كشف تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أن نقاط الضعف التي يعاني منها جهاز الأمن الأوروبي، هي السبب وراء تمكن الإرهابيين من تنفيذ الاعتدءات التي وقعت في باريس الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً. وأوضح التقرير ان عوامل داخلية عدة مهدت الطريق أمام مدبري اعتداءات باريس، منها فقر تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية، والنظام الأوروبي الضعيف في ما يتعلق بمراقبة تنقل المشتبه فيهم عبر الحدود، بالإضافة إلى فشل السلطات الأوروبية في السيطرة على قائمة طويلة من المتطرفين الموجودين على أراضيها. وكشفت الصحيفة ان منفذي الاعتداءات كانوا يتنقلون بحرية بين الحدود الأوروبية من دون أي عوائق تُذكر، فيما سافر خمسة منهم إلى سورية، وعادوا من دون أن يُوضعوا تحت نظام مراقبة معين، على رغم تحذير مسؤولين أوروبيين من تنفيذ المواطينين الأوروبيين العائدين من سورية، اعتدءات ضد مدنيين. ويرى خبراء أمنيون أوروبيون أن عيوب الجهاز الأمني في القارة العجوز أصبحت واضحة للعيان أكثر من أي وقت مضى، في ظل عدم وجود خطة واضحة لإصلاحها. واعتبر رئيس «مجلس دراسة وتحليل الإرهاب» في باريس جان شارلز بريسار ان «أجهزة الاستخبارات الحالية تفتقد إلى وجود أدوات وخطط أكثر وضوحاً للتعامل مع تهديدات الإرهاب»، مضيفاً: «حالياً، نحن مصابون بالعمى». ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في أحد أجهزة الاستخبارات الأوروبية طلب عدم ذكر اسمه قوله إن على الإوروبيين «تحديد الخطأ وإصلاحه بسرعة، لأن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سيحاول تنفيذ اعتداءات إرهابية أخرى في أوروبا». ويتوقع مراقبون أمنيون وقوع اعتداءات إرهابية خلال الأشهر المقبلة في مدن أوروبية عدة، خصوصاً بعد الاعتداءات المتتالية التي وقعت العام الحالي في كل من باريس وكوبنهاغن. وكشفت الصحيفة أن عدم التوافق بين حجم التهديد واستجابة أوروبا له، ساهم في استقالة عددٍ من المختصين في مجال مكافحة الإرهاب. ويقارن التقرير بين رد الفعل الأميركي بعد هجوم 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وبين نظيره الأوروبي في أعقاب الاعتداءات الإرهابية المتكررة على أوروبا. فبينما تعهد المسؤولون الأميركيون القيام بكل ما هو ممكن لمنع تكرار الهجوم، لا يستطيع القادة الأوروبيين إعلان تعهّدات مشابهة بسبب الثغرات البنيوية التي يعانيها نظامهم الأمني، وعدم امتلاكهم حلولاً قوية لمواجهة التهديد الذي تمر به حالياً القارة الأوروبية، والذي يُعد أحد أخطر التهديدات منذ عقود. وقال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الفرنسي الداخلي برنارد سكوارسيني، الذي يدير حالياً مكتب شركة «اركانوم» الأميركية في باريس المختصة في شؤون الأمن والاستخبارات، إن «نظام الاستخبارات الذي كان ناجعاً في الماضي لم يعد صالحاً في الوقت الحالي.. فنحن نتعامل مع عدو يتميز بالدهاء والمكر». وعقد وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في بروكسيل لتعزيز الرد الأوروبي على التهديدات الإرهابية، بعد اعتداءات باريس. فأقر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بأن نظام «شنغن» (حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي) سيتأثر ما لم تتحمل أوروبا مسؤولياتها.