لم يقلّل العدد الكبير من السوريين الذين تستضيفهم السعودية والبالغ نحو 1.5 مليون، من التعاطي معهم باعتبارهم «مقيمين»، وليسوا «لاجئين»، ومنحهم الحقوق كافة في التعليم، والعمل، وكسب الرزق، لضمان حياة كريمة لهم ولأسرهم. وإذا كانت المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الحكومات إلى بعض الشعوب المنكوبة، مهمة لانتشالهم من حال البؤس إلى حياة كريمة، إلا أن المبادرات التطوعية من أفراد وجماعات ناشطة لا تقل أهمية عنها، إذ ينشط بعض الجهات واللجان الاجتماعية المحلّية في تقديم مبادرات إنسانية لدعم السوريين، تتمثّل في المساعدات الغذائية، والإيوائية، والصحية، والترفيهية. وقالت السورية أم أحمد، المولودة في العاصمة الرياض والتي تعمل معلمة، وهي ناشطة في مساعدة السوريين المقيمين في السعودية: «السوريون أهلنا وإخوتنا، ومن واجبنا مساعدتهم في مأزقهم، وأن نقف إلى جانبهم، ونشدّ من أزرهم»، مضيفة: «نركز على الأسر السورية الأكثر حاجة وفقراً، وعلى العاجزين عن العمل، مثل الأرامل والأيتام. وترتكز المساعدات على الدعم الغذائي والدوائي، إضافة إلى دفع إيجارات المنازل وتأثيثها لهم». وأطلقت سيدة سعودية مبادرة تطوعية لتنظيم برامج ترفيهية وتقديم الألعاب والهدايا إلى الأطفال. وبادرت مدرسة أهلية في الرياض إلى استقطاب السوريين من خلال خفض رسوم الدراسة إلى النصف، فضلاً عن تقديم برنامج استقبال وتسهيل بعض الخدمات الدراسية التي تقدمها لهم. كما لم يتوان كثر من السعوديين عن كفالة أيتام سوريين، فقدوا آباءهم وأمهاتهم نتيجة الحرب التي تشهدها بلادهم، ووفق موقع «مؤسسة مكةالمكرمة» الخيرية (الإلكتروني)، بلغ عدد الأطفال السوريين الذين شملتهم الكفالة 6303 أيتام، منذ 19 آب (أغسطس) 2012 وحتى الآن، يقدم لهم الكساء، الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، إضافة إلى توزيع لحوم الأضاحي عليهم. ونوّه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية سابقاً، السفير عبدالعزيز الركبان، بدور المملكة في مساعدة السوريين في محنتهم. وقال: « المملكة تقف مع الشعب السوري في مأساته، وتدعمه في شكل متواصل منذ خمسة أعوام، بدافع الأخوة التي تربط بين الأشقاء»، موضحاً أن السعودية «تؤوي أكثر من 1.5 مليون سوري فتحت لهم سبل العيش الكريم وأتاحت لهم حق العمل، والدراسة في الجامعات كأي مواطن سعودي. ولم يقتصر دعمها على السوريين في الداخل، بل امتدّ إلى النازحين في الدول المجاورة، مثل لبنان، الأردن، وتركيا، إذ قدمت لهم كل المساعدات الإنسانية». وشدّد الركبان على أن «حملات المساعدات مستمرة وتشمل المواد الغذائية، الصحية، الإيوائية، والتعليمية». وقدر عدد السوريين المتضررين بنحو 12 مليوناً، منهم أربعة ملايين في الخارج، في حين يبلغ عدد المتضررين في الداخل ثمانية ملايين»، مشيراً إلى أن السعودية «لا تتوانى عن بذل الدعم والمساندة للشعوب المنكوبة والفقيرة، مثل موقفها في اليمن، ورعايتها وتصحيحها أوضاع نحو نصف مليون يمني مقيم على أراضيها، فتحت لهم أبواب العمل، والتعليم في المدارس والجامعات». وبلغت مساعدات هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي، أكثر من 100 مليون ريال (أكثر من 27 مليون دولار) لمساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار، تمثّلت في إرسال مواد غذائية، بناء مخيمات، توزيع بطانيات، توفير مياه صالحة للشرب، أضاحٍ، هدايا، ألعاب، ومساعدات نقدية.