حذر السفير الأوكراني لدى الأممالمتحدة في جنيف، يوري كليمنكو، خلال جلسة حول أوضاع حقوق الإنسان في أوكرانيا أمس، من «مؤشرات» لاستعداد موسكو لتدخل عسكري واسع شرق البلاد وجنوبها، بينها إرسال تعزيزات عسكرية روسية إلى منطقة خيرسون شمال القرم، وزرع ألغاماً في المنطقة، لافتاً إلى اعتقال القوات الأوكرانية أشخاصاً كثيرين يحملون بطاقات تدل على انتمائهم إلى القوات الروسية شرق البلاد وجنوبها. وأيّد سفراء آخرون ما قاله كليمنكو في الجلسة، فيما اعترض ديبلوماسي روسي وتلا بياناً أعدّ مسبقاً يبرر التحركات الروسية حتى الآن، في وقت أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إصرار موسكو على الاحترام الكامل لحقوق مواطنيها في الخارج. وقال في كلمة ألقاها خلال اجتماع لممثلي وزارة خارجية مناطق الاتحاد الروسي: «سندافع عن مصالح مواطنينا بالوسائل السياسية»، معتبراً تصرفات الغرب في أوكرانيا «محاولة لإثبات تميزه بدلاً من التزام القانون الدولي، فأزمة أوكرانيا ليست بسببنا، بل صراع داخلي أثاره الخارج وتضمن انتهاكات كثيرة للدستور». وكانت السلطات الجديدة في كييف استدعت قوات الاحتياط وحوّلت قسماً كبيراً من أموال الموازنة العامة إلى الأغراض العسكرية، وسط مخاوف من تدخلات روسية بعد سيطرتها على إقليم شبه جزيرة القرم التي تستكمل إجراءات ضمها إثر استفتاء على الانفصال أجري الأحد الماضي. وأمس، بدأت وحدة لقوات المظلات في الجيش الأوكراني تدريبات في منطقة دونسك على مسافة 50 كيلومتراً من الحدود الروسية، في وقت صوّت البرلمان الأوكراني على قرار يؤكد أن كييف لن تعترف أبداً بضم القرم إلى روسيا، وستناضل ل «تحريرها». وأورد نص القرار الذي طرحه الرئيس الانتقالي ألكسندر تورتشينوف أن «أوكرانيا لن توقف قتالها ونضالها لتحرير القرم، مهما كان الأمر طويلاً وأليماً». واشار الى أن «روسيا عدّلت الحدود للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية»، علماً بأنها إحدى ثلاث دول ضامنة لسيادة أوكرانيا منذ أن تخلت الجمهورية السوفياتية السابقة عن ترسانتها النووية عام 1994. في المقابل، أعلنت هيئة الأمن الفيديرالية الروسية أنها أغلقت قناة لتهريب أسلحة خفيفة من بلدان الاتحاد الأوروبي إلى روسيا، عبر أراضي أوكرانيا، باستخدام السيارات والقطارات والبريد. وأشارت إلى احتجاز أعضاء في العصابة الإجرامية التي تضم أوكرانيين وروس عند نقطة لمرور السيارات في منطقة دونيتسك ازفارينو بمقاطعة روستوف الروسية، ومصادرة 39 قطعة سلاح مهرّبة إلى شمال القوقاز. وأعقب ذلك إعلان الهيئة الفيديرالية للجمارك الروسية تعزيز مراقبة استيراد البضائع على الحدود مع أوكرانيا «بسبب معلومات عن نقل بضائع محظورة انطلاقاً من أوكرانيا بينها أسلحة»، من دون تعليق الواردات. وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاعتراف بكل الرتب وشهادات العسكريين الأوكرانيين الذين أبدوا رغبتهم في الانتقال إلى الجيش الروسي، وقال: «سيسمح القرار بإمكان قبول عسكريين أوكرانيين في الخدمة عبر التعاقد حتى حل كل إجراءات منحهم الجنسية الروسية». وقرر بوتين أيضاً إعادة هيكلة مدرسة «ناخيموف» العليا للدراسات العسكرية البحرية في مدينة سيفاستوبول بالقرم، وإنشاء مدرسة عسكرية فيها. وكانت سلطات القرم أطلقت، بأمر من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قائد