لا تكف الروائية زينب حفني عن مناكفة الرجال، وتتهمهم في كل مكان بأنهم يفرضون سطوتهم على المرأة. واستبعدت في حوار مع «الحياة» تولي المرأة السعودية كرسي رئاسة تحرير الصحف، حتّى لا تُشعل النيران من حولها وتُطالب بقلب الموازين لصالحها، مشيرة إلى أن المرأة ما زالت بعيدة عن صناعة القرار في المؤسسات الثقافية السعودية. وأرجعت شيوع الرواية النسائية الخليجية في العالم العربي، يعود الفضل فيه أولاً وأخيراً للروائيات السعوديات، اللواتي «حملن قلوبهن على أيديهن وقدّمن أعمالاً جريئة نتيجة القمع الاجتماعي الذي عشن فيه عقوداً طويلة». فإلى تفاصيل الحوار: إلى حد ما، أنت تعتبرين غزيرة الإنتاج، فأول كتاب صدر لك في عام 1993 واليوم تصل كتبك إلى 11 كتاباً، هل أنت كاتبة منظمة، أي تكتبين في ساعة محددة وعدد معين من الساعات، أم كيفما اتفق؟ إصداراتي تتراوح بين القصة والرواية والمقال الصحافي والأشعار النثرية، ولذا وصلت أعداد كتبي إلى أحد عشر كتاباً. أنا امرأة نهاريّة. ضوء الشمس يمنحني دفئاً أفتقده في حياتي ويُحفّزني على التحليق في عوالم خياليّة. لذا أنا أهوى الكتابة في وضح النهار ونسيم الصباح الندي يُداعب بحنو سطح وجهي. بعكس الليل الذي أجفل من التسكّع وحيدة في ظلامه، ويحثني على أن أندسّ داخل نفسي، وأضمُّ كتاباً غريباً إلى صدري لأكتشف أغواره حتّى منتصف الليل. ترين أن المرأة لم تأخذها حقها كاملاً بعد، وأن ظروفاً كثيرة تتضافر لحرمانها من هذا الحق، الآن وبعد كل هذه المتغيرات هل ما تزال المرأة تعاني أوضاعاً صعبة؟ - المرأة في كل العالم تُعاني من سطوة الرجل. لكن الفرق بيننا وبين المجتمعات المتحضرة أن هناك قوانين وضعية تحفظ حقوقها وهو ما نفتقده في مجتمعاتنا العربية وإن كانت بنسب متفاوتة. سأقول لك وبنبرة استحياء أن وضع المرأة في تقهقر على رغم الومضات الجميلة التي تنبثق بين حين وآخر في مجتمعنا السعودي، لكنها ومضات برقيّة لم تترك بعد أثراً بعيد المدى! وذلك يعود إلى عوامل كثيرة من الصعب سردها في سطور قليلة! تتهمك بعض النساء بأنك تغنين خارج السرب المتعارف عليه! وأن الكلام الذي يدور حول إقصائهن ليس سوى مؤامرة غربية خبيثة؟ - لا أعبأ بما تُردده أولاء النسوة. أنا أكتب عن واقع مُعاش تُحاول بعضهن إخفاءه أو ردمه تحت التراب بحجج واهية، تكمن في المحافظة على سمعة مجتمعنا كأنه معصوم من الخطايا! إذا كانت هناك مؤامرة فثق بأنها مؤامرة نابعة من زمرة أعراف وتقاليد عقيمة توارثناها ويرفض مجتمعنا التخلّي عنها، حتّى لا تقف المرأة في مواجهتها وتُعلن استقلالها. وقفت كثيراً مع الصحافية السعودية، هل ترين اليوم أنها نالت مكانتها وأصبحت تسهم في صناعة القرار داخل المؤسسات الصحافية؟ - أنا أرى أن المرأة ما زالت بعيدة عن صناعة القرار في المؤسسات الثقافية السعودية. واحتفاء الإعلام بتعيين امرأة كمديرة تحرير أو مُشرفة على صفحات نسائية أو عضوة في ناد أدبي، ما هي إلا عمليات تمويه سطحيّة، ورمي بفتات يابس تلتهي فيه حتّى تكفَّ عن طلب المزيد! وما يتردد هنا وهناك، وما يُقال عن وجوب تعيين المرأة كرئيسة تحرير لصحيفة محلية، هو حديث مُضحك! الرجل ما زال متشبثاً بمواقعه من ناحية ومن ناحية ثانية المجتمع السعودي يرفض أغلبيته ترك زمام القيادة بيد المرأة لعدم ثقته بمؤهلاتها الفكرية والثقافيّة! ومن ناحية ثالثة المؤسسة الدينية لن تسمح بأن تجلس المرأة على كرسي رئاسة التحرير حتّى لا تُشعل النيران من حولها وتُطالب بقلب الموازين لمصلحتها. من خلال متابعتك للمشهد الروائي في السعودية، كيف ترينه؟ هل تعتقدين بوجود روايات تضاهي مثيلاتها في الوطن العربي، هل استطاعت الرواية في السعودية كشف المستور، من دون أن تضحي بالجوانب الفنية؟ - سؤالك يتخلله خبث صحافي! نعم بالتأكيد هناك روايات تُضاهي مثيلاتها في العالم العربي وإن كانت قليلة مُقارنة بما تُخرجه دور النشر العربية في البلدان العربية الأخرى التي سبقتنا بعقود إلى عالم الرواية والقصة القصيرة. لكن لا تنس أن شيوع الرواية النسائية الخليجية تحديداً في العالم العربي، يعود الفضل فيه أولاً وأخيراً للروائيات السعوديات اللواتي حملن قلوبهن على أيديهن وقدّمن أعمالاً جريئة نتيجة القمع الاجتماعي الذي عشن فيه عقوداً طويلة! هذا لا يعني أن الروايات النسائية السعودية جميعها تحظى بمباركة الجمهور العربي وبرضا كامل من ناحية جودتها الفنية! بل يجب الاعتراف أن أغلبيتها تفتقد لأبسط مقومات العمل الروائي!