بدّد محافظ جدة رئيس اللجنة العليا لمعرض جدة الدولي للكتاب الأمير مشعل بن ماجد المخاوف من أن يعود معرض جدة الدولي للكتاب إلى عدم الانتظام. ووعد في حوار مع «الحياة» أن يكون المعرض الذي سينطلق يوم الجمعة المقبل، ويشارك فيه عدد كبير من دور النشر، حدثاً نوعياً يقفز بصناعة معارض الكتاب في المنطقة إلى حدود ثقافية جديدة. وأكد الأمير مشعل تكاتف جهود المشاركين في مختلف فرق العمل والقطاعات، والسعي إلى إنجاح الحدث وإبرازه بشكل احترافي ومهني، وتكريس الصورة الإيجابية عن المملكة ومدينة جدة من النواحي كافة. وكشف عن خطة طويلة المدى، مقسمة إلى دورة خماسية، أي كل خمس سنوات، مجموعة من معارض الكتاب، من أجل ضمان الاستمرارية، وتوحيد الهوية الثقافية للكتاب، موضحاً أن المجتمع السعودي تواق إلى اقتناء الكتب، إضافة إلى العارضين الذين يريدون عرض كتبهم في معرض جدة.. إلى نص الحوار: مدينة جدة تعتبر حاضرة الثقافة في الماضي والحاضر، كيف ترون مستقبل هذه المدينة التي تعتبر رائدة في التنوير؟ - اليوم وبعد الموافقة السامية الكريمة على إقامة الدورة الأولى لمعرض جدة الدولي للكتاب لخمس دورات، وبمتابعة وتوجيه دائمين من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، نحن في محافظة جدة نؤكد سعينا الدائم لبناء الإنسان وعقله وفكره وثقافته، وكما اهتممنا بالتنمية والبنية التحتية لجدة الموجهة لخدمة سكانها وتحقيق جودة الحياة لهم، كذلك نحن اليوم من خلال حزمة من المشاريع الثقافية والفكرية والسياحية التي تعمل طوال العام، نسعى لأن تكون جدة المنصة الرئيسة للمنتديات والمهرجانات والفعاليات والمبادرات والبرامج الثقافية التي تترجم ما تحتضنه «عروس البحر الأحمر» من مقومات ومخزون ثقافي وإرث حضاري كبير، وترسم تفاصيل التطور الاقتصادي والثقافي الكبير الذي تعيشه، وكونها مدينة فريدة ذات ثراء لا حدود له، فهي مدينة بحرية فريدة وتجارية وسياحية وطبية وتعليمية، وها هي اليوم تؤكد أنها مدينة جاذبة للثقافة والكتاب، لذلك فمن المؤكد تزايد أهميتها عاماً بعد عام لتكون مركزاً كبيراً للمال والأعمال والفعاليات الثقافية والسياحية والاقتصادية. من الأمور الجيدة التي ترسخ الدور الثقافي الرائد لمدينة جدة عودة معرض الكتاب، كيف ترون هذه الخطوة التي قوبلت بالترحاب الكبير من المثقفين؟ يعود معرض جدة الدولي للكتاب من جديد، ومدينة جدة تكاد تستكمل بنيتها التحتية التي أعادت رسمها خلال السنوات الماضية بجهود ومتابعة جبارة، لتصبح جدة مدينة المواسم الزاخرة بالفكر والمعرفة والثقافة والفعاليات المنوعة، ولا شك في أن المعرض في حد ذاته ليس إلا واحداً من البرامج والمشاريع الكبرى في جدة، التي تستهدف فئات عدة في المجتمع، بدءاً من الطالب في مدرسته وجامعته إلى المثقف والكاتب والشاعر، وأصحاب الأعمال والمتخصصين، وليس انتهاء برب وربة الأسرة، لذلك فهو فعالية كبرى تستهدف الجميع بلا استثناء بكل فئاتهم. وكونه يحمل الصفة الدولية، فهذا دليل على المكانة الرفيعة للمملكة بمثقفيها وأدبائها، وقناعة العارضين بأن السعوديين شعب يحب الكتاب والقراءة، ويحدونا الأمل بأن يكون المعرض أحد