إسراء عابد، المرأة الشابة التي شاهدها الملايين وهي محاطة بالجنود الإسرائيليين الذين أطلقوا عليها النار من مسافة قصيرة في المحطة المركزية في مدينة العفولة، لديها وجه آخر لا يعرفه الناس، وهو أنها مشروع عالمة جينات. وكانت السلطات الإسرائيلية أطلقت سراح إسراء أخيراً، بعد حوالى شهر من العلاج تعرّضت خلاله لتحقيق أظهر أنها لم تكن تنوي القيام بأي عملية طعن. لكن السلطات وجّهت إليها تهمة أخرى، وهي استدراج الجنود الى قتلها بسبب رغبتها في الانتحار، قائلة أنها أشهرت سكيناً في المحطة لهذا الغرض. وقالت إسراء ل «الحياة» من بيتها في الناصرة وهي تستقبل المهنئين بخروجها من السجن وتماثلها للشفاء من الإصابة بالرصاص: «نعم كنت أحمل سكيناً، لكني لا أريد الخوض في التفاصيل خشية التأثير في وضعي القانوني في المحكمة». ووضعت السلطات إسراء تحت الإقامة الجبرية في بيتها الى حين المحاكمة. وقالت إسراء أنها عادت الى بيتها وعائلتها وحياتها الأكاديمية، وأنها تعتزم مواصلة مشروعها العلمي، وأنها لن تنظر الى الوراء. وإسراء متفوّقة منذ طفولتها في المدرسة، ثم في الجامعة. ولفتت الى أنها حصلت على المرتبة الأولى في الدولة (إسرائيل) في الثانوية العامة «البغروت» عام 2004، إذ منحت علامة استثنائية هي مئة وعشرين من مئة. ودرست إسراء علم الجينات في معهد «التخنيون» في حيفا، وتخرجت بتفوّق حيث حصلت على معدل تراكمي قدره 82 في المئة. وقالت أنها عملت في عدد من المؤسسات، لكنها بدأت بإجراءات التسجيل لدرجة الماجستير، وأنها تتطلّع الى دراسة الدكتوراه في علم الجينات. وعن هذا قالت: «طموحي أن أكون باحثة في الوقاية من الأمراض المستعصية مثل السرطان». وتعترف إسراء من طرف خفي، بأن لديها مشكلات عائلية، إذ تطلّقت من زوجها قبل عام وتعيش مع ابنتها لين البالغة من العمر عشر سنوات. وقالت عن طفلتها وهي تضحك: «إنها متفوقة، إنها مشروع عالمة». وعن مستقبلها العلمي أضافت: «أريد الخروج من هذه الأزمة، واستكمال دراستي العليا، ومواصلة مشروعي العلمي». وتحظى إسراء بدعم كبير من عائلتها. وقال والدها زيدان عابد، وهو إمام مسجد في مدينة الناصرة: «إسراء ستعود الى حياتها وجامعتها ومشروعها العلمي». وأضاف: «إسراء إنسانة متفوّقة منذ طفولتها، وعندما كانت تحصل على معدل 99 في المئة في امتحان في المدرسة، كانت تأتي الى البيت وهي تبكي، وكنت أعود معها الى المدرسة كي أتحدث مع المعلمة لتراجع تصحيح الامتحان وتمنحها علامة كاملة». وتعرّضت إسراء لإطلاق نار كثيف، وفق ما أظهرت كاميرات المراقبة في محطة الباصات، جعل كثراً يعتقدون أنها فقدت حياتها. وقال والدها: «إنها إرادة الله، إذ أصيبت برصاصات عدة في الجزء السفلي من الجسم، وهي اليوم في حالة ممتازة». وتابع وهو يتحدث بفرح غامر: «أنظر إليها تتحرك في البيت وكأنها لم تصب بأي أذى، إنها إرادة الله».