البحرية الأوكرانية سيرغي غايدوك وآخرين احتجزتهم أول من أمس. العقود العسكرية الروسية إلى ذلك، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي يوري بوريسوف الخميس أن بلاده ستحرص على نيل كل حقوقها في حال لم تسلمها فرنسا بارجتي «ميسترال» بسبب أزمة أوكرانيا، وذلك بعدما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده ستبت في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل قرار تعليق العقد الذي وقع عام 2011، مشيراً إلى إمكان إلغاء الصفقة «إذا واصل بوتين ما ينفذه في أوكرانيا». وأثار هذا التصريح مخاوف موظفي أحواض بناء السفن الفرنسية في سان نازير (غرب) الذين حذروا من «عواقب» إلغاء العقد على صعيد الوظائف، علماً بأن العقد وفر نحو ألف فرصة عمل إضافية. إلى ذلك، علّقت ألمانيا مشروعاً كبيراً لتجهيز معسكر تدريب روسي وقعته مجموعة «راينميتال» الدفاعية وروسيا، معتبرة أنه «لا يمكن الدفاع عن تجارة الأسلحة مع موسكو في ظل الوضع الحالي». وفي رسالة وجّهوها الى وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، طالب خمسة نواب من الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس بإنهاء عقود مع شركة «روسوبورون إكسبورت» الروسية التي تزود «البنتاغون» مروحيات من طراز «مي 17» لتجهيز الجيش الأفغاني. وأكدت واشنطن استعدادها لزيادة عقوباتها على روسيا، بعدما جمّدت الإثنين الماضي أصول 11 مسؤولاً روسياًوأوكرانياً بسبب دورهم في تنظيم استفتاء انفصال القرم، وحظرت منحهم تأشيرات، فيما استبعد الرئيس باراك اوباما أي تدخل عسكري لبلاده في أوكرانيا، ولكنه وعد بالعمل لتشكيل جبهة ديبلوماسية عريضة ضد روسيا. قال أوباما «الأوكرانيون أنفسهم يقرّون بأن المواجهة مع روسيا بالوسائل العسكرية لن تكون مناسبة، ولا تفيدهم بشيء». على صعيد آخر، أفادت وثيقة وزعتها الحكومة البريطانية على حكومات الاتحاد الأوروبي، بأن «القارة العجوز تملك مجموعة خيارات لتعزيز أمن الطاقة، والحد من الاعتماد على الإمدادات الروسية، تشمل طلب تصدير مزيد من الغاز الأميركي والتعاون مع العراق». ودعت الوثيقة إلى خطة مدتها 25 سنة، وإجراءات للمدى القريب، علماً بأن الاتحاد اتخذ سابقاً خطوات لتنويع مصادر الطاقة، رداً على أزمات سابقة شهدت قطع روسيا الإمدادات عن أوكرانيا. ودعم الاتحاد مشروع تشييد خط أنابيب جديد لاستيراد الغاز من أذربيجان، وطوّر البنية التحتية للسماح بضخ الغاز من الدول الأوروبية إلى أوكرانيا. لكن محللين يرون أن أوروبا ستواجه رغم ذلك مشاكل كبيرة إذا قطعت روسيا الإمدادات. في المقابل، أكد وزير التجارة الياباني توشيميتسو موتيغي أن أزمة أوكرانيا لن تؤثر على العلاقات التجارية بين بلاد وروسيا. وقال: «روسيا مزود موارد رئيسي لليابان، ولا نرى حالياً أي تأثير للأزمة على التجارة الثنائية ومشاريع محددة، لكننا سنعير انتباهاً وثيقاً للوضع الدولي». وتزود روسيااليابان بنحو 10 في المئة من الغاز الطبيعي المسال المستورد سنوياً؟ وبلغت قيمة التجارة الثنائية مستوى عالياً في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وصولاُ إلى نحو 34.8 بليون دولار العام الماضي. وكانت طوكيو أعلنت الثلثاء سلسلة إجراءات عقابية ضد روسيا تشمل وقف محادثات لتسهيل شروط إصدار تأشيرات دخول بين البلدين.