أبرز معارض الكتاب في المنطقة كلها، وأن تمثل دورة هذا العام نقطة انطلاق لأن تصبح جدة مركزاً ثقافية رئيساً ورقماً في تجارة ونشر الكتب العربية، ونقطة مرجعية لترويجها وللناشرين والموزعين في المنطقة، وهو فرصة للإفادة والمشاركة الفاعلة، لاسيما أن معارض الكتب الدولية باتت ساحة منافسة لاجتذاب أكبر عدد من الرواد، الذين لا يقبلون على المعرض إلا بعد معرفتهم بحجم الكتب المعروضة وتنوعها ودور النشر المشتركة فيها ونوعياتها، إلى جانب ما تضيفه للمعرفة والفكر والثقافة من خلال الندوات والمحاضرات والملتقيات الثقافية، التي تعقد على هامشها لبحث كل ما يمكن أن يطور صناعة الكتاب وترويجه. هناك تخوف من أن يعود المعرض إلى عدم الانتظام كما حدث في السابق، فهل من ضمانات لانتظامه سنوياً؟ _ الخطة التي عملنا عليها خطة طويلة المدى، وهي مقسمة لدورة خماسية، أي كل خمس سنوات مجموعة من معارض الكتاب، تتلوها بإذن الله دورات أخرى مثلها، وهكذا، حتى نضمن الاستمرارية، وتوحيد الهوية الثقافية للكتاب، واليوم من خلال الاستقصاء الذي تصلنا نتائجه يومياً عن المعرض، نجد أن المجتمع السعودي تواق لاقتناء الكتب، إضافة إلى العارضين الذين يريدون عرض كتبهم في معرض جدة، إذ إن الطرفين يبحثان عن الالتقاء في جدة، ونحن سنهيئ لهم ذلك بطريقة مشرفة وحديثة. كيف تسير الترتيبات لانطلاق المعرض، خصوصاً أنها تأتي بعد انقطاع سنوات؟ نحن وبجهود كل العاملين والفرق التي انتظمت منذ فترة طويلة لإنجاح المعرض وفعالياته، وأنا أتحدث اليوم باسمهم ونيابة عنهم، نعد بأن يكون المعرض لافتاً وحدثاً نوعياً يقفز بصناعة معارض الكتاب في المنطقة إلى حدود ثقافية جديدة. وبتكاتف جهود المشاركين في مختلف فرق العمل والقطاعات نسعى من خلال آلاف التفاصيل الصغيرة لإنجاح الحدث وإبرازه بشكل احترافي ومهني وتكريس الصورة الإيجابية عن المملكة ومدينة جدة من النواحي كافة، بما يخدم أهدافه ورسالته وتطلعاته نحو تقديم الثقافة بأجمل صورها وأشكالها، وهذه التظاهرة الثقافية تشهد مشاركة محلية وعربية وعالمية من دور النشر المختلفة، وتحظى بمشاركة عدد كبير من دول العالم الخليجية والعربية والعالمية من خلال مئات من دور النشر، في منظومة متكاملة من الأنشطة والبرامج ستُقدم على مساحة 20 ألف متر مربع، بهدف تنمية الحس المعرفي بالكتاب وإثراء الفكر والثقافة والبحث العلمي بمزيد من القراءة والاطلاع والرقي بصناعة النشر والتأليف. ما رأيكم حول فرص المعرض في تحقيق نجاح على صعيد القوة الشرائية كمعرض الرياض؟ المعرض المزمع إقامته بصورة دورية يؤكد الحرص على نشر الثقافة وفتح الآفاق أمام الجميع، ونطمح لأن يكون أكثر معارض الكتب سرعة في النمو، وأن تزيد مساحته عاماً بعد عام إضافة إلى دور النشر والكتب المعروضة فيه سنوياً، إلى جانب مساعي اجتذابه أعداداً ضخمة من الناشرين وكبريات دور النشر العالمية وموزعي الكتب والقراء من كل الأرجاء للحضور في هذا الحدث النشط والمهم، كما أنني أؤكد أن المعرض يمثل فرصة مهمة لعشاق القراءة لاختيار ما يناسبهم من بين مجموعات شديدة الغنى والتنوع من الكتب في شتى ميادين المعرفة، وجدة بطبيعتها تعد