تسارع دول الاتحاد الأوروبي إلى فتح الأبواب على مصاريعها أمام استيراد النفط الرملي الكندي الذي دخل إلى سوق الطاقة الدولية منذ فترة قصيرة. ويبدو أن بروكسيل ابتعدت نهائياً عن فكرة تصنيف أنواع الوقود اعتماداً على درجة تلويث الهواء في أثناء دورة حياتها، ما يُعرف باسم «كربون فوتبرينت». وفي ما خص نوع الوقود، الذي يجب تسويقه في القارة القديمة، فإن القوانين التي تُدرس منذ العام 2009، تؤكد أن على المصافي الأوروبية تكرير أي نوع من أنواع النفط الذي يولد إنتاجه انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بدرجة لا تتجاوز 93.3 نقطة. وكانت بروكسيل تميل إلى إعطاء درجة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، التي يولدها النفط الرملي الكندي، 107 نقاط، ما يعني أنه يلوث الهواء 20 في المئة أكثر مقارنة بأنواع النفط التقليدية. ويبدو أن ملف حظر وصول النفط الكندي إلى القارة الأوروبية سيتم تجاوزه بالكامل، علماً أن إنتاج النفط الرملي الكندي يتركز في مقاطعة ألبرتا ويُستخدم في شكل بنزين أو مازوت للمركبات. وأكد رئيس الرابطة النفطية السويسرية رولاند بيلانغ في مقابلة مع «الحياة» أن «الجزائر تعتبر اليوم ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط إلى سويسرا بعد ليبيا ونيجيريا، بيد أن الأوضاع الأمنية السيئة في ليبيا، وما يحصل من أحداث على الصعيد الروسي - الأوروبي، يدفع سويسرا إلى الموافقة على استيراد النفط من كندا. وأشار إلى أن «مقاومة دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا ستتهاوى أمام رغبة استيراد النفط الكندي وضرورته لضمان احتياطات نفطية مستقبلية مهمة، ولكن بعض الدول كانت تعارض بشراسة توغل النفط الكندي إلى القارة القديمة، ومنها بريطانياوهولندا». لكن شركتي «رويال دوتش شيل» الهولندية و»بي بي» البريطانية تعتمدان في شكل رئيس اليوم على استخراج النفط الرملي، ولذلك سرعان ما تبخرت معارضة هولنداوبريطانيا أمام ملف تسويق النفط الرملي الكندي في أوروبا، تضامناً مع المصالح الوطنية التي تعكسها هاتان الشركتان العملاقتان في الخارج. ويمارس اللوبي النفطي في كندا ضغوطاً هائلة على حكومات القارة القديمة للخروج من محنتها، فكندا كما غيرها من الدول المنتجة للنفط، تعاني بعض الصعوبات في تسويق منتجاتها بسبب النفط الصخري الأميركي الذي بدأ تسويقه يأخذ منحى تنافسياً خارج الولاياتالمتحدة وطابع الاكتفاء الذاتي داخلها. وبما أن البنية التحتية الكندية الخاصة بتصدير النفط تعاني فراغات مرعبة، تحاول كندا الضغط على أوروبا لمعالجة يأسها، في حين يبدو أن الحكومات الأوروبية تميل إلى مساعدة حكومة أوتاوا الكندية للخروج من مأزقها. وأوضح بيلانغ أن «الشحنة الأولى من النفط الرملي الكندي وصلت إلى ايطاليا منذ فترة قصيرة على أن يتم تكريرها في مصفاة في جزيرة صقلية، كما ستخطو سويسرا خطى ايطاليا في حال رأت حكومة برن ضرورة ملحة لتخزين احتياطات إضافية من النفط». واستبعد أن «يواجه تسويق النفط الرملي الكندي في القارة القديمة صعوبات تُذكر، علماً أن 97 في المئة من الاحتياطات الكندية، المقدرة بنحو 175 بليون برميل من النفط، مصدرها النفط الرملي. وأشار بيلانغ إلى أن «اعتماد سويسرا على الطاقة النظيفة لن يكون على المدى المتوسط الحل المناسب الذي يريح حكومة برن». وتوقع أن «تثير صادرات النفط الرملي الكندي سخط منظمات الدفاع عن البيئة في سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي، وأن تصل صادرات النفط الرملي الكندية إلى أوروبا إلى 725 ألف برميل يومياً حتى عام 2020، ما يعني أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الصادرة عن مصانع تكرير النفط في أوروبا ستصل إلى 33 مليون طن، ما يعادل وجود نحو 20 مليون مركبة إضافية وهمية على طرق سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي». وأوضح بيلانغ أن «النفط الرملي لا يمكن تمييزه عن النفط العادي بعد معالجته وتكريره، بيد أن استخراجه يتم بتقنيات شرسة جداً وعدوة للبيئة إذ تستهلك وتلوث كميات ضخمة من المياه، ولا شك في أن التكنولوجيا التي تعمل على الحد من أضرار استخراج النفط الرملي موجودة ولكنها في مرحلة التطوير، كما أن معظمها لا يُستخدم من قبل الشركات النفطية». وأضاف: «ستستفيد القارة الأوروبية من الغاز الرملي الكندي، الذي سيفرض نفسه بقوة وقانونياً في أوروبا، ولكن التطور العشوائي لصناعة النفط والغاز في كندا قد يسبب مشاكل دولية لا يمكن تحديد عواقبها بعد». وحول المنتجات البتروكيماوية التي تتدفق من دول الخليج إلى القارة القديمة، استبعد بيلانغ أن تواجه صدمة تجارية على المدى المتوسط.