بدأت في القاهرة أمس عملية تحليل بيانات الصندوقين الأسودين للطائرة الروسية المنكوبة التي سقطت في سيناء، بحضور خبراء روس ومصريين وأوروبيين. وفيما رجّحت مصادر في موسكو أن تتمكن أجهزة التحقيق من «إعطاء تصور شامل لأسباب الكارثة خلال أسابيع»، دلّت نتائج فحص جثامين الضحايا في سان بطرسبورغ إلى تعرّض الركاب لإصابات أحدثها انفجار. ونقلت «فرانس برس» أمس عن وسائل إعلام أميركية ان قمراً اصطناعياً عسكرياً رصد وميضاً حرارياً فوق شبه جزيرة سيناء لحظة تحطم الطائرة الروسية التي قتل جميع ركابها وعددهم 224 شخصاً كانوا في رحلة العودة من منتجع شرم الشيخ إلى سانت بطرسبورغ. وقال خبراء إن تناثر انقاض الطائرة وجثث الركاب على رقعة واسعة يشير إلى أنها تفككت في الجو. وقال مسؤولون لشبكة «سي ان ان» وغيرها من قنوات التلفزيون الأميركية بأن القمر الاصطناعي العسكري رصد وميضاً حرارياً لحظة الحادث ما يشير الى وقوع كارثة خلال الرحلة، ربما كان نتيجة انفجار قنبلة، على رغم أن المحللين يدرسون عدداً من الأسباب المحتملة الأخرى وبينها أن الوميض ناتج من انفجار محرك بسبب عطل، أو اندلاع حريق بسبب مشكلة هيكلية في الطائرة أو اصطدام حطام الطائرة بالأرض. وبدأ محققون أمس تفريع الصندوقين الأسودين الذي يسجل أحدهما المحادثات التي تجري في قمرة القيادة، والآخر بيانات الرحلة. وقال مصدر مصري ل «الحياة» إن المعاينة الأولية للصندوقين أظهرت أن أحدهما أصابه تلفيات محدودة، مشيراً إلى «معطيات» تدل على أن «عطلاً فنياً» أصاب الطائرة وسبب سقوطها، بعد انشطارها في الهواء. وأضاف: «من يتبنون نظرية التدخل الخارجي عبر التفجير لمجرد أن الطائرة انشطرت في الهواء، مخطئون. لو عادوا إلى تاريخ كوارث الطيران، لأدركوا أن أعطالاً أو مشكلات فنية قد تسبب الانشطار في الهواء». وأوضح أن فرضية «التفجير عبر صاروخ باتت مستبعدة تماماً، بعدما توافرت معلومات رصدتها الأقمار الاصطناعية للحظة تحطم الطائرة. أما التفجير الداخلي فأيضاً نظرية مستبعدة، ليس بسبب الإجراءات الأمنية المتبعة في المطارات المصرية وخصوصاً مطار شرم الشيخ فحسب، ولكن أيضاً لأن الدلائل على الأرض المستخلصة من فحص حطام الطائرة، تنفي تلك الفرضية، فالمسافة بين ذيل الطائرة والجزء الأساسي من حطامها تبلغ نحو 5 كيلومترات، وظهر أن الذيل سقط أولاً، وحطامه لا توجد به آثار حريق، فضلاً عن أن جناحي الطائرة أيضاً لم يحترقا، وأجزاء أخرى من الحطام لم يظهر فيها آثار حريق كبير، وكثير من أمتعة الضحايا، لم تحترق. منطقة خزان الوقود، هي التي احترقت، ما يشير إلى استبعاد فرضية التفجير بقنبلة من الداخل». واستطرد: «عدم إرسال قائد الطائرة أي استغاثة، يدفع أيضاً في اتجاه أن عطلاً فنياً أصاب الطائرة ومنعه من الاستغاثة، فلو أن الطائرة تعرضت لهجوم داخلي، فقد تتوافر الفرصة لإرسال الاستغاثة، لو أن الحالة الفنية للطائرة سليمة». لكن المصدر أوضح أن كل تلك المعطيات يتم تجميعها، لتكوين تصور أمام فريق التحقيق، وتفريغ بيانات الصندوقين الأسودين سيكون له أثر كبير في هذا الصدد، فضلاً عن أنه يتم البحث حتى الآن عن أجزاء من حطام الطائرة ما زالت مفقودة، في مناطق وعرة على الأرجح. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال إن ادعاء تنظيم «داعش» الإرهابي أنه أسقط الطائرة «دعاية تهدف إلى الإضرار بسمعة مصر». وفي موسكو، نقلت وكالة «تاس» الرسمية عن مصدر في لجنة التحقيق انه تم العثور في مكان الحادث على «عناصر غريبة لا صلة لها بمكونات الطائرة وتم ارسالها للتحليل»، في وقت قال خبراء روس إن نتائج فحص جثامين الضحايا دلت الى وجود تشوهات وإصابات حادة تشير الى وقوع انفجار على متن الطائرة. وأشار خبراء الطب الشرعي إلى أن فحص المجموعة الأولى من الضحايا اظهر وجود تشوهات وإصابات حادة في الصدر والبطن والحوض وكسور متعددة من الأطراف العلوية والسفلية تشير إلى حدوث انفجارات أدت إلى إصابة الركاب. ولفتوا الى وجود حروق في بعض الجثث طاولت أكثر من 90 في المئة من الأنسجة الرخوة، مؤكدين أن هذه الإصابات تكون عادة بسبب تعرض الأجسام لمواد كيماوية أو لتأثير حراري. في الأثناء تواصلت في سان بطرسبورغ حيث تم نقل 140 من جثامين الضحايا إضافة الى مقتنيات شخصية، عمليات التعرف على الضحايا وأكد مصدر طبي انتهاء إجراءات الطب الشرعي التي اشتملت تشريح الجثامين لمعرفة السبب المباشر للوفاة.