ما أن تسقط أول قطرة من المطر حتى يبدأ شد الرحال إلى مواقع الصيد في مختلف مناطق المملكة، إذ يحرص الهواة على استثمار هذه الفترة، نظراً إلى انتشار الطيور البريّة ذات الأنواع المتعددة. وتحظى مدينة عرعر بعدد وافر من الشبان الذين يحرصون على الصيد والقنص، إذ يعملون على إعداد العدّة لموسم الصيد منذ وقت باكر، فيبدأ تجهيز أدوات الصيد وتحديد المواقع الأنسب له لا يمنعهم برد أو طقس أو أمطار، ووضع المخيمات، تمهيداً لوجودهم فيها أياماً عدة. ومع تحذيرات الدفاع المدني المستمرة من مخاطر السيول، وضرورة لزوم المنازل، إلا أن حب البر ومشاهدة مجرى السيول وجريان الأودية، لا يقاوم أهالي الحدود الشمالية فتنته، مثلما أن التحذيرات الطبيّة المتواصلة نحو خطورة صيد الحيوانات والطيور، خصوصاً المهاجرة منها، لم تردع هواة الصيد، الذين يرتفع التنافس بينهم على أشده، فيعلن طرف اصطياد صقر من نوعٍ نادر يبلغ 100 ألف ريال، وآخر عن اصطياد طائر من نوع أكثر نُدرة، باعه بنصف مليون ريال، وهكذا دواليك. وأوضّح سعود عبدالله (أحد هواة الصيد)، أن «أجمل ما في هذه الأوقات مشاهدة السيول والأمطار والأجواء الجميلة، فنحن منذ زمن لم نشاهد هذه الأجواء. وأنا في كل عام أحرص على الصيد والذهاب إلى مواقع القنص بحثاً عن الصقور والطيور النادرة للاحتفاظ بها، إلى جانب اصطياد بعض الطيور المتنوعة، بهدف أكلها»، مشيراً إلى أن عدداً من كبار السن والشبان يفضلون تناول لحوم هذه الطيور، وغالباً ما تكون على وجبة العشاء بعد يوم حافل من الصيد الذي يمتد من الصباح إلى وقت متأخر من النهار. وقال عبدالله: «تعدّ المناطق الصحراوية، خصوصاً تلك التي تكون بالقرب من الأشجار الصغيرة، التي تستظل تحتها الطيور أو تكون مصدراً لغذائه، مناسبة للصيد، ونحرص بوصفنا هواة، على البحث عنها والتوجّه إليها، وبعض الهواة يحرصون على استئجار مزارع في المنطقة مدة 10 أعوام بمبالغ تربو على 100 ألف ريال كل عام، وذلك بهدف ممارسة الصيد داخلها». ولا يعترف بعض هواة الصيد بتلك التحذيرات التي يطلقها بعض الأطباء في شأن صيد الطيور والحيوانات، إذ يرى أحدهم أنها غير واقعية، انطلاقاً من أنه لم يسمع بإصابة أحد بأمراض بسبب الصيد. ولفت إلى أن الطير إذا تم تنظيفه وطهيه بشكل جيد على حرارة مرتفعة، فإن ذلك يسهم في القضاء على الفايروسات والأمراض الموجودة فيه، عكس الطائر الموجود في المنزل، فهو يعيش في أقفاص ولا يطير آلاف الكيلومترات، فيكون عرضة للأمراض. وأوضح الهاوي ناصر عشوي أنه استفاد من الإجازة للعودة إلى منزل عائلته في عرعر من مقر عمله في حفر الباطن، والخروج مع أصدقائه لصيد الطيور المختلفة مثل «القمري» والأرانب البرية، لافتاً إلى أنه لا يعير تحذيرات الأطباء أي اهتمام، إذ إنه يمارس هذه الهواية منذ أعوام ولم يصب بأي مرض من الطيور، كما لم يسمع بإصابة أحد من معارفه.