اختتم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته لإسرائيل بخطاب مفعم بإعجابه وحبه لإسرائيل وبالتزام الولاياتالمتحدة أمن الدولة العبرية «أفضل صديقة للولايات المتحدة»، وإن ارفقه بانتقاد قرار وزارة الداخلية بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدسالمحتلة، وهو انتقاد لاقى التصفيق من الحاضرين من طلاب جامعة تل أبيب. ونقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» على الانترنت عن مسؤولين في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قولهم إن الانطباع لديهم في أعقاب المحادثة التي أجراها الأخير مع بايدن قبل نصف ساعة من إلقائه خطابه في الجامعة هو أن «القضية المحرجة» التي خلّفها الإعلان عن البناء الجديد «أصبحت خلفنا»، وذلك «بعد أن اعتذر نتانياهو من ضيفه»، وأكد له مجدداً أن الإعلان عن البناء الجديد «نجم عن خلل وسوء تفاهم». وبدأ بايدن في خطاب قصد توجيهه مباشرة إلى الإسرائيليين، بالإعراب عن انفعاله من حفاوة الترحاب به في كل مرة يزور فيها إسرائيل وحبه لها بقوله: «إسرائيل قريبة من قلبي، وكانت في مركز اهتماماتي كسيناتور، والآن كنائب للرئيس». وأضاف: «ندرك أنه لا يوجد للولايات المتحدة صديق أفضل من إسرائيل في المجتمع الدولي ... العلاقات بيننا متميزة وفي مجالات عديدة وفي إطارها التزامنا الثابت لأمن إسرائيل ... وفضلاً عن الدعم الأمني السنوي بمبلغ ثلاثة بلايين دولار سنوياً، فإننا نسعى دائماً الى الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل ... وممنوع غض الطرف عن دول تدعو الى القضاء على إسرائيل». وعن المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، قال بايدن إن الرئيس باراك «اوباما يثق برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، وبالنسبة الى الإسرائيليين هناك أخيراً زعيم فلسطيني يشاركهم فكرة إقامة دولة فلسطينية». وأضاف انها «فرصة لا ينبغي تفويتها ... لكن بدلاً من ذلك تقوم الحكومة الإسرائيلية بالتصديق على بناء (في مستوطنات القدس)، ما يزعزع الثقة ومواصلة الاتصالات ... وطلبت من الرئيس اوباما أن يندد بالقرار فوراً». وصفق الحاضرون لهذا الكلام. وتابع: «قد يفاجَأ بعضكم، كيف لمؤيد متحمس لإسرائيل مثلي ان يقول هذا الكلام، لكن بكل صدق، فقط صديق يمكن أن ينقل إليكم الحقيقة الصعبة ... وأنا أثمّن رد فعل نتانياهو الذي أصر على الامتناع عن ذلك (اتخاذ قرارات مفاجئة من دون إطلاعه)، مؤكداً ان البدء في البناء يحتاج الى سنوات ... هذا مهم لأنه يتيح للمفاوضات حل هذه المشكلة كما الأخرى». وتابع بايدن أن «الوضع القائم الآن ليس هو الوضع الذي يجب أن يتواصل ... بالنسبة الى إسرائيل، النضال هو من أجل الحفاظ على هويتها وتحقيق الأمن الذي تحتاجه، وبالنسبة الى الفلسطينيين فإن الدولة ليست مجرد طموح بعيد المدى إنما تحقيق الكرامة الذاتية التي يرجونها منذ سنوات ... نحن نتفهم ريبة كل من الطرفين ... وسنحمل المسؤولية لأي طرف يمس بالمفاوضات ... لا يمكن أن نتلكأ لأن المتطرفين يقوون ... نحن نتحدث عن مفاوضات غير مباشرة، لكن الطريق الوحيد للسلام هو في المحادثات المباشرة ... ونؤمن انه عبر المفاوضات يمكن للطرفين بلوغ إنهاء النزاع، بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 وإسرائيل كدولة