واجهة سياحية رئيسة في المملكة تستقطب نحو ملايين الزوار سنوياً، تتعدد أغراض زيارتهم ما بين الترفيه، وقضاء العطلات، والتسوق، والطريق لأداء مناسك العمرة أو الحج، وباتت وجهة مهمة ورئيسة محلياً وخليجياً، والحيوية الذي تحظى بها والقوة الشرائية فيها، عوامل تدعم نجاح مثل تلك الفعاليات، ولا توجد فعالية أو نشاط من دون هدف، والعمل على نمو وتطوير القطاعات ومن ضمنها تنظيم الفعاليات والمعارض، وفق أجندة على مدار العام لهذه الأنشطة وبتنظيم ودعم هذه الفعاليات يساعد في إحداث حراك دائم بوجود مستهلكين ووجود منتجين ومقدمي خدمة، ويصب في مصلحة التواصل وخلق الأسواق طوال العام امتداداً لطبيعة مدينة جدة المتحركة والحيوية، وهذه الأنشطة ضمن منظومة العمل الاقتصادي وتلبية الحاجات بجانب ما تزخر به من زخم، ونعيش بفضل الله دعماً كبيراً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد الله، إلى جانب إمارة منطقة مكةالمكرمة وعلى رأسها مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل، وهناك شركاء نجاحات، ومن خلال منظومة العمل المتكاملة يمكننا تحقيق النجاح. هل من مهام إدارة المعرض التفكير في كيفية جذب الزوار؟ بالطبع المعرض يقوم على مجموعة من الأفكار الحديثة، من خلال اختيار موقع مناسب، يسهل الوصول إليه، إضافة إلى توظيف أمثل للتقنيات الحديثة المستخدمة في العرض، وكذلك التقسيمات الداخلية التي تجعل من الزائر قادراً على الوصول للكتاب أو الخدمة التي يريدها بسهولة ويسر، كذلك خدمات ما بعد البيع التي سيجدها القارئ من خلال وصول الكتاب إليه بحسب عنوانه البريدي لو أراد ذلك، كما أن المعرض يمتلك حصة تسويقية وإعلانية كبيرة تقوم عليها كفاءات وطنية، وبمشاركة فاعلة من وزارة الثقافة والإعلام، للوصول إلى أكبر عدد من المستهدفين، المهتمين بزيارة المعرض. ماذا عن البرنامج الثقافي؟ وهل ستتوسعون في دعوة الأدباء من داخل وخارج المملكة؟ هناك برنامج ثقافي وفعاليات تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام، والمعرض سيكون زاخراً بالفعاليات والأنشطة والبرامج الثقافية المتنوعة التي تعمل عليها الوزارة من خلال فريق متخصص، لتزيد في الدورات المقبلة كماً ونوعاً، ولتتعدد الندوات الفكرية والثقافية وأمسيات الشعر والحوارات باستضافة مختلف المبدعين من عالم القراءة والثقافة من داخل المملكة، فمثل هذه الأنشطة والفعاليات تسهم في الارتقاء بالمستوى الثقافي، وتحوله محطة تبادل معارف وخبرات، ومنبراً وملتقى أساسياً للمثقفين، وما من شك في أن المعرض ليس للترويج وتسويق الكتب فقط؛ بل معرض مهني وأدبي ومهرجان للقراءة، وملتقى للمؤلفين والكتاب والأدباء، وهو يعتبر مهرجاناً ثقافياً يستضيف العديد من الأنشطة، ومن هنا كان السعي إلى جعله مهرجاناً ثقافياً كبيراً ومفيداً للزوار، الأمر الذي يتطلب رفد تلك الأنشطة بالمساهمات الفكرية والثقافية والكتابية، والتنويع فيها وفي مجالات التخصص، لذلك حضورهم وإقامة الحوار بينهم وبين قرائهم يثري المعرفة ويدفع باتجاه الارتقاء بالثقافة. هل ستتوسع الخيارات المعروضة من الكتب لتشمل أطيافاً أوسع - ضمن إطار أنظمة المملكة - أم أن الخيارات ستكون محدودة؟ معارض الكتاب لها سمتها الدائمة، فهي ملتقى للكتاب وناشريه وطالبيه، وهذه المعادلة تضمن أن الخيارات واسعة أمام القارئ السعودي، فدور النشر العربية والعالمية المشاركة ستتيح له الاطلاع على الكتاب الذي لا يستطيع اقتناءه لبعد نشره في دولة بعيدة عنه، ولذلك نحن نقرب المسافات، ونسعى لزيادة عدد الكتب وعدد دور النشر والعناوين التي تظهر في هذا المعرض، وفي معرض هذا العام مثلاً تشارك دور نشر من دول مختلفة، ويستعرض المعرض كتباً في شتى ميادين المعرفة المقبولة اجتماعياً ودينياً، ومن هنا كان السعي إلى جعله معرضاً كبيراً ومفيداً للزوار، يلبي حاجة المجتمع في الاطلاع على مصادر المعرفة كافة وعلى ثقافات الشعوب، ونحن على يقين بأنه كلما ازداد نطاق المشاركة في المعرض، عاد ذلك بإيجابية على الثقافة والكاتب. توقعات بتحقيق أرقام قياسية في عدد دور النشر المشاركة أوضح محافظ جدة رئيس اللجنة العليا لمعرض جدة الدولي للكتاب الأمير مشعل بن ماجد، أن أحد أهداف المعرض إن لم يكن الهدف الرئيس، «هو العمل على تشجيع القراءة والإقبال عليها بين أفراد المجتمع، إلى جانب تشجيع النشر والتبادل الثقافي». وتوقع تسجيل المعرض «أرقاماً قياسية في عدد دور النشر محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً، فنسبة تسجيل دور النشر وصلت إلى نحو أكثر 140 في المئة، إذ إن الناشرين يرغبون في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء والمهتمين بعالم الكتابة وحب الكلمة المقروءة، ولديهم تنوع في الكتابات والمؤلفات، ويحاولون أن يكونوا حاضرين في كل مجالات الكتابة والتأليف، بما يضمن وصولهم إلى كل الفئات والشرائح المهتمة بعالم الكتابة والقراءة والتأليف؛ تلبية لحاجات وطموحات القراء وأعمارهم». وعما إذا كان المعرض يفكر في تأسيس جائزة للكتاب على غرار معرض الرياض، لفت الأمير مشعل إلى وجود مقترحات عدة في هذا الصدد، «سينفذ منها البعض في الدورة الأولى الجديدة، والبعض منها سينفذ في الدورات المقبلة، المهم أن تكون أفكاراً تخدم المعرض وزواره». وفي ما يخص خطة إعلامية للترويج للمعرض وفعالياته، قال: «نحن على ثقة بأن هذا المعرض هو في النهاية معرض يتطلع إليه الجميع وتنجذب إليه وسائل الإعلام لأنه جزء من هويتها وأهدافها ورسالتها، ونحن نعول كثيراً على مشاركة وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والرسالة الملقاة على عاتقهم لإبراز المعرض بشكل احترافي ومهني ونشر وإبراز الصورة الإيجابية عنه من النواحي كافة، ومسعى اللجنة المنظمة في هذا الجانب خدمة أهداف المعرض ورسالته وتطلعاته نحو تقديم الثقافة ونجاح جدة في تنظيم الفعاليات، والإسهام في نشر الثقافة والقراءة وعالم الكتب والنشر والمعارض إلى أفق أكثر عمقاً ورحابة»، مشيراً إلى أن هناك مركزاً إعلامياً يُنشأ على أرض المعرض، «لتقديم التسهيلات والخدمات الإعلامية لجميع وسائل الإعلام والتواصل معها بشكل احترافي ومهني والتنسيق مع ممثلي وسائل الإعلام طوال فترة انعقاد المعرض لنشر وإبراز الصورة الإيجابية عن المعرض من كل النواحي، بما يخدم رسالته وأهدافه».