أمرت روسيا بإجلاء جنود أوكرانيين من شبه جزيرة القرم والتي انضمت مؤخرا إلى الاتحاد الروسي. ويسري هذا القرار تحديداً على أفراد لواء محمول جواً يضم 61 رجلاً يرغبون في مواصلة خدمتهم في الجيش الأوكراني. وكانت قيادة جمهورية القرم الموالية لروسيا طلبت من الجنود التخلي عن معداتهم في حال رغبوا في مغادرة شبه الجزيرة، لكن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أصدر أمراً بتمكين الجنود الأوكرانيين من مغادرة القرم بمركباتهم على أن يصاحبهم جنود روس تابعون للشرطة العسكرية حتى الحدود. وقالت وكالة الأنباء الأوكرانية (أونيان) أمس السبت إن وزير الدفاع الأوكراني إيجور تنيوخ اتهم قادة عسكريين في القرم ب"الضعف الأخلاقي" وقال الوزير متحدثاً عن قائد للجيش شكا من عدم وجود دعم أو توجيهات من هيئة الأركان إن "الرجال لا يبكون". وانتقد تنيوخ سوء تدريب الجيش الأوكراني خلال السنوات الماضية وعدم تجهيزه لمواجهة المواقف الخطير. من جانبه قال سيرجي جايدوك قائد البحرية الأوكرانية في مقابلة مع محطة "تي إس إن" التلفزيونية إن على الجنود الأوكرانيين في القرم تأمين قواعدهم وسفنهم الحربية مستبعداً انسحابهم. الى ذلك أسفت الخارجية الروسية لقرار المجلس الأوروبي فرض عقوبات إضافية على روسيا، واصفة إياه بالمنفصل عن الواقع، لافتة إلى أن موسكو تحتفظ بحق الرد الملائم. رئيس الوزراء الأوكراني يلتقي وزير خارجة ألمانيا شتاينماير في كييف (رويترز) ونقلت وسائل إعلام روسية عن المتحدث باسم الوزارة ألكسندر لوكاشيفيتش قوله في حديث صحافي إن قرار فرض عقوبات أوروبية على روسيا "منفصل عن الواقع"، مضيفاً "نعتقد أن الوقت قد حان للعودة إلى الأرضية البراغماتية من التعاون الذي يجسد مصالح دولنا". وأكد لوكاشيفيتش إلى أن "الطرف الروسي يحتفظ بحقه في الرد المناسب على الإجراء المتخذ". وأعلن الاتحاد الأوروبي أمس الأول عن فرض عقوبات على 12 شخصاً جديداً مرتبطين بالأزمة التي أسفرت عن ضم القرم إلى روسيا. ومن بين الأسماء المدرجة دميتري روغوزين نائب رئيس الوزراء، وفلاديسلاف سوركوف مساعد رئيس الدولة، ورئيسة مجلس الاتحاد فالينتينا ماتفيينكو، ورئيس مجلس النواب (الدوما) سيرغي ناريشكين. من جهة ثانية قال مسؤولون أمريكيون كبار إن العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي أعدت بعناية في محاولة لاستهداف الدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين وذلك دون استفزاز موسكو ودفعها للانتقام من شركات أمريكية. وقال مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه إن المخاوف من احتمال حدوث رد انتقامي من جانب روسيا "ساهمت في بلورة المناقشات الخاصة بالعقوبات المناسبة" داخل البيت الأبيض و"ثمة إدراك بأنه حتى العقوبات الموجهة قد يكون لها تأثير واسع". ويوم الخميس أعلن الرئيس الامريكي باراك أوباما تجميد أرصدة وحظر ابرام أي صفقات مع 20 روسياً ومصرفاً روسياً رداً على ضم الرئيس بوتين القرم لبلاده. جاءت العقوبات أكثر شدة من تلك التي أعلنها أوباما قبل ثلاثة أيام وأدت إلى خسائر حادة في البورصة الروسية. وقالت وزارة المالية الروسية إنها قد تضطر لإلغاء خطة الاقتراص من الخارج للعام الحالي. ولم يتضح إن كانت العقوبات ستثني بوتين عن التدخل بدرجة أكبر في أوكرانيا أو عدوله عن ضم أوكرانيا أو دفعه للجلوس إلى طاولة التفاوض وهو أمر أقل احتمالاً. على صعيد آخر وصل وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر كييف أمس غداة الدعم القوي الذي قدمه القادة الأوروبيون للسلطات الأوكرانية الجديدة فيما تواصل القوات الموالية للروس هجومها في اتجاه قواعد عسكرية أوكرانية في القرم. فقد سيطر بحارة روس على الغواصة الأوكرانية الوحيدة في القرم "زابوريجيا" وفق مشاهد بثتها القناة الأوكرانية الخامسة السبت. وفي الأيام الاخيرة، عرفت العديد من القواعد والسفن الأوكرانية المصير نفسه بعدما سلمها الجنود الأوكرانيون للقوات الروسية أو تلك الموالية لها من دون قتال. وذكرت قناة ان تي اس التلفزيونية ان بعض المؤسسات لا تزال "تقاوم"، على غرار معهد الطاقة النووية في سيباستوبول الذي يضم ثلاثة مفاعلات ولا يزال يرتفع عليه العلم الأوكراني. وندد شتاينماير السبت بالاستفتاء في القرم الذي أدى إلى إلحاق شبه الجزيرة بروسيا معتبراً إياه "محاولة لتقسيم أوروبا". وقال أمام الصحافيين في ختام لقاء مع رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك إن "الاستفتاء وقرار مجلس الاتحاد(الروسي) يشكلان انتهاكاً للقانون الدولي ومحاولة لتقسيم أوروبا". وكان يشير إلى قرار مجلس الاتحاد الروسي الذي صوت الجمعة على إلحاق القرم بروسيا. وبحث المسؤولان احتمال تقديم ألمانيا مساعدة فنية للقوات المسلحة الأوكرانية كما قال ياتسينيوك. وقال رئيس الوزراء الأوكراني "بحثنا مسألة التعاون الفني العسكري للمساعدة في تحسين المعدات وتعزيز القوات المسلحة الأوكرانية". واعتبرت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشنكو الجمعة أن الرئيس بوتين بضمه شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى روسيا "خسر أوكرانيا إلى الأبد بعدما أعلن الحرب علينا". ودعت تيموشنكو مواطنيها إلى الاستعداد للقتال إذا ما حاولت القوات الروسية احتلال المزيد من الأراضي الأوكرانية. وقالت "علينا أن نكون مستعدين إذا ما اجتاز بوتين الخط الأحمر"، مؤكدة أن حوالي 100 ألف جندي روسي محتشدون حالياً على الحدود مع أوكرانيا. من جانبها أعلنت الدول ال57 الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إرسال بعثة مراقبين إلى أوكرانيا بعد أن وافقت روسيا على سحب اعتراضاتها. وسيتألف الفريق المدعو إلى الانتشار في مجمل أرجاء البلاد باستثناء منطقة القرم الانفصالية، من نحو مئة مراقب مدني بينهم "فريق طليعي" يتوقع وصوله في غضون 24 ساعة. وأملت الخارجية الروسية في بيان السبت ان "تساعد الأهداف والعمل الحيادي للمراقبين الدوليين في تجاوز الأزمة في أوكرانيا". لكنها أضافت ان "تفويض البعثة يعكس الحقائق السياسية والقانونية الجديدة ولا يشمل القرم وسيباستوبول اللتين تشكلان جزءاً من روسيا".