وسع الجيش الباكستاني أمس، نطاق عملياته التي استهلها قبل يومين في بلدة دير السفلى في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، واقتحمت ثلاث وحدات تابعة له بلدة بونير المجاورة، في محاولة ل «طرد 450 متشدداً» منها، وهو ما نفته حركة «طالبان - باكستان» وحركة «تطبيق الشريعة» في إقليم وادي سوات، واللتان أكدتا انهما سحبتا قواتهما الجمعة الماضي، في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام الذي وقعته حركة «تطبيق» الشريعة مع الحكومة الإقليمية في شباط (فبراير) الماضي، قبل ان تجمده أول من أمس. وأعلن الناطق باسم الجيش الباكستاني اللواء اطهر عباس أن عدد المسلحين في بونير فاق عدد رجال الشرطة وحرس الحدود فيها، «لذا اعتبر تدخل الجيش حتمياً في البلدة بمساندة سلاح الجو» الذي نفذ عمليات قصف توقع زعماء قبليون ان تزيد التهجير القسري من منطقة القبائل، وسط أنباء عن نزوح حوالى ثلاثين ألف شخص منذ الأحد الماضي من بلدة دير السفلى الى مناطق بيشاور ونوشيرا وتيمارقاره. وكانت الحكومة عجزت عن تقديم أي مساعدات لأكثر من 700 ألف شخص نزحوا من سوات وباجور الصيف الماضي، حين باشر الجيش عملياته ضد المتشددين في الإقليمين. واتهم اللواء عباس جهات لم يسمِها بالعمل لتزويد المقاتلين في بونير ودير السفلى وسوات بسلاح وذخيرة من خارج الحدود، علماً أن هذه المناطق غير محاذية للحدود مع أفغانستان التي تكرر إسلام آباد تأكيد حصول عمليات لتهريب السلاح منها، وحدد مهلة أسبوع للقضاء على المسلحين في بونير، مشيراً الى مقتل 75 منهم ، في مقابل سقوط 10 جنود وخطف آخرين في مدينة منغورا كبرى مدن سوات. واستبعد تقدم المسلحين الى العاصمة إسلام آباد، معتبراً أنه «افتراضات وخيالات». ووصف وزير الإعلام في حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي ميان افتخار حسين، الوضع في بونير بأنه «مخيّب»، مشدداً على تمسك الحكومة بتطبيق اتفاق السلام في سوات من اجل استعادة السلام في منطقة القبائل المضطربة. ودعا وزير الداخلية رحمن ملك مؤسس حركة «تطبيق الشريعة» الملا صوفي محمد إلى معاودة الحوار حول وسائل تطبيق الاتفاق، في وقت عمدت إسلام آباد الى إصدار فتاوى وفرتها جماعات دينية موالية لها، بينها جماعة «التبليغ» الوعظية، لدعم الحملة العسكرية ضد متشددي سوات. وجاء في إحدى الفتاوى ان «استخدام القوة لتطبيق الشريعة غير جائز، والدعوة لفرضها يجب ان تحصل سلماً من دون التورط في نزاع مع الحكومة». لكن أحزاباً باكستانية معارضة اتهمت الحكومة ب «قتل الشعب إرضاء لواشنطن والدول الغربية» التي رحبت بعمليات الجيش، علماً ان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أعلن خلال زيارته إسلام آباد اول من أمس، ان بلاده ستدعم جهاز الاستخبارات في باكستان بعشرة ملايين جنيه إسترليني. وأبلغ خالد خواجا، الضابط السابق في الاستخبارات الباكستانية والذي يرأس الآن لجنة الدفاع عن المفقودين الباكستانيين، «الحياة» أن عمليات الجيش في بونير ودير وسوات، والتي تسبق بعشرة ايام زيارة الرئيس آصف علي زرداري لواشنطن، تكرر الإجراءات التي اعتمدها الرئيس السابق برويز مشرف قبل قيامه بزيارات مماثلة أو وصول مسؤول غربي بارز الى إسلام آباد. وأشار الى ان واشنطن ستواصل، كما فعلت في عهد مشرف، مطالبة إسلام آباد ببذل جهود إضافية في مواجهة المتشددين في مناطق القبائل، «ما سيعني دفع الجيش وقوات الأمن ثمناً بشرياً باهظاً».