حرّكت دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعديل الدستور تمهيداً لنظام رئاسي، مياهاً راكدة في الملف الكردي الذي شهد تطوّراً مهماً أمس بإعلان «حزب العمال الكردستاني» إنهاء هدنة أحادية أعلنها قبل الانتخابات النيابية المبكرة التي نُظمت الأحد الماضي، بعد غارات شنّها سلاح الجوّ التركي على معاقله. ووَرَدَ في بيان ل»الكردستاني» نشرته وكالة «الفرات» للأنباء: «انتهى وقف النار وتجميد العمليات من جانب واحد، نظراً إلى سياسة الحرب التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية (الحاكم) والهجمات الأخيرة» التي يشنّها الجيش التركي. واعتبر أن الحزب الحاكم أثبت «بعد الانتخابات انه سيكون حكومة حرب»، داعياً إلى تصعيد النضال «ضد فاشيته». وأضاف: «أوضحنا دوماً أننا مستعدون لوقف نار ثنائي». واستدرك: «لكن ليس ممكناً البقاء من دون تحرّك، في مواجهة سياسات حزب العدالة والتنمية». وزاد: «أي وقف جديد للعنف لا يمكن أن يتحقّق إلا عبر إرادة جديدة داخل الدولة التركية لتسوية القضية الكردية، وعبر محادثات هدفها التوصل إلى هذه التسوية». وقُتل 18 شخصاً أمس في اشتباكات مع الجيش في جنوب شرقي تركيا حيث تقطن غالبية كردية، كما أعلن الجيش مقتل 31 مسلحاً كردياً، بغارات شنّها على مواقع ل»الكردستاني» في المنطقة، علماً أن أردوغان كان تعهد مواصلة القتال ضد الحزب، «في داخل تركيا وخارجها». دعوة أردوغان إلى تعديل الدستور أشعلت نقاشاً في «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، ما بات يهدد زعامة رئيسه صلاح الدين دميرطاش، مع قرب موعد المؤتمر الحزبي بعد شهرين. وجدّد دميرطاش رفضه عقد صفقة مع أردوغان حول النظام الرئاسي وتسوية القضية الكردية، قائلاً: «لم أرَ تغييراً في موقف الرئيس يدفعني إلى مراجعة موقفنا من هذا الموضوع». وشدد على أن الحل يكمن في العودة إلى مفاوضات الحل السلمي «والإسراع بإرسال هيئة كبيرة وذات وزن للقاء (زعيم حزب العمال الكردستاني) عبدالله أوجلان في سجنه، من أجل نقل رسائل تهدئة إلى قيادة الجناح العسكري في (جبال) قنديل» شمال العراق. دميرطاش المعروف بعدم ثقته بأردوغان، ينأى عن «صفقة» تربط بين طموح الأخير بنظام رئاسي، وبين أحلام الأكراد بحكم ذاتي والإفراج عن أوجلان وإصدار عفو عن مسلحي «الكردستاني» ونقل قياداتهم العسكرية إلى دول أوروبية. لكن قياديّين في الحزب يطالبون بمناقشة «الصفقة»، من باب «المصلحة»، مشيرين إلى أن «تمسك الحزب بموقفه من الحكومة وأردوغان لن يؤدي إلى نتائج على الأرض، مع ضرورة استغلال السنوات الأربع المقبلة التي لن تشهد فيها تركيا أي انتخابات، وهي فترة كافية لتنفيذ كل طرف تعهداته، من دون ضغوط سياسية». في المقابل، يرى أعضاء في الحزب أن الملف الكردي اتخذ أبعاداً إقليمية، بعد الدعم الروسي والأميركي للفرع السوري ل»الكردستاني»، مشددين على وجوب ألا تمرّ الغارات التركية على معاقل الحزب، مرور الكرام. كما اعتبروا أن إقناع القادة العسكريين في «الكردستاني» بالإصغاء مجدداً إلى أوامر أوجلان، سيكون صعباً من دون أن تعلن الحكومة التركية مبادرة مهمة، وهذا مستبعد بعد الخطاب الأخير لأردوغان.