أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، سيلاً من التكهنات، مع إعلان موسكو عزمها مواصلة العمليات العسكرية وتكثيف التنسيق مع القوات الحكومية السورية وتأكيد الرئيس فلاديمير بوتين أن بلاده تعمل على دفع تسوية سياسية بالتوازي مع نشاطها العسكري في سورية. ولم يكشف الكرملين تفاصيل كثيرة عن الزيارة، لكن الناطق باسمه ديمتري بيسكوف وصفها بأنها «زيارة عمل» وقال إنهما أجريا مناقشات مغلقة قبل عقد مباحثات موسعة بحضور ممثلين من البلدين، وبات معلوماً أن وزيري الخارجية سيرغي لافروف والدفاع حضرا اللقاء من الجانب الروسي. وأوضح بيسكوف أن الرئيسين بحثا «المسائل التي تخص محاربة المجموعات الإرهابية واستمرار العملية الروسية الداعمة للعمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية. وتم إخبار الرئيس بتفاصيل الأوضاع في سورية، والخطط المستقبلية، ونوقش مختلف جوانب العلاقات الثنائية». ورفض بيسكوف الإجابة على أسئلة صحافيين عما إذا كان ملف المرحلة الانتقالية أو مصير الأسد نوقش خلال الزيارة. وأكد الرئيس الروسي، في مستهل اللقاء أن روسيا «مستعدة للمساهمة بقوة ليس فقط في محاربة الإرهاب بسورية بل وفي العملية السياسية». مؤكداً أن «موقف روسيا من الأحداث في سورية ينطلق من أن الحل طويل الأمد في سوريا، وممكن أن يتحقق فقط عبر الحوار السياسي». موضحاً أن موسكو «تنطلق من أنه على أساس الديناميكية الإيجابية (التي ظهرت) خلال الأعمال العسكرية، يمكن التوصل لحل طويل الأمد، عبر عملية سياسية، بمشاركة القوى السياسية كافة، وكذلك الأعراق والطوائف. وفي النهاية، القرار الأخير بالتأكيد يجب أن يكون للشعب السوري فقط». مؤكداً على أن «أي عمل عسكري يتطلب مستقبلاً خطوات سياسية». وأشار إلى أن «الشعب السوري عملياً يقاوم لوحده، ويحارب الإرهاب الدولي منذ عدة سنوات ويتكبد خسائر كبيرة، لكن في الآونة الأخيرة توصل إلى نتائج جادة في هذه الحرب». وقال الرئيس الروسي إن «أربعة آلاف على الأقل من مواطني الاتحاد السوفياتي السابق، يحاربون في سورية ضد القوات الحكومية»، موضحاً انهم «يحملون السلاح ويحاربون ضد القوات الحكومية، طبعاً لا يمكن السماح لهؤلاء الذين اكتسبوا خبرة في سورية بالعودة إلى الأراضي الروسية». وأشاد الأسد بالمساعدة الروسية في مكافحة الإرهاب وقال إنها تستند الى القوانين الدولية. واستهل حديثه مخاطباً بوتين: «قبل كل شيء، أود أن أعرب عن شكري العميق لقيادة روسيا وشعبها على المساعدة التي تقدم لسورية ووقوف روسيا من أجل وحدة سورية واستقلالها. والأهم أن كل هذا يتم ضمن إطار القانون الدولي». واعتبر الأسد أن «الإرهاب الذي ينتشر في المنطقة حالياً كان سينتشر على أراض أوسع لولا تحركاتكم وقراراتكم». وأعرب عن «الأمل في تحقيق النصر على الإرهاب»، وزاد: «أشكر الشعب الروسي مرة أخرى على المساعدة التي يقدمها لبلادنا، وأعرب عن أملي بأن نحقق نصراً على الإرهاب وسنواصل سوية العمل على إعادة إعمار البلاد من وجهات النظر الاقتصادية والسياسية والتعايش السلمي بين الجميع»، مشدداً على أن «الهدف الوحيد للجميع يجب أن يكون ما يريد أن يراه الشعب السوري». الى ذلك، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس، أن روسيا «لا يمكن أن تسمح بتفاقم التهديد الإرهابي وانتشاره على أراضي روسيا وحلفائها» وزاد أن بلاده «تنوي مواصلة تقديم المساعدة للسلطات الشرعية بسورية لمحاربة «داعش» وخلق شروط لتسوية النزاع في البلاد». وأعلن عضو لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي ديمتري سابلين، أن وفداً روسياً برلمانياً سيتوجه اليوم (الخميس) إلى سورية، وسيلتقي الأسد ورئيس البرلمان. ولم يستبعد سابلين، أن يلتقي أعضاء الوفد خلال الزيارة العسكريين الروس في سورية. من جهة أخرى، أفادت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) أمس، بأن زيارة الأسد «جاءت تلبية لدعوة من الرئيس بوتين. وأطلعه على الوضع في سورية وسير العمليات العسكرية وخطط الجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب، معرباً عن تقدير الشعب السوري للدعم الروسي المستمر له منذ بداية الأزمة والذي توج بدعم القوى الجوية الروسية للعمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية». وأضاف أن اللقاء جرى بحضور وزيري الخارجية والدفاع الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شويغو لبحث «جوانب محاربة التنظيمات الإرهابية والمسائل المتعلقة بمتابعة القوى الجوية الروسية دعمها العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة السورية ضد الإرهاب الذي يشكل خطراً ليس على الشعب السوري فقط بل على شعوب المنطقة والعالم». وأضافت «سانا: «تمت خلال القمة، التي شهدت عقد اجتماع ثنائي أيضاً، مناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية. كما أقام الرئيس بوتين عشاء عمل حضره رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، ووزيرا الخارجية والدفاع وعدد من المسؤولين الروس».