لم تختلف المطالب التي تضمنتها صفقة التبادل بين لبنان و«جبهة النصرة» السورية لإطلاق العسكريين المخطوفين لدى الأخيرة والتي دخلت حيز التنفيذ أمس، عما كانت الجبهة تطالب به منذ اللحظة الأولى لارتكابها فعل الخطف للعسكريين اللبنانيين قبل سنة وأربعة اشهر. أحد أعضاء «ترويكا التفاوض الميداني» عن الجانب اللبناني ممثل مؤسسة «لايف» الناشط الحقوقي نبيل الحلبي تلا من موقع التسلم والتسليم في منطقة وادي حميد الواقعة على أطراف بلدة عرسال الحدودية والتي تربط البلدة بجردها الذي ينتشر فيه مسلحو «النصرة» و«داعش» ومجموعات مسلحة سورية أخرى ومئات من اللاجئين السوريين المدنيين اليها، بنود الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بين الدولة اللبنانية الممثلة بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم و«جبهة النصرة» بوساطة قطرية والتي نصت على: «فتح ممر إلزامي آمن بين مخيم اللاجئين في الجرود وبين عرسال بشكل دائم ما سيؤدي الى تخفيف عملية الاحتقان بين اللاجئين والقوى الأمنية، تأمين إغاثة بشكل شهري الى اللاجئين في جرود عرسال من خلال الهيئات الانسانية، إجلاء الجرحى المدنيين (من الجرود) وتسهيل دخولهم الى مشافي عرسال بحيث سيتم الاطلاع على لائحة بأسماء الجرحى وتسوية أوضاعهم للمعالجة داخل الاراضي اللبنانية، تأمين المواد الطبية وتجهيز مشفى عرسال، جعل منطقة وادي حميد منطقة آمنة ومتابعة الاوضاع الانسانية والقانونية للاجئين». أسئلة كثيرة لم تجد أجوبة عليها أمس، في ظل انهماك الجميع في إيصال الامور الى نهاياتها السعيدة، ولو كانت منقوصة بسبب بقاء مصير المخطوفين لدى «داعش» مجهولي المصير. والبنود المعلنة رافقتها بنود أخرى جرى التكتم عليها. وقال الشيخ مصطفى الحجيري، العضو الثاني في ترويكا التفاوض وهو المطلوب الى القضاء اللبناني، ل«الحياة» انها شملت إطلاق عائلتين من النساء من سجون النظام السوري عمل اللواء ابراهيم على التواصل مع النظام لاطلاقهما وتم تسليمهما الى أهلهما داخل سورية وتحديداً في تلة فيتا. وأكد ان العائلتين لم ترتكبا أي جرم وتوقيفهما من قبل النظام السوري كان من دون سبب. وجدّد الحجيري استعداده للمساهمة في الافراج عن العسكريين لدى «داعش»، وشكر في ظهور علني له من موقع التسلم والتسليم، «وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي واكب الملف منذ بدايته والنائب وليد جنبلاط الداعم الخلفي، والشكر الكبير لجهود اللواء ابراهيم». واوضحت مصادر ل«الحياة» على اطلاع على الصفقة التي حصلت انه «صحيح ان مطالب النصرة لم تختلف عما كانت عليه منذ البداية لكن الملف بات عبئاً على هذه الجبهة وبات ثمن الاحتفاظ بالعسكريين كبيراً عليها وعلى اللاجئين في لبنان في وقت يعتقدون ان معركتهم مع الداخل، مثلما اصبح هذا الملف في المقابل عبئاً على الدولة اللبنانية وكل هذا ساهم في تسريع الصفقة وإنضاجها وكانت خلية الازمة المؤلفة نن كل الاطياف اللبنانية توافقت على مبدأ المقايضة». وعلمت «الحياة» ان التلي جمع ليل أول من أمس، أعيان القلمون وسألهم عن مطالبهم وكان إجماع على إعطائه التفويض لاطلاق التسوية وقالوا: نريد حلاً، وكانت «النية» هي مفتاح الحل. والصفقة شملت بشقها المعلن إطلاق 16 هم كل المخطوفين لدى «النصرة» مقابل إطلاق 13 شخصاً بينهم نساء. والنساء هم : سجى الدليمي(عراقية)الوحيدة التي ظهرت امام الكاميرات