حذر «البنك الدولي» من أن 100 مليون شخص إضافي حول العالم يمكن أن يصبحوا تحت خط الفقر بحلول العام 2030، إذا لم تتخذ إجراءات لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري. وتوصل تقرير أصدره البنك حمل عنوان «موجات الصدمة: إدارة آثار تغير المناخ على الفقر»، إلى أن الفقراء يواجهون بالفعل أخطاراً عالية من صدمات مرتبطة بتغير المناخ، بما في ذلك نقص المحاصيل بسبب انخفاض معدلات هطول الأمطار، والارتفاع الكبير في أسعار الغذاء، وزيادة الأمراض بعد الموجات الحارة والفيضانات. ويفيد التقرير بأن هذه الصدمات قد تبدد مكاسب تحققت ب «شق الأنفس»، ما يؤدي إلى وقوع خسائر لا يمكن تعويضها، ويدفع الناس مرة أخرى إلى براثن الفقر، وبخاصة في أفريقيا وجنوب آسيا. وقال رئيس «مجموعة البنك الدولي» جيم يونغ كيم تعقيباً على التقرير، إن «التقرير يرسل رسالة واضحة بأنه لن يتسنى إنهاء الفقر ما لم نتخذ تدابير قوية للحد من تهديدات تغير المناخ للفقراء، ونخفض الانبعاثات الضارة في شكل جذري». وأضاف أن «تغير المناخ يلحق أشد الأضرار بأشد السكان فقراً، ويتمثل التحدي أمامنا الآن في حماية عشرات الملايين الآخرين من البشر من السقوط في دائرة الفقر المدقع». وذكر التقرير أن أشد السكان فقراً هم أكثر تعرضاً للصدمات المرتبطة بالمناخ، مثل الفيضانات والجفاف والموجات الحارة، وأنه حين يتعرضون إليها فإنهم يفقدون قدراً يتجاوز ما يملكونه. ويظهر التقرير الذي صدر قبل شهر من بدء محادثات المناخ في باريس، كيف يمكن تحقيق إنهاء الفقر ومحاربة تغير المناخ بمزيد من الفاعلية إذا تم التصدي لهما معاً. وخلُص إلى أن الأضرار اللاحقة بالزراعة ستكون المحرك الرئيس لأي زيادة في معدلات الفقر. وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يؤدي إلى تراجع غلال المحاصيل العالمية بنسبة 5 في المئة بحلول العام 2030، و30 في المئة بحلول العام 2080، وستكون النتائج التالية للفقر هي الآثار الصحية مع انتشار أمراض الملاريا والإسهال والتقزم، والآثار في إنتاجية العمل بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ودعا التقرير إلى بذل جهود إنمائية لتحسين قدرة الفقراء على الصمود، مثل تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي وتعميم خدمات الرعاية الصحية، إلى جانب إجراءات لمكافحة تغير المناخ للمساعدة على التكيف معه، مثل تحديث إجراءات الدفاع في مواجهة الفيضانات وأنظمة الإنذار المبكر والمحاصيل المراعية للمناخ. وذكر التقرير أن تغير المناخ سيرفع أسعار الأغذية في أفريقيا بنسبة 12 في المئة في العام 2030، و70 في المئة في العام 2080، وهي ضربة تصيب بالشلل الدول التي يشكل الإنفاق على الغذاء 60 في المئة من موازنة الأسر الأشد فقراً فيها. ويقول التقرير إن من الضروري أن يقوم المجتمع الدولي بمساندة البلدان الفقيرة حتى تتمكن من تنفيذ كثير من هذه الإجراءات. وينطبق هذا في شكل خاص على الاستثمارات التي تتضمن توافر مبالغ مالية كبيرة، مثل المواصلات العامة، والبنية التحتية للطاقة التي تتسم بالقدرة على الصمود. وفي هذا الصدد، قال ستيفن هاليغات، الخبير الاقتصادي الأول في «البنك الدولي» ورئيس فريق إعداد التقرير، إن «المستقبل ليس غير قابل للتغيير، فلدينا فرصة لتحقيق أهدافنا في مجال مكافحة الفقر وفي مواجهة تغير المناخ، شريطة أن نتوصل إلى خيارات حكيمة في السياسات». واستعرض التقرير حلولاً ناجحة للسياسات، تظهر أن التنمية السليمة يمكن أن تحمي الفقراء من الصدمات. فبعد إعصار «يولاندا» على سبيل المثال، تمكنت الفيليبين من استخدام نظام التحويلات النقدية المشروطة القائم لتسريع توزيع المعونات الطارئة على السكان المتضررين، وفي أوغندا، ساعد مزيج من أصناف المحاصيل الجديدة، وزيارات المرشدين الزراعيين، على تعزيز الدخل الزراعي للأسرة بنسبة 16 في المئة. وبدأ الحديث عن الاحتباس الحراري في عشرينات القرن ال 19، بعدما توصل الفيزيائي الفرنسي جوزيف فورييه إلى اكتشاف ارتباط بين الاحترار وتغير المناخ. وتبعه العالم جون تيندال في العام 1959، الذي كشف الغازات التي تحدث التأثير، وأكد اكتشافه العالم السويدي سفانت أرنيهوس في العام 1896، الذي أعلن وجود علاقة بين ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء وارتفاع درجات الحرارة بمعدل 5- 6 درجات مئوية. وأشارت الأممالمتحدة في تقرير حديث نُشر في برلين إلى أن «جهداً عالمياً غير مسبوق يُبذل حالياً، ويسمح بتوقع حصر الاحترار المناخي دون مستوى درجتين مئويتين إضافيتين، مقارنة بمعدل درجات الحرارة قبل مرحلة الثورة الصناعية». لكن المنظمة الدولية أكدت ضرورة «تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بدرجة أكبر بكثير في السنوات المقبلة للبقاء دون هذا الحد».