تواصلت المواجهات على مختلف الجبهات في سورية أمس، في وقت برز تطوران لهما بُعد خارجي تمثّل الأول بغارات عنيفة شنتها طائرات فرنسية ليلة الأحد على الرقة، معقل تنظيم «داعش» في شمال شرقي سورية، في رد مباشر على الهجمات الدامية التي وقعت في باريس ليلة الجمعة وتبناها هذا التنظيم الذي يتخذ من سورية والعراق مقراً أساسياً لنشاطه. أما التطور الثاني فتمثّل في ضرب طائرات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة عشرات شاحنات نقل النفط في شرق سورية، في إشارة تعكس إصرار التحالف على حرمان «داعش» من أحد أهم مصادر تمويله. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس: «دوى على الاقل 36 انفجاراً ليلة الأحد - الاثنين في مدينة الرقة، نتج بعضها عن غارات جوية وبعضها الآخر عن انفجار أسلحة وذخائر» بعد استهداف الطائرات الفرنسية مخازن تابعة لتنظيم «داعش». وأشار إلى أن «الانفجارات هزت المدينة بأكملها»، مضيفاً أن «الغارات استهدفت ايضاً مناطق في شمال المدينةوجنوبها». وتابع: «يُعتقد أن الطائرات التي شنت الغارات فرنسية». وتأتي هذه الغارات بعد تبني تنظيم «داعش» اعتداءات نفذها ثمانية «انتحاريين» في باريس الجمعة وحصدت في حصيلة غير نهائية 129 قتيلاً. ولم يتمكن المرصد من تحديد الخسائر البشرية الناجمة عن هذه الغارات. وقال عبدالرحمن إن تنظيم «داعش» يفرض استنفاراً أمنياً في المدينة و «من الصعب تأكيد المعلومات عن حصيلة القتلى من المستشفيات الموجودة هناك». وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية، في غضون ذلك، أن 10 مقاتلات - قاذفات فرنسية ألقت الأحد 20 قنبلة على الرقة. وقالت الوزارة في بيان إن «الهدف الأول الذي تم تدميره كان يستخدمه «داعش» كموقع قيادة ومركز للتجنيد الجهادي وكمستودع أسلحة وذخائر. وكان الهدف الثاني يضم معسكر تدريب إرهابياً». وأوضح البيان ان الغارات نفذتها 12 طائرة فرنسية، بينها 10 مقاتلات - قاذفات، انطلقت من الإماراتوالأردن ونفذت في آن واحد هذه الغارات. ولدى فرنسا ست طائرات رافال في الإمارات وست طائرات ميراج 2000 في الأردن. وبحسب الوزارة فإن «هذه العملية تمت بالتنسيق مع القوات الأميركية وجرى التخطيط لها بناء على مواقع حددت مسبقاً خلال عمليات استطلاع قامت بها فرنسا». وتعد مدينة الرقة المعقل الأبرز ل «داعش» في سورية، وتمكن من السيطرة عليها في كانون الثاني (يناير) 2014 بعد معارك عنيفة مع مقاتلي المعارضة الذين كانوا استولوا عليها من قوات النظام السوري في آذار (مارس) 2013. وكانت الرقة مركز المحافظة السورية الأول الذي يخسره النظام منذ بدء الاحتجاجات ضده في منتصف آذار (مارس) 2011. ويطبق تنظيم «داعش» أحكاماً دينية متشددة في المدينة ويتحكم بمفاصل الحياة فيها، وغالباً ما تشكل مسرحاً للإعدامات وجرائم القتل التي يرتكبها. ميدانياً، أشار المرصد السوري إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ولواء القدس الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط منطقة «الفاملي هاوس» بحي حلب الجديدة، وأطراف حي الراشدين غرب مدينة حلب. وتابع أن اشتباكات عنيفة دارت أيضاً بين قوات النظام والمعارضة في حي العامرية بمدينة حلب، فيما نفذت طائرات حربية ضربات على حيي كرم الطراب والميسر بمدينة حلب، ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن قتيلين. وجاء ذلك في وقت تدور «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة أخرى، في محيط بلدتي الحاضر والعيس بريف حلب الجنوبي، وسط تنفيذ طائرات حربية يعتقد أنها روسية عدة غارات على مناطق الاشتباك»، بحسب المرصد الذي أشار أيضاً إلى «استهداف الفصائل المقاتلة بصاروخ تاو أميركي دبابة لقوات النظام في أطراف تل حديا بالريف الجنوبي لحلب، ما أدى إلى إعطابها». أما في الريف الشرقي لحلب، فقد تحدث المرصد عن غارات لطائرات «يُعتقد أنها روسية» على بلدة دير حافر الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش». وفي محافظة اللاذقية (غرب)، تحدث المرصد عن اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محور قرية غمام بريف اللاذقية الشمالي، «وسط تقدم جديد لنظام