في وقت انسحبت فيه حاملة الطائرات الأميركية «ثيودور روزفلت» الرابضة في مياه الخليج العربي منذ عام 2007، تسعى السعودية إلى ملء الفراغ عسكرياً من خلال الوجود في منطقة القرن الأفريقي. وأرجع وكيل المخابرات المصري السابق اللواء محمد رشاد التحرك السعودي الأخير في منطقة القرن الأفريقي إلى رغبة الرياض في خلق «موقع استراتيجي متقدم يضيف مميزات قتالية عالية المستوى للقوات السعودية، ويملأ الفراغ العسكري، ويسهم في إيجاد حال من التكامل الدفاعي عن المملكة من الشرق والغرب، كما يخدم عملياتها وقوات التحالف العربي في اليمن بصورة رئيسة». وأوضح رشاد ل«الحياة» أمس (الجمعة) أن الوجود السعودي المكثف في منطقة القرن الأفريقي «يعتبر موقع انطلاق متقدم لعمليات القوات الجوية، الذي يوفر لها مدى أكبر وأوسع للتعامل مع الأهداف المعادية في اليمن، لخدمة معركة القوات البرية، وتأمين السواحل الغربية ضد أية عمليات إنزال أو إمداد إيرانية للحوثيين، إضافة إلى التأمين المباشر لمضيق باب المندب ضد أي تدخلات إيرانية لتهديده». وأضاف: «يمكن استغلال هذا الوجود بمثابة موقع متقدم للدفع بقوات برية ضد الحوثيين والمتحالفين معهم، مع إقامة نقاط مراقبة للحصول على المعلومات التي تخدم عمليات إعادة السيطرة على اليمن». وشدد على أن «الموقع الذي اختارته المملكة يعمل على خلق حال من التوازن الدفاعي والهجومي العربي في منطقة البحر الأحمر، ويضيف إلى القدرات القتالية السعودية موقعاً ارتكازياً متقدماًَ يمكن استخدامه بصفة دائمة في حالات الطوارئ، التي يمكن أن يتعرض فيها الأمن الوطني السعودي لأي تهديد». ورداً على سؤال وجهته «الحياة» إلى السفير الجيبوتي لدى المملكة ضياء الدين بامخرمة عن مدى صحة الأنباء بإقامة قاعدة عسكرية سعودية في بلاده، قال: «إن حجم التعاون بين البلدين في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية لا حدود له، وما تسألون عنه جزء من كل»، مشيراً إلى أن «الأيام المقبلة ستشهد ظهور تفاصيل أكثر للإجابة بشكل واضح ومحدد على هذا السؤال». وكانت السعودية شهدت أخيراً لقاءات قمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام دسالني، فيما اجتمع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد النائب الثاني وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، كل على حدة، بالرئيس الجيبوتي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، ووزير دفاع أديس أبابا سراج فقيسا، وسط تسريبات بإنشاء قاعدة عسكرية سعودية في منطقة القرن الأفريقي. يذكر أن إيران تتحرك منذ وقت طويل في المنطقة تحركاً بلغت فيه حدَّ وجود عسكري في إرتيريا أصبح يشكل تهديداً للأمن القومي العربي، وخصوصاً في منطقة البحر الأحمر والدول المطلة عليه.