وتحدثت محاطة باطفالها. وكانت تخضع للمحاكمة بتهمة الانتماء الى تنظيم ارهابي وتزوير اوراق وهي طليقة زعيم تنظيم «داعش» ابو بكر البغدادي وكانت حددت لها المحكمة العسكرية جلسة لاستجوابها في 28 الجاري. وسمر الهندي كانت اوقفت في عرسال وهي من التل في ريف دمشق وهي مدينة ابو مالك التلي وكانت موقوفة لدى الامن العام، من دون ان يكون بحقها اي اتهام، وليلى النجار وهي زوجة شقيق زوج علا العقيلي، كانت اوقفت في شمال لبنان وموقوفة لدى الامن العام ولم توجه اليها اي تهمة وهي ايضاً من التل. وذكرت مصادر متابعة لصفقة التبادل ان الهندي والنجار كانتا اوقفتا للضغط علي ابو مالك التلي. وجمانة حميد وهي كانت أُوقفت من قبل الجيش على حاجز اللبوة عندما كانت تقود سيارة مفخخة. ولم تسق الى جلسة محاكمتها منذ 3 أشهر وكان من المقرر أن تساق الى جلسة حددت الاثنين المقبل وهي موقوفة لدى الامن العام. علا العقيلي (سورية)وهي زوجة أنس شركس الملقب ب«ابو علي الشيشاني» وكانت موقوفة لدى الامن العام ولم يتم الادعاء عليها، أما الرجال فهم 8 موقوفين بينهم 6 سوريين وهم: محمد يحيي ويعتبر الأمير الشرعي ل«النصرة» التحق بهذا التنظيم في العام 2013 وكان يجول في عرسال وهو يطوق نفسه بحزام ناسف لانه كان يعتبر نفسه «رجل دعوة ويجب ان يضع مثل هذا الحزام تحسباً لتوقيفه». وكان خضع للإستجواب في المحكمة العسكرية في العام الحالي وأُجلت جلسته الى 5 شباط (فبراير) المقبل، ومحمد حسين رحال ومحمد أحمد ياسين وعبدالمجيد غضبان وهؤلاء يحاكمون من قبل المجلس العدلي في قضية «فتح الاسلام» ، وحسين أحمد الحجيري وهو موقوف في ملف الاستونيين، وإيهاب الحلاق وهو لبناني يحمل الجنسية السويدية وجاء من السويد الى سورية بحجة الاغاثة وبايع «النصرة» بحسب قوله لانه خاف منهم وكان يحاكم الى جانب صهره السوري عبيدالله زعيتر وهو مسؤول اعلامي في «النصرة» وتهمته انه كان صور عملية اعدام بالرصاص، وقاد سيارة مفخخة فجرت في النبي عثمان، والاخير لم يرد اسمه على لائحة الصفقة. وبقي موقوفاً، أما الحلاق فكان من المقرر ان يساق الجمعة الماضي الى المحاكمة الا ان الامر لم يتم اذ كانت بدأت عملية تنفيذ صفقة التبادل. وهناك موقوفان آخران شملتهم الصفقة هما: محمد عياش ومحمد علي نجم. إبراهيم: التبادل تم بشروط تحفظ السيادة - اعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ان عملية التبادل «تمت بشروط تحفظ سيادتنا وأقل من ذلك لا يمكن». وقال في تصريح من نقطة تبادل العسكريين المحررين في البقاع: «لا داعي للشكر هذه واجباتنا، ومبروك لكل لبنان وليس لنا فقط. والفرحة لن تكتمل الا بتحرير العسكريين لدى داعش». وأكد «الجاهزية للتفاوض مع داعش اذا وجدنا من نتفاوض معه». وحول قرار السجناء المفرج عنهم البقاء في لبنان، اكد ابراهيم انه «يمكنهم البقاء في لبنان، لأن لبنان بلد الحرية، اهلا وسهلا». وكانت المديرية العامة للأمن العام اعلنت في بيان انه «تتويجاً للجهود التي قامت بها المديرية بشخص مديرها العام اللواء ابراهيم مكلفاً من الحكومة، تمت ظهر اليوم (امس) عملية تحرير 16 عسكرياً كانوا مختطفين لدى «جبهة النصرة» في جرود عرسال وهم الآن في عهدة الأمن العام». وإذ شكرت المديرية «كل الذين ساهموا في إنجاز هذه العملية الإنسانية والوطنية»، أكدت «أنها لن تألو جهداً في العمل على استعادة العسكريين المخطوفين لدى داعش».