يترقب اللبنانيون منذ صباح أمس الإفراج عن عسكريين محتجزين منذ أكثر من سنة لدى جبهة النصرة، بعد التوصل إلى تسوية اصطدمت بعراقيل «في اللحظات الأخيرة»، بحسب ما ذكر مصدر أمني. وشهدت بلدة عرسال الحدودية مع سوريا (شرقاً) حركة مواكب أمنية منذ ساعات الصباح مع إجراءات مشددة على الطريق المؤدية إليها، تزامناً مع استنفار إعلامي. وتوجه عدد من أهالي العسكريين المخطوفين إلى البلدة في انتظار إتمام صفقة تبادل بين الأمن العام اللبناني من جهة، وجبهة النصرة التي تحتجز 16 عسكرياً لديها منذ صيف 2014 من جهة ثانية. وقال المصدر الأمني «أدت عقبات في اللحظات الأخيرة إلى تأخير إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين بعد إضافة جبهة النصرة شروطاً جديدة لم يحدد الأمن العام اللبناني موقفه النهائي منها بعد، ما أدى إلى عرقلة إتمام الصفقة حتى اللحظة». ووقعت في الثاني من أغسطس 2014 معارك عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن داخل مخيمات للاجئين في بلدة عرسال استمرت أياماً، وانتهت بإخراج المسلحين من البلدة، لكنهم اقتادوا معهم عدداً من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي. وقتل الخاطفون أربعة من الرهائن ولا يزالون يحتفظون ب 25 منهم، 16 لدى جبهة النصرة وتسعة لدى تنظيم الدولة الإسلامية. ونظمت جبهة النصرة مرات عدة لقاءات بين أهالي العسكريين وأبنائهم في جرود القلمون، بينما لا يعرف شيء عن المحتجزين لدى تنظيم داعش. وتعثرت في وقت سابق جولات عدة من التفاوض دخل على خطها مفاوضون قطريون. إلا أنها المرة الأولى التي تبدو الصفقة على وشك أن تتم. وأوضحت مصادر أمنية أن الصفقة الحالية التي أبرمها الأمن العام مع ممثل عن جبهة النصرة تتضمن بنوداً عدة، أبرزها إفراج التنظيم عن العسكريين المخطوفين مقابل تسلمه من السلطات اللبنانية عدداً من السجينات والسجناء القريبين منه، بحسب مصادر أمنية. ومن أبرز هؤلاء، بحسب المصادر نفسها، جمانة حميد، وهي لبنانية من عرسال أوقفت في فبراير 2014 بينما كانت تقود سيارة مفخخة، وسجى الدليمي وهي عراقية وزوجة سابقة لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي، وأوقفت في نهاية العام 2014، وعلا العقيلي التي أوقفت في الفترة نفسها وهي زوجة أحد قياديي جبهة النصرة، بالإضافة إلى شقيقة أمير جبهة النصرة في منطقة القلمون أبي مالك الشامي (المعروف أيضاً بأبي مالك التلي) المسجونة في سوريا. وبحسب المصدر الأمني، أن صفقة التبادل تأخرت نتيجة «مطالبة جبهة النصرة السلطات اللبنانية بالإفراج عن سجناء جدد لم تكن أسماؤهم مدرجة على القائمة، التي تم التفاوض حولها». وتتضمن بنود الصفقة أيضاً بحسب مصادر أمنية، سماح الجانب اللبناني بدخول جرحى من الجانب السوري إلى عرسال لتلقي العلاج، ونقل جرحى من الزبداني في ريف دمشق المحاصرة من قوات النظام وحليفه حزب الله اللبناني، عبر مطار بيروت إلى تركيا، بالإضافة إلى إدخال شاحنات مؤن إلى جرود عرسال، حيث يتحصن مقاتلو النصرة في المنطقة الحدودية بين لبنانوسوريا. وتوجهت عشرات الشاحنات، التي كانت محملة بالمؤن قبل الظهر إلى عرسال، ثم عادت أدراجها بعد الظهر دون إفراغ حمولاتها إلى بلدة اللبوة المجاورة. وبين عرسال ووسط بيروت، حيث ينفذون اعتصاماً داخل خيم منذ أشهر للمطالبة باسترداد أبنائهم، عاش ذوو المخطوفين لحظات ترقب صعبة، وامتنعوا بناءً على طلب من الأمن العام عن التصريح لوسائل الإعلام، خوفاً من التأثير سلباً على إتمام الصفقة. وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في بيان إلغاءه رحلة كانت مقررة غداً إلى باريس للمشاركة في قمة المناخ العالمية «لمتابعة تطورات ملف العسكريين حتى إيصاله إلى نهايته السعيدة».