وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مرسوماً يعترف رسميا بشبه جزيرة القرم «دولة مستقلة»، في اعقاب التصويت على الانفصال عن اوكرانيا والانضمام الى روسيا. ويعترف المرسوم «بجمهورية القرم دولة مستقلة ذات سيادة تتمتع فيها مدينة سيباستوبول بمكانة خاصة». وغداة الاستفتاء على انفصال إقليم شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا، اضطر الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة إلى اتخاذ إجراءات تؤكد رفضهما الأمر الواقع الجديد. وحظّر الاتحاد منح تأشيرات ل 13 من الروس مسؤولين عن تنظيم الاستفتاء ليس بينهم وزراء في الحكومة، و8 أوكرانيين، وتجميد أرصدتهم، فيما أعلنت واشنطن لائحة ب 7 مسؤولين روس تشملهم عقوبات مماثلة بينهم ديميتري روغوزين نائب رئيس الوزراء الروسي، ورئيسة مجلس الاتحاد (الشيوخ) فالنتينا ماتفينكو، ونائبان في مجلس «الدوما»، ومستشاران مقربان من الرئيس فلاديمير بوتين هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف، إضافة الى 3 من قادة «انفصاليي» القرم والرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش. (للمزيد) وسخر روغوزين من العقوبات الأميركية، قائلاً: «نسأل الرفيق الرئيس الأميركي باراك اوباما، ماذا عن الذين لا يملكون حسابات أو ممتلكات في الخارج؟ هل فكرتم بهذا الأمر؟ أظن أن مخادعين أعدّوا مسودة القرار للرئيس الأميركي». وبعدما طالب برلمان القرم بالانضمام إلى روسيا، إثر تصويت 96.6 في المئة من ناخبي الإقليم الأوكراني على الانفصال، يأمر بوتين، في خطاب يلقيه اليوم، مجلسي الدوما (البرلمان) والاتحاد الفيديرالي (الشيوخ) بتسريع الآلية القانونية لضم الإقليم. ولفت اقتراح موسكو «خريطة طريق» تضمنت شروطاً لتسوية أزمة أوكرانيا، بينها «اعتراف كييف باستفتاء القرم والعمل لصوغ دستور جديد يمهد لتنظيم انتخابات رئاسية ونيابية، ومكافحة التطرف عبر حظر القوميين المتطرفين وملاحقتهم». لكن كييف التي استدعت سفيرها في موسكو للتشاور رفضت الاقتراح. وقال ديبلوماسي روسي ل «الحياة»، إن «الخريطة هدفت إلى إبلاغ الأوروبيين والولاياتالمتحدة رسالة تفيد بأن الوضع في القرم بات أمراً واقعاً يجب التعامل معه بموازاة جهود تسوية الوضع في أوكرانيا. وفي رسالة ضمنية أخرى، نبّه المذيع التلفزيوني ديميتري كيسيليوف المعروف بصلاته القوية بالكرملين، إلى القدرات النووية الروسية في مواجهة لجوء البيت الأبيض إلى العقوبات، وقال: «روسيا هي الدولة الوحيدة في العالم القادرة على تحويل الولاياتالمتحدة إلى حطام إشعاعي». وكان بوتين عيّن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي كيسيليوف رئيساً لوكالة أنباء جديدة مهمتها «تقديم البلاد في أفضل صورة». ووجّه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسيل رسالة إلى موسكو حول «يدهم الممدودة» لكسر دوامة الأزمة وإطلاق مسار سياسي يضمن وقف التصعيد والتحرك لتفكيك أسباب الصراع، إذ كررت وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون دعوتها موسكو إلى «بدء حوار مع أوكرانيا ومحاولة وقف التصعيد في أقرب وقت»، لكنها استدركت أنها «لا ترى مؤشراً إلى ذلك». وطالب وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير بنشر مراقبين من منظمة الأمن والتعاون الأوروبي جنوبأوكرانيا وشرقها ل «تأكيد عدم تحرك روسيا على جانبي حدود القرم، وألا تعمل لزعزعة استقرار أوكرانيا». وأضاف: «يجب أن يحصل ذلك خلال أسبوعين أو ثلاثة، قبل فوات الأوان، لكن الأمر رهن بقرار موسكو». ورأى وزير خارجية اللوكسمبورغ، جان أسلبورن، أن «روسيا تواجه عزلة دولية»، لكنه نبّه إلى «الواقعية السياسية لاستفتاء القرم»، في إشارة إلى وجود أقليات روسية في أوكرانيا لا يمكن تجاهل حقوقها.