بدأت الآثار السلبية لاعتداءات باريس تنعكس على اللاجئين حول العالم. ففي الولاياتالمتحدة الأميركية، أصدر حاكم ولاية ميشيغان قراراً يعلن فيه وقف جهود استقبال اللاجئين السوريين في ولايته، وتبعه حاكم ولاية آلاباما الذي رفض استقبال المزيد من اللاجئين. وكان مكتب حاكم ميشيغان ريك سنايدر، أصدر بياناً أول من أمس (الأحد) يقول فيه إن ولايته لن تقبل أي لاجئ سوري، وبعث رسالة بهذا الشأن إلى وزارة الامن الداخلي الأميركية، استعرض فيها الإجراءات التي ستقوم بها ولايته من أجل ذلك. وقال سنايدر إن «ميشيغان هي بلد مضياف، ونحن فخورون بأن لدينا تاريخاً غنياً من الهجرة، لكن الأولوية الأساسية بالنسبة الينا هي حماية سلامة سكاننا». وأثار قرار سنايدر وقف استقبال اللاجئين في الولاية، الذي أتى عقب الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية الجمعة الماضي وارح ضحيتها 130 شخصاً، جدلاً واسعاً، خصوصاً في منطقة ديترويت، التي تعتبر أكبر تجمع سكاني للمهاجرين من الشرق الأوسط. وقال النائب تيم كيلي على صفحته في «فايسبوك» إنه «قرار جيد»، بينما قالت رشيدة طليب، ممثلة منطقة جنوب غربي ديترويت على حسابها في «تويتر»: «نحن نتوقع الافضل منك (سنايدر). هذا يرسل رسالة خاطئة». وقال شون دي فور، نائب رئيس خدمات الطفل والأسرة في مؤسسة «الخدمات الاجتماعية اللوثرية» إن «ميشيغان والولاياتالمتحدة لديهما التزام أخلاقي للمساعدة في الأزمة الإنسانية في سورية، والتي لم يشهد العالم مثلها منذ الحرب العالمية الثانية». وساعدت «وكالة إعادة التوطين» نحو 1800 لاجئ في ميشيغان خلال العام الماضي، بينهم حوالى 200 من سورية، والغالبية العظمى هي من العراق. وأضاف دي فور: «بالتأكيد أنا أفهم وأقدر رغبة حاكم الولاية سنايدر في توخي الحذر ووضع سلامة المواطنين أولاً، ولكن وزارة الخارجية تستخدم إجراءات كبيرة وتتخذ جميع الخطوات للتأكد ممن سيقبل من اللاجئين للقدوم إلى الولاية. وفي الواقع، اللاجئون يقضون ما معدله 5-7 سنوات في مخيمات اللجوء، وخلال هذه الفترة تجري عليهم عمليات فحص وتحر قبل أن يصلوا إلى أي بلد». وكان من المتوقع وصول مزيد من اللاجئين السوريين في الأشهر المقبلة إلى ميشيغان، ولكن قرار سنايدر وضع حداً لذلك. وعرف سنايدر بآرائه المؤيدة للمهاجرين، على النقيض من المشاعر القوية المعادية للمهاجرين التي تسمع على المستوى الوطني في الحزب «الجمهوري» خلال السباق الرئاسي. وقبل أسبوعين، زار سنايدر مدينة هامترامك، التي لديها أعلى نسبة من المهاجرين بين جميع مدن الولاية، وقال لحشد من المهاجرين من بنغلاديش: «أعتقد أنني الحاكم الأكثر تأييداً للهجرة في البلاد». ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، تعليقاً يدعو إلى إعادة النظر في هذا القرار، نظراً لأهمية الجالية العربية في ميشيغان. وجاء في هذا التعليق أيضاً ان «المجلس المحلي في مدينة هامترامك في ميشيغان، غالبية أعضائه من المسلمين. دعونا نجلب مليون لاجئ سوري لإعادة ملء ديترويت، وحماية السكان السنة المستضعفين في سورية». وتابع إن «السوريين واللبنانيين هم أفضل رجال الأعمال في العالم، يعملون ويدرسون بجدية كبيرة، وهم إلى حد كبير من الطبقة الوسطى ومن العلمانيين. ديترويت،عدد سكانها العرب الأميركيين كبير، ونستطيع أن نزيده». وأظهرت دراسة حول التوزع الجغرافي للمسلمين في الولاياتالمتحدة الأميركية نشرت في العام 2010، أن ولاية إلينوي تضم أكبر عدد من المسلمين، اذ يشكل المسلمون حوالى 2.8 في المئة من سكانها، فيما تضم مونتانا النسبة الاقل ب 0.034 في المئة فقط من المسلمين. ووجد الباحثون أن الإسلام يمثل أكبر مجموعة، غير مسيحية، في 20 ولاية أميركية، ومعظمها في الجنوب والغرب الأوسط، مثل تكساس وأركنساس وميسيسيبي ولويزيانا وألاباما وجورجيا وفلوريدا وكارولينا الشمالية وفرجينيا وفيرجينيا الغربية وكنتاكي وإنديانا وإلينوي وميشيغان وويسكونسن وآيوا ونبراسكا وداكوتا الجنوبية وداكوتا الشمالية وآيومنغ. من جهة ثانية، أعلن حاكم ولاية ألاباما روبرت بنتلي، إنه يرفض نقل اللاجئين السوريين إلى ولايته. وقال: «بعد الاطلاع على الهجمات الإرهابية على المواطنين الأبرياء في باريس، فإننا سوف نعارض أي محاولة لنقل اللاجئين السوريين إلى ألاباما من خلال برنامج قبول اللاجئين في الولاياتالمتحدة». وأضاف: «باعتباري حاكم ألاباما، لن أتواطأ مع سياسة تعرض المواطنين في الولاية إلى الأذى». ووفقاً لبيان بنتلي، فإن «وكالة إنفاذ القانون في ألاباما، تعمل بجد مع الوكالات الفيديرالية لرصد أي تهديدات محتملة. وحتى الآن، لا يوجد معلومات استخباراتية موثوقة عن تهديدات إرهابية في ولاية ألاباما». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما طلب في أيلول (سبتمبر) الماضي من حكومته الاستعداد لاستقبال 10 آلاف لاجئ سوري على الأقل في العام المقبل. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ايرنست وقتها، ان هذا العدد يعكس «زيادة كبيرة» في التزام الولاياتالمتحدة بقبول لاجئين من هذا البلد الذي تمزقه الحرب، وتقديم الاحتياجات الأساسية اللازمة اليهم. ولكن المدافعين عن اللاجئين وبعض أعضاء الكونغرس قالوا إن استقبال 10 آلاف لاجئ لا يكفي لمعالجة الأزمة الإنسانية التي فجرتها الحرب الأهلية. وفي رسالة تم توزيعها على الديموقراطيين في مجلس النواب، حض النائب الديموقراطي ديفيد سيسيلاين أوباما على استقبال 65 ألف لاجئ سوري في نهاية العام 2016. وكانت جماعات دينية دعت الولاياتالمتحدة إلى قبول 100 ألف لاجئ سوري. وتقبل الولاياتالمتحدة سنوياً ما مجموعه 70 ألف لاجئ من شتى أنحاء العالم. ومن المقرر أن تزيد هذا الرقم خمسة آلاف إضافية في السنة المالية التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.