الإمداد للفصائل بين بلدة بصر الحرير ومدينة نوى». وأثار تقرير المرصد عن سقوط اللواء 82 في أيدي النظام انتقادات في مواقع سورية معارضة قالت إن الفصائل لم تخسر سيطرتها عليه، وهو ما بدا أن المرصد يقر به، إذ أشار في تقرير لاحق إلى تضارب في المعلومات عن الجهة التي تسيطر على اللواء بعد شن المعارضة هجوماً معاكساً لاسترجاع ما خسرته، لافتاً إلى تفجير «جبهة النصرة» لعربة مفخخة واحدة على الأقل في الهجوم المعاكس. وفي هذا الإطار، أوردت وكالة «مسار برس» أن «كتائب الثوار استعادت السيطرة على أجزاء واسعة من اللواء 82 شمال الشيخ مسكين... بعد معارك مع قوات الأسد المدعومة بميليشيا حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى «تدمير دبابة ومدفع ومقتل حوالى 20 عنصراً من قوات الأسد والميليشيات الداعمة لها بينهم قائد عملية اقتحام اللواء وهو ضابط إيراني برتبة نقيب». وذكرت الوكالة أن المعارضة بدأت «عملية استعادة السيطرة على اللواء بعد وصول مؤازرات عسكرية من بقية مدن المحافظة (درعا)»، مشيرة إلى أن «الاشتباكات ما زالت مستمرة بين الطرفين في محيط كتيبة النيران التابعة للواء 82 والتي سيطرت عليها قوات الأسد (أول من) أمس». وذكّر المرصد أن الشيخ مسكين شهدت معارك عنيفة استمرت لنحو ثلاثة أشهر منذ مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، بعد إعلان الفصائل معركة جديدة آنذاك بهدف الوصول إلى بوابات العاصمة دمشق. أما «مسار برس» فأوردت أن أهمية الشيخ مسكين تكمن في موقعها الجغرافي الذي يتوسط محافظة درعا، كما أنها تقع على الطريق الدولي دمشق- درعا- عمّان، وتعد عقدة مواصلات بين محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. من جهة أخرى، ذكرت وكالة «سانا» أن الجيش السوري سيطر على قرية برج القصب والنقطة 1044 بريف اللاذقية الشمالي، فيما أشار المرصد إلى تنفيذ طائرات حربية يعتقد أنها روسية غارات على مناطق في جبل التركمان ومنطقة الجب الأحمر بالريف الشمالي. وفي محافظة إدلب المجاورة، قال المرصد إن طفلة في ال16 من عمرها توفيت جراء إصابتها برصاص قناص في أطراف بلدة الفوعة التي يقطنها مواطنون من الطائفة الشيعية بريف إدلب الشمالي الشرقي والتي كانت أول من أمس جزءاً من صفقة إجلاء متبادل للمقاتلين والمدنيين شملت الزبداني (المعارضة) في ريف دمشق والفوعة وكفريا (أنصار النظام) في إدلب. أما في محافظة حماة، فقد تعرضت بلدة مورك وقريتا لحايا ومعركبة بريف حماة الشمالي لقصف من قوات النظام، بينما نفذ الطيران الحربي غارة على قرية راشا بجبل شحشبو في ريف حماة الشمالي الغربي، بحسب المرصد. وفي شمال البلاد، قال المرصد إن «الاشتباكات العنيفة ما زالت مستمرة بين قوات سورية الديموقراطية من جهة والفصائل الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى في محيط قريتي شوارغة والمالكية بريف حلب الشمالي وأنباء عن المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين»، لافتاً أيضاً إلى وقوع «اشتباكات متقطعة» بين «وحدات حماية الشعب» الكردية و «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية في حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الوحدات الكردية. وتابع أن طائرات حربية يعتقد أنها روسية أغارت على مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» بريف حلب الشمالي الشرقي، لافتاً إلى أن هذه المدينة تشهد قصفاً جوياً مستمراً منذ بدء قوات النظام حملتها لفك الحصار على مطار كويرس، ومؤكداً أن التنظيم يمنع المدنيين حالياً من مغادرة الباب. كذلك أشار المرصد إلى مقتل 9 أشخاص بينهم 3 أطفال ومواطنة جراء قصف طائرات حربية ليلة أول من أمس بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي. أما في وسط البلاد، فقد نقلت «سانا» عن مصدر عسكري في الجيش النظامي تأكيده السيطرة «على جبلي مهين الكبير والصغير وبلدة مهين ومستودعاتها وقريتي الحدث وحوارين بريف حمص الجنوبي الشرقي». وأكد المرصد بدوره «تمكن قوات النظام من التقدم واستعادة السيطرة على معظم بلدة مهين الواقعة بريف مدينة القريتين في الريف الجنوبي الشرقي لحمص وقرية حوارين القريبة منها، عقب تمكنها من السيطرة على التلال المحيطة بمهين» بعد اشتباكات عنيفة رافقتها عشرات الغارات التي نفذتها طائرات حربية على مواقع «داعش» في البلدة ومحيطها. وكان التنظيم تمكّن قبل أيام من استعادة السيطرة على مهين بعد فترة قصيرة من سيطرة النظام عليها. وفي محافظة ريف دمشق، ذكر المرصد أن رجلاً من بلدة مضايا فارق الحياة جراء نقص الغذاء والدوام اللازم، فيما نفذت طائرات حربية يعتقد أنها روسية ما لا يقل عن 4 غارات على مزارع حوش الضواهرة بالغوطة الشرقية.