حذّر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، من «الاختلالات» التي قد تواجهها البلاد بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط وعائداته، ودعا الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) إلى التعاون في اتخاذ الإجراءات لمواجهة ذلك، كما دعا الكويتيين الى «الترشيد وتصحيح نمط الإنفاق الاستهلاكي». وقال الشيخ صباح في افتتاح الدورة البرلمانية أمس، أن «التراجع في العائدات بلغ 60 في المئة، ما سيخلق عجزاً في الموازنة، والتأخير في المعالجة سيخلق تراكماً في العجز». وركّز الأمير على الجوانب الأمنية في ظل حادثتين أمنيتين بارزتين شهدتهما الكويت هذا العام: تفجير مسجد الصادق الشيعي، وضبط خلية متّهمة بالارتباط بإيران و «حزب الله» وفي حوزتها أطنان من الأسلحة والمتفجرات، مشيراً الى انتشار العنف في المنطقة، ومشيداً بقيادة المملكة العربية السعودية «عاصفة الحزم». وقال أن الكويت ظلّت «دار أمن وأمان وواحة رخاء واستقرار، ينعم أهلها بالحرية والتراحم وسط محيط تستعر فيه نيران الحروب الأهلية والصراعات الطائفية والعرقية، تخوضها جماعات وتنظيمات مسلّحة أشاعت الفوضى والإرهاب ونشرت الخراب والدمار، وتسبّبت في سقوط مئات آلاف القتلى والمصابين ونزوح آلاف المشرّدين من ديارهم». وأشار الى تفجير مسجد الصادق في حزيران (يونيو) الماضي، الذي تبناه «داعش» وأودى ب26 من المصلين الشيعة، وقال: «إنه لخطير حقاً أن وباء الإرهاب وجد طريقه إلينا واقترف جريمته الشنعاء (...) غير أن تلاحم شعبنا فوّت الفرصة على من يريد النيل منا، وسطّر أروع صور للوحدة الوطنية». كما أشار أيضاً، الى ضبط أطنان من المتفجرات والأسلحة في العبدلي، وتنظر المحاكم الكويتية في أمرها. وأكد «أن هذه الجريمة النكراء والخلايا الإرهابية ومخازن الأسلحة والمعدات الإرهابية التي كشفتها العيون الساهرة على أمن الوطن (...) تدق عالياً أجراس الخطر تحذيراً وإنذاراً، وتوجب علينا المزيد من اليقظة والانتباه». وزاد: «لن نسمح أبداً بإثارة الفتنة والبغضاء أو العزف على أوتار الطائفية البغيضة أو استغلال النزاعات القبلية والفئوية والعرقية والطبقية»، مشدداً على أنه «إذا حدث أن أخطأ فرد في حق الوطن أو المجتمع أو خان الأمانة وفرّط بشرف الانتماء الوطني، فلا يجوز أبداً التعميم على طائفته أو قبيلته بغير سند أو دليل». وجدّد التأكيد أن «أمن الكويت جزء لا يتجزأ من أمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكل تهديد يستهدف إحدى دول المجلس إنما هو تهديد لأمن الكويت وسائر دول المجلس، نرفضه ونتداعى لدفعه ونتعاون لدحره». وأضاف: «وقد تجسّد هذا عملياً حين تعرضت الكويت لعدوان غاشم واحتلال آثم عام 1990، كما تأكد هذا جلياً حين لاحت أخيراً نذر الخطر والتهديد لأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة، الذي هو أمن لنا جميعاً، فهبت دول مجلس التعاون بمشاركة فعالة في عاصفة الحزم التي أطلقها وقادها بكل شجاعة وإقدام، أخونا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حماية لأمن المملكة الشقيقة ودفاعاً عن الشرعية في اليمن الشقيق». ثم انتقل الأمير الى الشأن الداخلي وتأثير تراجع العائدات النفطية، فقال: «سبق أن حذرت من أخطار النمط الاستهلاكي في مجتمعنا، وتزايد الإنفاق الحكومي الاستهلاكي الذي لا طائل منه ولا عائد، وذلك على حساب مجالات التنمية والاستثمار». وتابع: «لقد أدى انخفاض أسعار النفط عالمياً الى تراجع في إيرادات الدولة بحوالى ستين في المئة، في حين استمر الإنفاق العام على حاله من دون أي تخفيض يتناسب مع انخفاض سعر النفط، وهذا ولّد عجزاً في ميزانية الدولة يثقل كاهلها ويحدّ من طموحاتنا التنموية». ودعا الى «المسارعة الى مباشرة إجراءات جادة وعاجلة لاستكمال جهود الإصلاح الاقتصادي وإنجاز أهدافه، وهي تستهدف ترشيد الإنفاق العام وتخفيضه، والتصدي على نحو فعال لمظاهر الفساد وأسبابه، ومعالجة الاختلالات التي تشوب اقتصادنا الوطني، حيث أن التأخير يزيد العجز تراكماً والوضع تفاقماً، ما يتطلب جهوداً أكبر وكلفة أعلى في المستقبل».