بلغت الاحتياطات النفطية مستوى بدأ يقلق الأسواق الدولية، في مقدمها الأوروبية (من بينها السويسرية) والأميركية، ما يضغط في اتجاه انخفاض سعر البرميل الذي وصل في الولاياتالمتحدة إلى ما بين 43 و47 دولاراً. وعلى رغم تدني إنتاج النفط الصخري الأميركي بتراجع وتيرته تدريجاً، إلا أن الاحتياطات النفطية ومنها المنتجات المكررة وصلت إلى بليوني برميل الشهر الماضي، وهو أعلى مستوياتها منذ العام 1930. إذ فرضت آنذاك لجنة «تكساس ريل رود كوميشن» التي كانت تدير القطاع الإنتاجي، حدوداً صارمة على إنتاج الذهب الأسود. واعتبر المحللون النفطيون السويسريون، أن الاحتياطات النفطية الأميركية «زادت 14.5 في المئة بما معدله 165 مليون برميل في الأشهر ال 12 الأخيرة». وبرز تحذير من بدء تراكم احتياطات الديزل في شكل شاذ في كل من أميركا وأوروبا، ما أفضى إلى بدء تخبّط أوروبا بملفات النفط والديزل، والعجز عن توقع النتائج العام المقبل. ولا شك في أن السوق السويسرية تتسم بالسلبية مما يحصل حولها من أحداث، ما يمكن أن يتحول إلى مضاربات عاتية لا ترحم أحداً. على صعيد القطاع المصرفي السويسري، الذي يملك أصولاً تاريخية في الأسواق النفطية الدولية، أشار الخبراء في مدينة زيوريخ إلى أن المصارف الكبيرة بدأت بيع جزء متواضع من حصصها لمصلحة المستثمرين الكبار في الدول النامية، وأوشكت المساحات المخصصة لخزن الاحتياطات النفطية على النفاذ، ما يذكّر بالمفعول السلبي المباشر على الأسعار الذي عكسه التراكم غير الطبيعي لاحتياطات النفط عامي 1998 و2009. إذ بدأت مصافي التكرير في ذلك الوقت العمل في شكل محدود، ما خفّض طلباتها على شراء النفط في شكل مقلق. وربما تتخذ في سويسرا الخطوة ذاتها، بفعل تراجع طلبات الشراء بنسبة 20 في المئة منذ مطلع الصيف الماضي. واعتبر المراقبون في مدينة جنيف، أن الاحتياطات النفطية باتت مثل النفايات التي تبحث عمن يتخلص منها بأي طريقة، إذ يُرصد عدد كبير من الحاويات المحملة بالديزل والكيروسين الراسية أمام شواطئ القارة القديمة، في انتظار مَن يشتري حمولتها بأسرع ما يمكن. كما يتجنّب عدد منها عبور قناة السويس مفضلاً طرقاً بحرية أفريقية أطول مسافة من تلك الاعتيادية. وفي سويسرا، لم تبلغ الاحتياطات النفطية ومشتقاتها بعد مستويات مقلقة. وعلى رغم ذلك، تدرس حكومة برن احتمال خزنها في حال زادت الأوضاع سوءاً في متن حاويات نهرية عائمة. ولافت أن مجموعة من الوسطاء دخلت السوق السويسرية في محاولة لتسويق النفط الليبي والعراقي، بأسعار متدنية في شكل خيالي، لا تتخطى 20 دولاراً. وتعتبر المصافي السويسرية هذه العروض مثابة هدية مقدمة لها في شكل شبه مجاني، لكن عقبات بيروقراطية لا تزال تعترض تنفيذها.