تمر الأسواق الناشئة بمرحلة صعبة، إذ تعاني البرازيل من أسوأ أزماتها منذ 80 سنة، في حين يتراجع الاقتصاد الروسي إلى نحو خمسة في المئة مقارنة بالعام الماضي، ويتواصل التباطؤ في الصين. وعلى رغم ذلك يبدو أن الهند هي البلد الوحيد الذي استطاع تحقيق نتائج اقتصادية جيدة. وأشار الخبيران في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد وجوردي روف في تقرير إلى أن «نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الهند تسارع في الربع الثالث من العام الحالي من 7 إلى 7.4 في المئة على أساس سنوي، وبينما واصلت الصادرات التراجع مؤثرة سلباً على النمو، بقي القطاع المحلي قوياً بسبب انتعاش الاستثمار ومرونة الاستهلاك الخاص». وأضاف التقرير: «نما الاستهلاك الخاص بمعدل 6.1 في المئة سنوياً خلال السنوات الثلاث الماضية، مرتفعاً 6.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الأخير، ولكن يعتبر الجزء الأفضل هو انتعاش الاستثمار الذي تصاعد بسرعة في الأرباع الثلاثة الأخيرة من 2.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الأخير عام 2014 إلى 6.8 في المئة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي». وعزا البنك المركزي تطوّر الاستثمار إلى انخفاض أسعار النفط وتوافر ظروف عمل أفضل نتيجة زيادة الإنفاق الرأسمالي العام وانخفاض أسعار الائتمان. ولاحظ التقرير أن «العام الماضي شهد تحسّن التضخم الذي يشكّل عائقاً تاريخياً رئيساً للنمو، بعد استقرار أسعار المواد الغذائية أساساً»، لافتاً إلى أن «انخفاض معدلات التضخم من 8 إلى 5 في المئة منذ مطلع عام 2014، أتاح للمركزي خفض المعدلات أربع مرات، وعمل على خفض معدل الإقراض 60 نقطة أساساً حتى الآن». وأضاف: «أظهر العجز المزدوج تحسناً ملحوظاً، يُعرف بتزامن العجز في الحساب الجاري والعجز المالي، ما يشكّل عادةّ عبئاً على الاقتصاد الهندي، إذ انخفض عجز الحساب الجاري من نحو 7 إلى 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العامين الماضيين، والعجز المالي من 5 إلى 3.4 في المئة من الناتج المحلي منذ مطلع عام 2014». واعتبر أن «التوقعات الاقتصادية للهند لا تخلو من الأخطار، إذ لن يتحقق النمو المستدام ما لم تطبق إصلاحات حاسمة للحدّ من الروتين وتعزيز الاستثمار». وأشار إلى أن «الحكومة خفّضت أخيراً القيود المفروضة على المستثمرين الأجانب، ولكن اثنين من أهم التدابير الحاسمة التي من شأنها تبسيط البيروقراطية والحد من الفساد لا يزالان قيد التعديل في مجلس الشيوخ، وهي متمثلة في فاتورة السلع والخدمات، إضافة إلى مشروع قانون استملاك الأراضي مجاناً لأغراض الصناعة». واعتبر التقرير أن «تقاعس الحكومة الهندية يعتبر السبب الرئيس للقلق، فضلاً عن أن الخطر الثاني هو سعر النفط، إذ ساعد انخفاض أسعار النفط إلى حدٍ كبير في تحسين التضخم والعجز المالي، إذ تدعم الحكومة البنزين وتعتبر الهند مستورداً رئيساً صافياً للنفط، أما إذا كانت الأسعار الى ارتفاع فإن إمكانات الإصلاح ستختفي وسط ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة وتزايد العجز المالي». ولفت إلى أن «أسعار الطاقة المنخفضة حرّرت موارد الحكومة وسمحت للبنك المركزي بالحفاظ على معدلات منخفضة، ما يساعد بدوره الاستثمار، ومع ذلك، لن تُدرك الهند إمكاناتها الحقيقية ما لم تنفُذ الحكومة الإصلاحات التي سبق ووعدت بها».