بعد تولي وزير المالية المصري هاني قدري دميان منصبه الشهر الماضي، كانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها هي خفض تقييم الحكومة لوضعها المالي، قائلا إن العجز في ميزانية هذا العام سيزيد بنحو الثلث عن تقديرات سلفه. وأقر الوزير بتزايد عبء الدين العام الذي قد يصبح أكبر خطر يهدد التعافي الاقتصادي لمصر بعد سنوات من الاضطرابات السياسية. ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في تموز (يوليو) تدفقت على مصر مساعدات خليجية ببليونات الدولارت ساهمت في تخفيف حدة معظم المشكلات الاقتصادية الملحة في البلاد. وظهر ذلك في استقرار الجنيه وتراجع حدة نقص الوقود واستئناف الحكومة الإنفاق على مشروعات التنمية الاقتصادية. وكان للمستثمرين نصيب من الاحتفال، إذ صعد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية إلى مستويات لم يشهدها قبل انتفاضة عام 2011، بينما وصل العائد على سندات سيادية مصرية مستحقة عام 2020 قيمتها بليون دولار إلى 5.33 في المئة هذا الأسبوع وهو أدنى مستوى له منذ كانون الأول (ديسمبر) عام 2012. وانخفض العائد بنسبة كبيرة بلغت 5.8 نقطة مئوية منذ منتصف عام 2013. غير أن وضع المالية العامة لمصر ما زال يتدهور. ويشير تحليل ل"رويترز" إلى أنه سيواصل تدهوره في النصف الثاني من العقد الحالي على الأقل. وفي تلك الفترة قد ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي فوق 100 في المئة وهو مستوى يرى الكثير من الاقتصاديين أنه ينطوي على مخاطر محتملة. وقال الخبير الاقتصادي لدى معهد "سيجنت" مصطفى بسيوني: "تنفق مصر أكثر مما تستطيع اقتراضه في ضوء المعدلات المنخفضة لنمو الناتج المحلي الإجمالي"، مضيفاً ان "المسألة تتعلق بالثقة في القدرة على السداد، فمصر ستحتاج إلى تحقيق معدل نمو يتراوح بين خمسة وستة في المئة في السنوات الثلاثة المقبلة وهذا مستبعد إلى حد كبير. صحيح أنها لم تصل بعد إلى مستوى خطر، لكنها تمضي في مسار غاية في الخطورة".