هاجم وزير جزائري مقرب من الدائرة الرئاسية، بأشد العبارات، التصريحات المثيرة لمدير الاستخبارات العسكرية المعزول الفريق محمد مدين (توفيق) الذي هاجم الحكم القضائي بسجن الجنرال حسان، مسؤول مكافحة الإرهاب السابق لخمس سنوات. وعكس رد الوزير عدم استساغة الرئاسة لخروج الفريق مدين إلى العلن بعدما ظل صامتاً في الظل لربع قرن من الزمن. وأعرب وزير الاتصال حميد قرين باسم الحكومة الجزائرية عن استغرابه من خرق الجنرال توفيق، واجب التحفظ، بتشكيكه في قرارات العدالة، داعياً المسؤول العسكري السابق إلى «تحمل مسؤولياته عما يصدر منه، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة». ورأى محللون إن الرد السريع من وزير الاتصال تم بتكليف من رئاسة الجمهورية التي أعابت بشدة على الجنرال المعزول «انتقاده لحكم قضائي في فترة تواجد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في فرنسا في زيارة علاج»، علماً أن بوتفليقة عاد إلى الجزائر أول من أمس. وأكد الوزير قرين إنه «لا يعتبر تصريحات الفريق محمد مدين حيادية، بقدر ما يراها عنيفة جداً»، وتساءل: «عندما يتم التشكيك في أحكام العدالة من جانب الجنرال توفيق، فماذا يفعل الشاب الذي لا يملك وعي الجنرال؟». وكان واضحاً حجم الغضب لدى الدوائر الرئاسية من تصريحات «توفيق» الذي ظل يوصف بالحاكم الفعلي للبلاد حتى في فترة حكم بوتفليقة. وشنت وسائل إعلام خاصة مقربة من الموالاة، حملة انتقاد شديدة ضد مدير الاستخبارات العسكرية السابق والذي كان الإعلام الجزائري لا يتجرأ حتى على ذكر اسمه ومنصبه في سنوات خلت. وتؤشر تصريحات وزير الإعلام الجزائري إلى غضب رسمي في أعلى هرم السلطة من الظهور الإعلامي غير المسبوق لمدير الاستخبارات العسكرية المتقاعد والذي يشاع أنه على خلاف مع بوتفليقة. ويدل تصريح «توفيق» على صحة ما يشاع عن خلافه مع الرئيس، خصوصاً أن الجنرال المتقاعد انتقد توجيه التهمة من الأساس للجنرال حسان، وقصد الجهة التي وجهت التهمة وهي وزير الدفاع (رئيس الجمهورية) الذي يختص حصراً بمتابعة كبار الضباط قضائياً. وأثار طعن «صانع الرؤساء» في حكم القضاء الذي دان الجنرال حسان واسمه الحقيقي عبد القادر آيت واعرابي، دهشة وذهولاً في البلاد، وفهمته أطراف سياسية محسوبة على الموالاة بأنه تحريض على رفض قرارات صادرة عن هيئة قضائية مستقلة، لا سيما أنه يأتي مشابهاً لرسالة سابقة لوزير الدفاع السابق خالد نزار. ويعد تعليق وزير الاتصالات ليل السبت، على موقف الجنرال توفيق، أولَ رد فعل رسمي يصدر عن السلطة، ما يعني برأي مراقبين أن القضية ستكون لها أبعاد أخرى، خصوصاً أن المسألة عمّقت الخلاف القائم بين الرئاسة والاستخبارات. وتعيش الجزائر منذ أيام على وقع مشاحنات سياسية بين المعارضة والموالاة على خلفية مشروع الموازنة الجديدة، لكن حرباً كلامية نشبت بين زعيم حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم عمار سعداني ورئيسة «حزب العمال» لويزة حنون، ساهمت في إذكاء الصراع.