افادت دراسة فرنسية ان مبادىء الاسلام تحل تدريجيا محل قيم الجمهورية في الضواحي الفرنسية التي تعاني من البطالة والفقر ويقول سكانها ان السلطات تخلت عنهم. وقبل نشر الدراسة التي تحمل عنوان "ضاحية الجمهورية"، امضى معدها جيل كيبيل وفريقه عاما كاملا في ضاحيتين متميزتين في منطقة باريس هما كليشي سو بوا ومون فيرميل اللتين تضمان ستين الف نسمة وانطلقت منهما اعمال الشغب في 2005. وقال كيبيل لصحيفة لوموند انه وجد في دراسته الثانية منذ تقريره الاول قبل 25 عاما، ان الرجوع الى الاسلام "تعزز وتنوعت اشكاله" في الضواحي. واشار خصوصا الى ارتياد المساجد بشكل منتظم والصيام بشكل نظامي من قبل الرجال واحترام "قواعد الحلال" والحرام بصرامة في كل جوانب الحياة وليس في الطعام وحده. وتحدث التقرير عن تراجع ارتياد الطلاب للمطاعم المدرسية بسبب قضايا تتعلق بالحلال وهو امر اعترض عليه رئيس بلدية مونفيرميل اليميني كزافييه لوموان. وقال لاذاعة فرنسا-1 ان "بعض الاطفال" في مدينته "لم يعودوا يتناولون طعام الغداء في مطعم المدرسة او يتوجهون اليه لتناول مقبلات والحلويات". ودهش الباحثون ايضا عندما وجدوا انه خلافا لاستطلاعات الرأي التي تؤكد تأييدهم للزواج المختلط، "اكد عدد كبير من محادثينا المسلمين انهم يعارضون الزواج من غير مسلم". وتعود الدراسة الى الاضطرابات التي شهدتها الضواحي الفرنسية في 2005. وقد شككوا في "الرواية الكبرى حول تأسيس فرنسا الحديثة والتصور العام الضمني بان الامة ما زالت قادرة على استيعاب التغيرات الاجتماعية والثقافية والاتنية ايا تكن". وقال كيبيل ان " لب المشكلة اجتماعي وسبب انكار الحق في الدمج في المجتمع وخصوصا الحصول على عمل". وبذلك تحل قيم الاسلام محل قيم الجمهورية التي تبدو وعدا بالمساواة لم يتم تنفيذه. ويقول حسن الذي نقلت الدراسة تصريحاته ان "نظرة الآخرين لا تجعلنا فرنسيين". واكد كلود ديلان رئيس بلدية كليشي الاشتراكي ان "احد اسباب الوجود القوي للاسلام هو ان الجمهورية انسحبت. هؤلاء الاشخاص الذين شعروا انه تم التخلي عنهم اضطروا للبحث عن هوية اخرى والاسلام حقق الى حد كبير طلبهم المتعلق بالهوية". ويشير الباحثون الى ان تجمع كليشي مونفيرميل الذي يخضع لأهم برنامج للتحديث في فرنسا ما زال يشهد بطالة مرتفعة واخفاقا في التعليم وشبكة نقل سيئة جدا. وكليشي هي ايضا واحدة من المدن الفرنسية التي تضم نسبة كبيرة من الاجانب (33 بالمئة). ويفترض ان تؤدي الدراسة التي اعدت لحساب معهد مونتين وهو مركز فكري الى مقترحات في كانون الثاني-يناير كما قال جيل كيبيل الذي اوضح ان "المستقبل مرتبط بقدرات على اعادة دمج الضاحية في مشروعنا الوطني". ومن منع النقاب في الاماكن العامة الى التساؤلات عن الهوية الوطنية ورغبة الرئيس نيكولا ساركوزي في "ولاة اسلام لفرنسا وليس اسلام في فرنسا"، ما زالت مكانة ثاني ديانة في البلاد تثير جدلا. وتتزامن الدراسة التي اعدها كيبيل مع نشر عمل الصحافي الاميركي كريستوفر كالدويل الفرنسية "ثورة امام اعيننا". ورأى كالدويل ان النتائج الاجتماعية والدينية والسياسية لهجرة المسلمين تعيد تشكيل اوروبا. وتفيد التقديرات ان فرنسا تضم بين خمسة وستة ملايين مسلم، (اكبر جالية للمسلمين في اوروبا)، من اصل 65 مليون نسمة.