يهودية لها مصالحها الأمنية ... يجب كسر دائرة العنف الناجمة عن فقدان ثقة الطرف بالآخر ... الآن هناك مبادرة عربية تضمن أمن إسرائيل بين جاراتها، لا خيار أمامنا سوى السلام، ويجب فهم ذلك». وتناولت وسائل الإعلام العبرية الاتصالات المكثفة التي أجرتها أوساط نتانياهو مع المرافقين لنائب الرئيس ومع موظفي البيت الأبيض بهدف محاولة إزالة التوتر، وسط حرص مكتب نتانياهو على إصدار بيان علني قال فيه إن رئيس الحكومة تحدث الى نائب الرئيس الاميركي، وأعرب له عن «أسفه للتوقيت غير المناسب» للاعلان عن البناء. وقال الامين العام للحكومة الإسرائيلية تسفي هاوزر في مقابلة مع الإذاعة الرسمية إن التصديق على مخطط بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس (المحتلة) «كان خللاً مربكاً، وسيتم اتخاذ كل ما يلزم للحيلولة دون تكراره في المستقبل». وأضاف ان النشر «أثار الغضب والسخط، وان رئيس الحكومة أجرى (أول من أمس) محادثة شديدة اللهجة مع وزير الداخلية ايلي يشاي». وتابع أن الإعلان «لم يقع عن قصد، وان يشاي أيضاً وصف النشر بأنه جاء في توقيت بائس». وزاد ان «الإشكالية في الإعلان عن مشروع البناء الاستيطاني تكمن فقط في توقيت الإعلان عنه خلال زيارة بايدن لإسرائيل» مضيفاً أنه يجب التأكيد أن «البناء في (مستوطنات) القدس سيستمر طبقاً للاحتياجات، وأوضحت إسرائيل أن تعليق البناء لا يسري على العاصمة، بل سيتواصل كما في تل أبيب وحيفا أو أي مدينة أخرى»، مؤكداً أن «الحكومة ستعمل ما يلزم لتلبية حاجات سكان المدينة». وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت في عنوانها الرئيس أمس أن بايدن «يغلي غضباً» على إسرائيل على خلفية إصرارها على مواصلة البناء في المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، وانه هاجم بشدة غير مسبوقة حكومة نتانياهو وقرار البناء، وألمح في اجتماعات مغلقة إلى أن القرارات التي يتخذها نتانياهو في شأن مواصلة البناء في المستوطنات «من شأنها أن تشعل النيران في الشرق الأوسط كله». وتابعت أن بايدن يرى البناء في القدسالشرقية «بمثابة مادة تفجيرية قد تجر الشرق الأوسط برمته نحو حرب دامية»، «كما يشكل خطراً على الولاياتالمتحدة وعلى القوات الأميركية في أفغانستان والعراق». وزادت أنه قال للإسرائيليين إن «ما تقومون به يمس بأمن جنودنا الذين يقاتلون في العراق وأفغانستان، وهذا يعرّضنا ويعرض سلام المنطقة كلها إلى الخطر». وأضافت أن نائب الرئيس الأميركي أوضح لمضيفيه أن العالم الإسلامي يربط بين أفعال إسرائيل وسياسة الولاياتالمتحدة، «وكل قرار يمس بحقوق الفلسطينيين في القدسالشرقية من شأنه أن ينعكس على الأمن الشخصي للجنود الأميركيين الذين يقاتلون الإرهاب الإسلامي». وانتقد وزراء حزب «العمل» إقرار البناء في المستوطنة وأعلن وزير الزراعة العمالي شالوم سمحون انه يتحتم على الحزب ان يفكر في الانسحاب من الائتلاف الحكومي إزاء الصعوبات المتزايدة في المشاركة في مثل هذا الائتلاف». وأضاف ان «غضب بايدن مبرر. لقد ارتكبت (اسرائيل) خطأ فادحاً، وهناك ثمن لا بد من دفعه ... بات من الصعب أكثر فأكثر بالنسبة الينا نحن اعضاء حزب العمل، ان نستمر في هذه الحكومة». لكن مراقبين استبعدوا أن يبادر «العمل» المتفكك إلى الانسحاب حيال استطلاعات الرأي التي تنذر بقرب زواله.