في المنطقة ومعلومات مؤكدة عن سيطرته على أجزاء واسعة من قريتي الدغمشلية ودير حنا القريبتين من قرية غمام، ترافق مع تنفيذ طائرات يعتقد أنها روسية المزيد من الغارات على مناطق الاشتباك، وقصف مكثف ومستمر من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباكات، ما أدى إلى استشهاد مقاتل من الفصائل الإسلامية، ومعلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين». وفي هذا الإطار، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن «مصدر عسكري» تأكيده أمس أن القوات النظامية سيطرت على قرى دير حنا والدغمشلية وبيت عياش ومنطقة مضخات غمام في ريف اللاذقية الشمالي، مضيفاً أن هذا التقدم تم «بإسناد من سلاح الجو الروسي». واعتبرت الوكالة أن «هذا الإنجاز الجديد... يأتي بعد يوم من فرض قوات الجيش سيطرتها على قريتي أبو ريشة ورويسة اسكندر والمرتفعين 1149 و1143 وكتف الساعور بريف اللاذقية». وفي محافظة حمص (وسط)، أشار المرصد إلى اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة، وعناصر تنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محيط بلدة مهين بريف حمص الجنوبي الشرقي، ترافقت مع تنفيذ طائرات حربية «يُعتقد أنها روسية» غارتين على البلدة الخاضعة لسيطرة «داعش». أما وكالة «مسار برس» المعارضة فقد أشارت إلى شن الطيران الحربي الروسي غارات ب «الصواريخ الفراغية» على مدينة تدمر وبلدتي القريتين ومهين، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح آخرين، مضيفة أن تنظيم «داعش» تصدى لمحاولة قوات النظام التقدم تجاه بلدة مهين. وأشارت الوكالة أيضاً إلى «اشتداد وتيرة المعارك بين كتائب الثوار وقوات الأسد على حاجز ملوك في الجبهة الجنوبية لمدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، وسط قصف مدفعي على المنطقة مصدره نقاط تمركز قوات الأسد في قرية جبورين وكلية المشرفة». وفي محافظة الحسكة (شمال شرقي سورية)، لفت المرصد إلى استمرار الاشتباكات بين تنظيم «داعش» من جهة، و «قوات سورية الديموقراطية» من جهة أخرى، في ريف منطقة الهول بريف الحسكة الشرقي، وسط تقدم للطرف الأخير في المنطقة وسيطرته على قرية جديدة غرب بلدة الهول. وفي محافظة حماة (وسط)، أفاد المرصد أن الطيران الحربي نفّذ غارات على قرية صلبا بناحية عقيربات في الريف الشرقي، ما أدى إلى سقوط جرحى، بينما دارت اشتباكات بين قوات النظام وبين عناصر تنظيم «داعش» في منطقة اثريا بالريف الشمالي الشرقي. كما شنت طائرات حربية غارات على منطقة السطحيات غرب مدينة سلمية بريف حماة الشرقي. وفي جنوب البلاد، تحدث المرصد عن مواجهات بين قوات النظام وبين «الفصائل الاسلامية والمقاتلة» في بلدة الشيخ مسكين، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوات النظام، بينما تعرضت بلدة الكرك الشرقي وقرية رخم لقصف من قوات النظام. كذلك دارت اشتباكات بين قوات النظام وبين فصائل المعارضة في محيط مدينة انخل بينما قصفت قوات النظام أحياء درعا البلد وحي طريق السد بمدينة درعا. أما وكالة «مسار برس» فأوردت، من جهتها، أن المعارك تواصلت أمس «بين كتائب الثوار وقوات الأسد على أطراف مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا، حيث تمكن الثوار من استعادة السيطرة على بعض النقاط التي كانوا قد خسروها مؤخراً بالقرب من منطقة الإسكان العسكري في محيط المدينة، وتزامن ذلك مع قصف مكثف من قبل قوات الأسد بمختلف أنواع الأسلحة». وأشارت الوكالة إلى أن «الثوار قصفوا تجمعات قوات الأسد في بلدة قرفا واللواء 12بإزرع واللواء 15 بإنخل بالمدفعية». في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات بين فصائل معارضة بينها «جبهة النصرة» و «لواء شهداء اليرموك» التابع لتنظيم «داعش» في محيط قرية عين ذكر بريف درعا، وذلك بعد انتهاء المهلة التي أعطاها المعارضون لعناصر اللواء حتى يسلموا أنفسهم بعد مقتل قائدهم «أبو علي البريدي» يوم الأحد ب «عملية انغماسية» ل «جبهة النصرة». وذكرت «مسار برس» أن «لواء شهداء اليرموك» عيّن «أبو عبيدة قحطان» الذي يحمل الجنسية الأردنية قائداً جديداً للواء خلفاً للبريدي المعروف بلقب «الخال».