تعتزم جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية إقامة مدرسة دينية يهودية في قلب القدسالشرقيةالمحتلة المحتلة، ولأول مرة خارج أسوار المدينة القديمة، انسجاماً مع أهداف المنظمة المعلنة الرامية إلى تهويد القسم الشرقي من المدينة الذي يطالب الفلسطينيون بجعله عاصمة لدولتهم، فيما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية تمرير خطط لبناء أكثر من ألفي وحدة سكنية استيطانية في ست مستوطنات مختلفة في الضفة الغربيةالمحتلة. في غضون ذلك، اقتحم المسجد الأقصى أمس نائب رئيس الكنيست الإسرائيلية المتطرف موشيه فيجلن، على رأس مجموعات من المستوطنين، بحماية معززة ومشددة من عناصر الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال. وتعتزم جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية إقامة المدرسة في مبنى البريد المركزي القديم في قلب شارع صلاح الديني الرئيسي والاستراتيجي، بعد أن اشترت المبنى من شركة الاتصالات الإسرائيلية (بيزك) في العام الماضي. وهذه هي المرة الأولى التي يسيطر المستوطنون اليهود على مبنى خارج أسوار مدينة القدس القديمة. وبالإضافة الى ذلك، تكمن أهمية المبنى في أنه يشرف على تقاطع أربعة شوارع ومكون من عدة طوابق، ويعتبر من أعلى المباني في الشارع. وتشغل شرطة إسرائيل جزءاً من المبنى. وسيطرت إسرائيل بعد احتلال القدسالشرقية وضمها في حزيران (يونيو) 1967، على مبنى البريد المركزي الذي بناه الأردن، ثم باعت الحكومة الإسرائيلية قسماً منه لشركة الاتصالات الهاتفية الخاصة «بيزك». وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها الغربي والشرقي «عاصمة أبدية موحدة» لها، على رغم أن القدسالشرقية جزء من قضايا الحل النهائي التي يجري التفاوض عليها بين إسرائيل والفلسطينيين. وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن المدير العام لجمعية «عطيرت كوهانيم» دانييل لوريا، بعث في 11 آذار (مارس) إلى مؤيدي الجمعية برسالة أعلمهم فيها أن «الجمعية امتلكت أكثر من 1000 متر مربع في مبنى كبير قرب البلدة القديمة، اشترته من شركة بيزك للاتصالات» مع صورة مبنى البريد. وكثفت جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية عملها في السنوات الأخيرة لتهويد مدينة القدس والبلدة القديمة بشراء بيوت عربية معظمها بطرق غير شرعية وذلك بدعم من المليونير اليهودي الأميركي إيرفننيغ ماسكوفيتش. ولم يخف مدير الجمعية خلال لقاء له مع الصحافيين، أهدافه بقوله إنه يريد «جعل القدس القديمة يهودية مع أقلية عربية». وأكد مصدر إسرائيلي رسمي أن جمعية «عطيرت كوهانيم» باتت تملك جزءاً من مبنى البريد، ولها بذلك منفذان على شارعي صلاح الدين والرشيد. وأوضح المصدر «أن الجمعية تقوم بترميمه لإقامة مدرسة دينية وأخرى تمهيدية لاعداد المتدينين قبل الخدمة العسكرية، وتعمل على ان يكون جاهزاً قبل عيد الفصح اليهودي الذي يصادف في 13 نيسان (أبريل) القادم». وفي المقابل، رفضت شركة بيزك تأكيد ذلك، وقال مصدر في الشركة: «نحن لا نفصح عن هوية المشترين». كما رفض مدير «عطيرت كوهانيم» الحديث عن الأمر. والعمل جار على قدم وساق في المبنى الذي كانت تقف أمامه سيارة لنقل بقايا الترميم، وعلقت على جدرانه مكيفات جديدة. ويعمل عمال عرب على ترميمه تحت إشراف مهندسين وفنيين إسرائيليين. وقال احد العمال طالباً عدم ذكر اسمه: «نحن نعمل ليل نهار، وتقريباً بات المكان جاهزاً». وقال عادل الشرباتي، وهو صاحب محل لبيع الهواتف النقالة في شارع الرشيد: «عرفنا قبل نحو أربعة أشهر من العمال العرب أن المستوطنين اشتروا المكان وسيصبح مدرسة دينية». وأضاف: «ماذا سنفعل؟ ولمن نشتكي؟ إنه حكم القوي على الضعيف. كل المنطقة ستتأثر سلباً بوجودهم هنا». ويخلق وجود مستوطنين وحراسهم حالة احتكاك دائمة بين الفلسطينيين والمستوطنين في كل أماكن تواجدهم في المدينة. ويسأل المحامي مهند جبارة، محامي الفلسطينيين في قضايا الاستيطان وهدم البيوت: «لماذا لم يتقدم أي عربي لشراء المبنى عندما وضعت شركة بيزك إعلان البيع الذي بقي قرابة سنة معلقاً على المبنى؟ إن دل هذا على شيء فعلى أنه لا يوجد مرجعية اقتصادية أو سياسية لمدينة القدس لمنع قطعان المستوطنين من الاستيلاء عليها». ويقيم نحو 200 ألف إسرائيلي في عشرات الأحياء الاستيطانية في القدسالشرقية حيث يعيش 315 ألف فلسطيني. في غضون ذلك، أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية الخميس أن إسرائيل قامت بتمرير خطط لبناء أكثر من ألفي وحدة سكنية استيطانية في ست مستوطنات مختلفة في الضفة الغربيةالمحتلة. وقال غاي انبار، المتحدث باسم الإدارة المدنية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية، إن لجنة وزارية قامت الشهر الماضي بالمصادقة على خطط سابقة لبناء 2269 وحدة استيطانية. إلى ذلك، يواصل المستوطنون، بشكل شبه يومي، اقتحام المسجد الأقصى، بدعم ورعاية من مسؤولين إسرائيليين. وفي محاولة جديدة، اقتحم المسجد الأقصى أمس نائب رئيس الكنيست الإسرائيلية المتطرف موشيه فيجلن، على رأس مجموعات من المستوطنين، بحماية معززة ومشددة من عناصر الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال. وتمكن المُصلّون في المسجد الأقصى من طرد فيجلن من باحات المسجد بعد التصدي له وللمستوطنين المرافقين. وسادت المسجد الأقصى حالاً من التوتر الشديد وسط انتشار كبير لعناصر القوات الخاصة بشرطة الاحتلال. وضمت مجموعات المستوطنين عدداً كبيراً من المتطرفين اليهود المتضامنين مع الحاخام المتطرف يهودا غليك، الذي أبعدته شرطة الاحتلال قبل يومين عن الأقصى لمدة عشرة أيام، بسبب ما سمته «عدم التزامه بشروط زيارته للمسجد». ووفق شهود، تعرض فيجلن خلال اقتحامه المسجد من باب المغاربة للمصلين والطلاب في المسجد بألفاظٍ عنصرية وشتائم، ما أدى إلى وقوع مواجهات مع عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال المُرافقة لفيجلن، والتي استدعت المزيد من القوات إلى المسجد. وفي وقت لاحق، اعتقلت قوات الاحتلال عدداً من المصلين بعد اقتحامها المسجد الأقصى، وسط مواجهات عنيفة في باحات المسجد تمكن خلالها المصلون من طرد نائب رئيس الكنيست من المسجد المبارك. يذكر أن اقتحامات المستوطنين، التي يرافقها المتطرف أرنون سيجال، تتم عبر مجموعات صغيرة ومتتالية، وبرفقة مرشدين يتولون تقديم روايات أسطورة حول خرافة الهيكل المزعوم مكان الأقصى.