لا تزال شركتا «غلينكور» و «اكستراتا» السويسريتان تتفاوضان تمهيداً لعملية دمج قد تكون الأكبر عالمياً هذه السنة. والى جانب المستثمرين، الذين ينتظرون بشغف نتائج هذه المفاوضات، بدأت بورصة زوريخ تتابع المستجدات، بما أن «زواج» الشركتين سيلعب دوراً في إعطاء البورصة السويسرية زخماً إضافياً سيجعلها بمنأى عن المفاجآت المالية المتوقعة هذه السنة، والتي من شأنها ان تضع عدداً من دول اليورو في مأزق أعمى. لا شك في أن السلطات التنظيمية المالية الدولية تتابع مفاوضات الدمج بين الشركتين السويسريتين عن كثب. فالحدث المتوقع في الأشهر التسعة المقبلة، سيؤرق شركات التعدين الكبرى، ومن ضمنها الصينية والهندية، التي تخشى من تعاظم المنافسة على منتجاتها. ويتوقع المحللون السويسريون ولادة شركة دولية «شرسة»، تدعى «غلينستراتا» من عملية الدمج هذه. وفي الواقع، بدأت قيمة أسهم شركتي «غلينكور» و «اكستراتا» التحليق عالياً حتى قبل العملية المنشودة، التي تدعمها حكومة برن بكل الوسائل. وقفزت قيمة سهم شركة «اكستراتا» للتعدين في الشهور الستة الأخيرة نحو 3.6 في المئة. في حين زادت قيمة سهم شركة «غلينكور» نحو 2.8 في المئة. ويرى المراقبون السويسريون، أن الشركة التي ستولد قريباً، أي «غلينستراتا»، ستسعى في خطوة أولى إلى شراء شركة «أنغلو أميركان» البريطانية للتعدين بأي ثمن. يُذكر أن شركة «اكستراتا» حاولت الهيمنة على هذه الشركة البريطانية قبل ثلاث سنوات، من طريق عرض شراء بلغت قيمته 40 بليون دولار. إلا أن محاولة الشراء هذه فشلت. وفي مطلق الأحوال، ستتغير المعادلات التجارية السويسرية بعد ولادة شركة «غلينستراتا» التي ستتمتع بقوة وليونة مالية ضخمة ستخولانها بسهولة «الانقضاض» على شركة التعدين البريطانية لتملّكها. ويذكر ان شركة «أنغلو أميركان» البريطانية معروضة للبيع في شكل غير رسمي، بما أن قيمتها السوقية تراجعت مقارنة بشركات التعدين الكبيرة في السنوات الثلاث الأخيرة، أكثر من 30 في المئة. لذا، لن تصطدم المحاولات السويسرية بأي معوّق يمكن أن يحول دون نجاح شراء الشركة البريطانية. ويُجمع خبراء على أن شراء شركة «أنغلو أميركان» ستكون له أهمية استراتيجية بالنسبة إلى سويسرا ونوعية صادراتها. إذ تشتهر الشركة البريطانية دولياً، بإنتاج الحديد. فيما تشرف شركة «غلينكور» السويسرية على تجارة هذه المعادن. أما شركة «اكستراتا» فتنتج كميات ضئيلة من الحديد. لذا يعتبر شراء شركة «أنغلو أميركان» خطوة ذكية جداً، ستخول شركتي «غلينكور» و «اكستراتا» تعويض النقص في الإنتاج من جهة، والسيطرة على إنتاج الحديد من جهة أخرى، تمهيداً لدخول حلبة المنافسة المباشرة مع عمالقة التعدين في المستقبل القريب، مثل شركة «ريو تينتو» البرازيلية.