يرسم خبراء سويسريون توقعات سوداوية لأسعار المواد الأولية خلال السنوات ال20 المقبلة. فبعد 15 شهراً متتالياً من هبوط أسعار هذه المواد تدريجاً، بات واضحاً أن الأسواق دخلت في أزمة أقوى من تلك التي عصفت بعالم المال عام 2008. ولا شك في أن انهيار أسعار المواد الأولية يحمل في طياته انهياراً موازياً لأسهم الشركات المنتجة لهذه المواد، إن كانت شركات تعدين أو غير ذلك، من شركة «غلينكور» السويسرية وصولاً إلى «ريو تينتو» و «بي أتش بي بيليتون». ومنذ حزيران (يونيو) الماضي، خسر سهم شركة «غلينكور»، التي تتخذ مدينة بال السويسرية مقراً، نحو 70 في المئة من قيمته، ما ألحق بالشركة خسائر يقدرها خبراء بنحو 4 بلايين دولار. ويبدو أن مشكلات أسواق المواد الأولية تتفاقم أسبوعاً تلو آخر، فالصين تمر بأزمة غير واضحة الأبعاد أو الأسباب، ما يخلق تراجعاً في استهلاك المواد الأولية. وأشار محللون في «جامعة زيوريخ»، إلى أن الصين ودول «بريكس»، وعلى رأسها البرازيل، تراجع تصنيفها من دول نامية إلى دول ذات أسواق متعبة ومهمومة تلقي بثقلها على شركات التعدين الدولية. ولا يخفي المحللون احتمال خفض تصنيف سهم شركة «غلينكور» السويسرية من «إينفستمنت غريد»، وهي درجة تقنع المستثمرين الدوليين بصدقية الشركة ودرجة الأمان العالية لأسهمها، إلى «جنك»، وهي درجة ستبعد آلاف المستثمرين عنها، فديون «غلينكور» ترتفع في موازاة ارتفاع تكاليف تغطيتها. ولا تحلّ كوارث انهيار أسعار السلع الأولية على الشركات السويسرية الكبرى فحسب، فها هي شركة «شل» تنسحب من منطقة القطب الشمالي بأكملها مع أنها استثمرت بلايين الدولارات في نفط ألاسكا. ويعوّل المحللون على مجرى أحداث السوق الدولية منذ القرن ال18 حتى اليوم، التي ترتبط بمسار كل أسعار المواد الأولية، للقول أن السلع الأولية أضحت «المريضة الأبرز» في أسواق المال الدولية، وأن تراجع أسعارها قد يستمر 20 سنة. وسيدخل العالم دوامة كارثية خلال العقدين المقبلين، ما قد يدفع بعض الدول إلى طلب العون من دول أخرى أو من المصارف الدولية. وسيكون تراجع أسعار المواد الأولية، في السنوات الست الأولى من العقدين المقبلين، الأثقل في تاريخ الرأسمالية، إذ يُتوقع أن يشهر بعض الشركات الكبرى إفلاسه تحت وطأة الديون.