لم يتوقع نصير الفقراء البنغلاديشي الدكتور محمد يونس أن تكون إحدى مداخلات المهتمين في مجال الفقر وتعزيز مفهوم العمل الاجتماعي لمحاربة الفقر وتنمية الموارد البشرية، من صبي في ال15 من عمره، والذي سأل حول كيفية مواجهة الظروف الاقتصادية في مقتبل العمر، وتحويل المدخرات والعوائد المادية الى مصادر تنموية مستقبلية.وما كان من يونس، الذي تفاجأ من تلك المداخلة الكبيرة على رغم صغر سن المتحدث، إلا أنه تجاوب معها وكأن السائل أحد المهتمين في مجال الادخار الاقتصادي، الذي قوبل بتشجيع من مدير الجلسة محمد الجاسر والحضور. وتطرق يونس، في محاضرة بعنوان: «تجربتي في مكافحة الفقر» ضمن نشاطات مهرجان الجنادرية قدمها مساء السبت الماضي في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات، إجابته إلى التضحية المبنية على نبذ الأنانية، التي يعتمد عليها القائمين على البنوك العالمية، بجانب الشعور بالمسؤولية تجاه الناس أهم العوامل التي وصفها في نجاحه بتأسيس بنك الفقراء «غرامين بانك» عام 1983، الذي يستهدف اجتثاث الفقر من بنغلاديش بحلول عام 2050.وكشف أن البنك يهدف إلى انهاء الفقر في بنغلاديش واقتلاع 100 الف متسول من الفقر إلى الاكتفاء الذاتي بحلول 2050، وتهيئة الأسر الفقيرة إلى أن تكون أسراً منتجة، تخرج من بيوتها نحو العمل واستخدام المهارات الشخصية في جلب المال الحلال، لافتاً الى أنه واجه انتقادات من المتخصصين وكيفية مواجهة الضغط النفسي الذي من الممكن ان يؤثر فيه، لأجل تقديم المال للآخرين، مشيراً الى أنه بسّط النظرة السوداوية التي يتبنونها، متسائلاً: ما المانع في أن أقوم بتقديم الأموال من دون قروض، طالما أني قادر على تدوير الأموال واستثمارها في المشاريع المجتمعية التي تعود بالخير على الناس؟ وذكر يونس أنه بعد استقلال بلاده من باكستان، زاد عدد الفقراء نتيجة الحروب التي أهلكت المنطقة، وكان يرى معانات الناس مع الموت نتيجة الجوع والفقر، والذي بدأ من خلاله في التفكير يوماً: كيف يستطيع نشل كل فقراء بنغلاديش أو على الأقل مساعدتهم على النهوض بأنفسهم من الفقر نحو كرامة يستحقها الإنسان؟ مشيراً إلى أنه قدم نفسه رهناً الى البنوك والمقرضين، وان يتم حجزه فيما لو فشلت طريقة تمويل الفقراء. وقال إن هذه الطريق جاءت بعد فشل الوصول الى حل حول المقترح الذي قدمه، وهو مفهوم اقراض الفقراء أموالاً من دون أرباح.