أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالات هاتفية مع قادة المملكة وتركيا والأردن ومصر، اثر زيارة رئيس النظام السوري بشار الاسد المفاجئة مساء الثلاثاء الى موسكو، حسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف. وقال إن بوتين بحث في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "الوضع في سوريا، وفي هذا الاطار أبلغ رئيس الدولة الروسية نظيره التركي بنتائج الزيارة التي قام بها" الاسد الى موسكو، التي كانت موضع تباحث بين الرئيس بوتين مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، كما اتصل بوتين هاتفيا بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبحث معه "نتائج زيارة" الاسد. وستكون سوريا موضوع اجتماع رباعي، غدا الجمعة في فيينا، لوزراء الخارجية الروسي والامريكي والسعودي والتركي، حسب الخارجية الروسية. وتكثف روسيا - منذ بدء غاراتها الجوية في سوريا - اتصالاتها الدبلوماسية مع الفاعلين الاقليميين. وانتقد البيت الأبيض زيارة الأسد لموسكو، بقوله إن "الاستقبال الحافل للأسد في موسكو يتناقض وزعمها بدعم المرحلة الانتقالية" في سوريا. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض اريك شولتز للصحفيين على متن طائرة الرئيس الأمريكي "نعتبر الاستقبال الرسمي للأسد الذي استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه متعارضا مع الهدف المعلن من جانب الروس من أجل انتقال سياسي في سوريا". كما رفض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "أي عمل يعزز موقع بشار الاسد، فلأنه المشكلة لا يمكن أن يكون الحل"، وصرح للصحفيين بحضور نظيره المالي ابراهيم بوبكر كايتا، في باريس قائلا : "أرغب في ان أعتقد ان الرئيس بوتين أقنع بشار الاسد ان يبدأ باسرع ما يمكن عملية انتقال سياسي والتخلي عن منصبه بأسرع ما يمكن. أتخيل ان هذا هو ما يجب ان يكون معنى هذا اللقاء". واضاف "ان التدخل الروسي ليس له معنى الا اذا كان لمكافحة داعش ويتيح عملية انتقالية سياسية. (اما) اذا كان هدفه الابقاء على بشار الاسد فانه لن يكون من الممكن تسوية القضية السورية". وحسب قصر الرئاسة في دمشق، فإن بوتين أبلغ الاسد "بانه سيجري محادثات مع القوى الدولية بهدف التوصل الى حل سياسي". وقد أعلنت الخارجية الروسية ان وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والامريكي جون كيري سيلتقيان نظيريهما السعودي عادل الجبير والتركي فريدون سنيرلي اوغلو في فيينا غدا الجمعة لبحث الوضع في سوريا. واضافت في بيان ان الحديث عن الاستعدادات للقاء "بين الوزراء الروسي والامريكي والسعودي والتركي الذي سيعقد في 23 اكتوبر في فيينا" جرى في اتصال هاتفي بين لافروف وكيري أمس. وقد قتل بعد ظهر أمس 13 شخصا على الاقل بينهم كوادر طبية جراء ضربات روسية استهدفت مشفى ميدانيا في بلدة سرمين بمحافظة ادلب في شمال غرب سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال ان بين القتلى "معالجا فيزيائيا وحارسا وعنصرا من الدفاع المدني". وتدير الجمعية الطبية الامريكية السورية هذا المرفق الطبي، واكد احد العاملين فيها رافضا الكشف عن اسمه، ان المشفى "تضرر بشدة" جراء ضربات جوية استهدفته، من دون ان يحدد اذا كانت من طائرات روسية. واعلنت وزارة الدفاع الروسية الاربعاء انها قصفت نقطة تجمع قرب سرمين، من دون ان تشير الى استهداف المشفى. وأعلنت موسكو انها استهدفت 500 موقع زعمت أنه "ارهابي" تزامنا مع احصاء المرصد مقتل 370 شخصا على الاقل جراء هذه الضربات، بينهم 127 مدنيا على الاقل حتى ظهر الثلاثاء. وهذه أول زيارة يقوم بها الأسد للخارج منذ تفجرت الأزمة السورية عام 2011 وتجئ بعد ثلاثة أسابيع من شن روسيا حملة جوية على قوات المعارضة في سوريا دعمت أيضا قوات الأسد. ولم يعلن الكرملين عن الزيارة حتى صباح امس الأربعاء وبث صورا لاجتماع بوتين والاسد في مقر الكرملين كما نشر نصا مكتوبا لتصريحاتهما. وقال بوتين إنه يأمل أن توفر التطورات على الجبهة العسكرية في سوريا قاعدة لحل سياسي طويل الأمد تشارك فيه كل القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية وهو ما يعزز أمل الغرب في ان تستخدم موسكو نفوذها المتزايد في دمشق لاقناع الاسد بفتح حوار مع معارضيه. وأشاد بالشعب السوري لوقوفه أمام المتشددين «بنفسه تقريبا» وقال إن الجيش السوري انتزع نجاحات ميدانية كبيرة في الفترة الأخيرة. وتصدرت الزيارة تقارير التلفزيون الرسمي الروسي الذي بث صورا للاسد وهو يتحدث مع بوتين في حضور وزيري الخارجية والدفاع الروسيين. وصور الكرملين تدخله في سوريا- وهو أكبر تدخل في الشرق الاوسط منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991- على انه تحرك منطقي للتصدي «للارهاب الدولي» بعد تحرك واشنطن الذي وصفه بانه غير فعال. وأعرب الأسد لبوتين وفقا لنسخة مكتوبة لدى الكرملين عن بالغ امتنانه لزعامة روسيا الاتحادية بأسرها للمساعدة التي تقدمها لسوريا. وقال «نشكر مشاركتم الأخيرة وإعلانكم عن جبهة من أجل مكافحة الإرهاب». وأضاف إنه لولا التحركات والقرارات الروسية لابتلع الإرهاب الآخذ في الانتشار بالمنطقة منطقة أكبر بكثير. وأضاف إن حل الازمة هو حل سياسي في نهاية المطاف. وقال «بكل تأكيد يجب أن يكون الهدف السياسي الذي يجب أن يقرره الشعب السوري ومستقبل سوريا بالشكل الذي يراه هو هدفنا جميعا. حل سياسي وقال بوتين إن روسيا شعرت بضرورة التدخل في سوريا لان خطر المتشددين الذين يقاتلون قوات الاسد هناك يمثل خطرا على أمن روسيا. وأضاف «للأسف هناك في الارض السورية نحو 4000 شخص من الاتحاد السوفيتي السابق- على أدنى تقدير- يحاربون القوات الحكومية ويحملون اسلحة في ايديهم. «ونحن- بطبيعة الحال- لا يمكن أن ندعهم يعودون الى الاراضي الروسية بعد ان حصلوا على خبرة في ميدان القتال وتلقوا توجيها عقائديا». وقال بوتين أيضا خلال الاجتماع إن روسيا مستعدة للمساعدة في إيجاد حل سياسي في سوريا وستعمل عن كثب مع قوى عالمية أخرى ترغب في التوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية. وأضاف وفقا للنسخة المكتوبة «نحن مستعدون للمساهمة ليس فقط في مسار العمليات العسكرية في التصدي للإرهاب ولكن أيضا في العملية السياسية. «وسيكون هذا بالتأكيد من خلال التواصل عن كثب مع قوى عالمية أخرى، ومع دول في المنطقة يهمها التوصل لحل سياسي للصراع».