بدأت في مدينة شرم الشيخ في جنوبسيناء أمس عملية إجلاء آلاف البريطانيين من المنتجع السياحي الأبرز في مصر، بعدما أعطى وفد أمني واستخباراتي بريطاني «الضوء الأخضر» لاستئناف رحلات من مطار شرم الشيخ على متنها بريطانيون. وتعززت أمس «ترجيحات» الاستخبارات البريطانية بأن سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء السبت الماضي كان نتيجة قنبلة زرعها تنظيم «داعش»، إذ أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعليق رحلات شركات الطيران الروسية إلى مصر بتوصية من الاستخبارات الروسية. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف ان «رئيس الدولة الروسي قبل بتوصيات» رئيس جهاز الاستخبارات الروسي الكسندر بورتنيكوف و «أمر الحكومة بوضع آليات تسمح بتنفيذ هذه التوصيات»، وفق ما أوردت «فرانس برس». وبدأت أمس عملية إجلاء نحو 20 ألف بريطاني من شرم الشيخ وسط ارتباك نتيجة التكدس في المطار الذي عجّ بآلاف السياح المغادرين في مشهد لم تعهده المدينة منذ الهجمات الإرهابية الدامية التي استهدفت مواقع سياحية في شرم الشيخ عام 2005. وانتقد مصدر حكومي مصري مجدداً مسارعة دول غربية إلى الحديث عن سقوط الطائرة نتيجة قنبلة في حين أن التحقيقات في الكارثة التي أودت بحياة 224 شخصاً لم تنته بعد. وقال المصدر ل «الحياة»: «استباق نتائج التحقيقات عادة يتم من خلال وسائل إعلام أو خبراء، لكن أن يُرجّح قادة وزعماء فرضية لم تثبت بعد، فهذا أمر مثير للدهشة»، في إشارة إلى تصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما حذا فيها حذو رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون في «ترجيح» تفجير الطائرة بقنبلة. وأقرّ المصدر المصري بأن فرضية تفجير الطائرة «تُضرّ بالسياحة، أهم مورد لتوفير العملة الصعبة، في وقت تعاني مصر لتوفير النقد الأجنبي، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة ... وكأن هناك من يريد استغلال الحادث للإضرار بالاقتصاد!». وتابع أن «الحديث عن زرع قنبلة في حقائب المسافرين لم يثبت صحته من نتائج التحقيق، علماً أن غالبية الحقائب على متن الطائرة لم يصبها أي ضرر وقد سُلّمت للمسؤولين الروس». وأشار إلى أن التحريات الأمنية في شأن العاملين في مطار شرم الشيخ «تُعد أمراً روتينياً، وليس معناها أن اختراقاً قد حدث في المطار». وقال إن «مشهد إجلاء السياح البريطانيين له تأثير مادي ومعنوي في بقية الدول، هذا المشهد يوحي بكارثة في المدينة على خلاف الواقع». ونفت السلطات المصرية ما تردد عن إقالة مدير مطار شرم الشيخ الطيار عبدالوهاب علي. وقالت إن علي تمت ترقيته لمنصب نائب رئيس الشركة المصرية للمطارات، لكنه ما زال يُدير المطار إلى حين تعيين خلف له. ونفت وزارة الطيران المدني أمس منع أي رحلات طيران بريطانية من مطار شرم الشيخ، بعدما قالت شركة الطيران البريطانية الخاصة «إيزي جيت» إن السلطات المصرية علّقت رحلاتها لإجلاء العالقين في المنتجع السياحي. وقال وزير الطيران المصري حسام كمال في بيان إن الشركة (ايزي جيت) تريد تنظيم 18 رحلة طيران فى وقت واحد لنقل البريطانيين من شرم الشيخ من دون حقائبهم وترك هذه الحقائب فى المطار إلى حين نقلها بطائرات شحن ما يمثّل عبئاً كبيراً على المطار لأن سعته لا تسمح بذلك. وسأل: «كيف نسمح بترك حقائب ركاب 18 رحلة طيران في المطار؟ طلبنا من الشركة البريطانية تنظيم 8 رحلات لنقل البريطانيين على أن تقوم طائرة شحن بنقل حقائبهم من أجل سعة المطار وعدم تعطل حركة الطيران فيه». وقال مسؤول في وزارة الطيران إن الاتفاق مع السلطات البريطانية يقضي بتسيير 29 رحلة لشركات إنكليزية مختلفة لنقل البريطانيين، وشركة «إيزي جيت» كانت تريد وحدها تنظيم 18 رحلة. وأدلى السفير البريطاني لدى مصر جون كاسون الموجود في شرم الشيخ بتصريحات تؤيد رأي مصر حول عدد الرحلات التي يمكن تنظيمها من مطار شرم الشيخ الدولي لإعادة السياح. وقال: «الرحلات مقبلة وستسمح لنا بإعادة المزيد من الناس إلى الوطن اليوم (أمس)». وفي لندن، قالت متحدثة باسم مكتب ديفيد كامرون «ستشمل الإجراءات الأمنية الإضافية السماح للركاب بالسفر بأمتعتهم الشخصية فقط ونقل حقائبهم في شكل منفصل». وتابعت «نعمل مع شركات الطيران لضمان وجود ترتيبات مناسبة حتى تصل أمتعة الركاب إليهم في أسرع وقت ممكن». وتشغّل خطوط طيران «توماس كوك» و «إيزي جيت» و «مونارك» الخاصة و «الخطوط الجوية البريطانية» و «تومسون» رحلات جوية مباشرة بين بريطانيا وشرم الشيخ. وقالت شركة «مونارك» إن كل رحلاتها الخمس المقررة من شرم الشيخ ستنطلق الجمعة عائدة إلى مطارات بريطانية. وقالت «الخطوط الجوية البريطانية» انها تسيّر رحلة واحدة وإنها ستنطلق في الموعد. وأعلنت جماعة «ولاية سيناء» التي بايعت تنظيم «داعش» ومقرها سيناء مسؤوليتها عن اسقاط الطائرة الروسية. وإذا تأكد الأمر فسيكون أول هجوم للجماعة على الطيران المدني. وكتبت صحف بريطانية عدة إن الاستخبارات البريطانية تنصتت على اتصالات بين فرعي «داعش» في مصر وسورية وأنها استنتجت أن التنظيم هرّب بالفعل قنبلة إلى متن الطائرة الروسية. وأفادت وسائل الإعلام البريطانية أيضاً بأن مستشار الأمن القومي لكامرون اتصل بنظيره الروسي وربما ابلغه فعلاً بما لدى الاستخبارات البريطانية من معلومات عن تورط «داعش» في كارثة الطائرة، علماً أن بوتين كان قد اتصل بكامرون قبل ذلك ويُعتقد بأنه احتج لديه قائلاً إن من المفترض أن يقول البريطانيون للروس ما لدى استخباراتهم من معلومات عن تورط «إرهابيين» في ما حصل للطائرة المنكوبة بما أنها روسية والغالبية العظمى من ركابها روس. وكانت موسكو قد انتقدت قبل أيام إعلان لندن أنها «ترجّح» ان الطائرة تعرضت للتفجير، من دون أن يتضح أن هذا الترجيح قائم على معلومات حصلت عليها الاستخبارات البريطانية. وفي أول تصريحات له تعليقاً على الكارثة، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة إذاعية مساء الخميس: «هناك احتمال بوجود قنبلة في الطائرة. نأخذ هذا الأمر بجدية شديدة».