طوكيو - ا ف ب - تنوي حكومة يسار الوسط في اليابان كشف الاتفاقات السرية التي ابرمت بين طوكيو وواشنطن خلال الحرب الباردة وانكرتها حكومات المحافظين السابقة لعقود. فبعيد توليها السلطة, شكلت الحكومة لجنة من المؤرخين للتحقيق في وجود هذه الاتفاقات التي جرى الحديث عنها بين البلدين. وستنشر اللجنة نتائجها الاسبوع المقبل. ويأتي هذا التقرير في وقت حساس للعلاقات بين واشنطن وطوكيو وسط خلافات تتعلق بتفاصيل الوجود العسكري الاميركي في اليابان بعد الحرب ونقل موقع قاعدة عسكرية اميركية مثيرة للجدل. وهذه الاتفاقات السرية لم تعد كلها كذلك بفضل التسريبات الاعلامية والوثائق الاميركية التي رفعت السرية عنها لكن الحكومة الاصلاحية التي تولت السلطة قبل ستة اشهر قررت ان تحسم الامر. وتكشف "الاتفاقات السرية" التي ورد بعضها في تبادل للمذكرات الدبلوماسية بين البلدين, التناقض الامني لليابان في تلك المرحلة. فمنذ ان دحرت الولاياتالمتحدةاليابان في الحرب العالمية الثانية بالقاء قنبلتين نوويتين على اثنتين من مدنها هيروشيما وناغازاكي, اتبعت طوكيو سياسة معارضة لامتلاك الاسلحة النووية, واعتمدت على واشنطن في منع الانتشار النووي. وابرم احد الاتفاقات في عهد رئيس الوزراء الراحل ايساكو ساتو الذي منح في 1974 جائزة نوبل للسلام لتأكيده "المبادىء الثلاث لعدم امتلاك سلاح نووي" لليابان, وهي عدم صنع اسلحة نووية او امتلاكها او تخزينها على اراضيها. لكن اللجنة وجدت ان ساتو اعطى سرا ضوءا اخضر في 1969 للرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون لنقل اسلحة نووية الى اوكيناوا بعدما اعيدت الجزيرة الى اليابان في 1972. وابقت الحكومات المحافظة بقيادة الحزب الليبرالي الديموقراطي التي حكمت اليابان نصف قرن باستثناء فترة قصيرة, هذا الاتفاق سريا. وقد نشرت نسخة من هذا الاتفاق الذي ابرم على عجل وفي اللحظة الاخيرة العام الماضي بعدما سلمها البرلماني السابق شينجي ساتو نجل رئيس الوزراء الاسبق ايساكو ساتو الى صحف يابانية. وقال شينجي ساتو انه عثر على هذه الوثيقة في احد الادراج الخاصة بوالده. ويتوقع ان يؤكد التقرير ايضا اتفاقا ابرم في 1960 ويسمح للقوات الاميركية باستخدام الاراضي اليابانية "حسب الحاجة" في حال وقوع نزاع في شبه الجزيرة الكورية. وفي اتفاق آخر يعود الى الحرب الباردة, منحت طوكيو الولاياتالمتحدة امكانية ابحار سفن مزودة باسلحة نووية في مياه اليابان والتوقف في مرافئها. وهذا النص كشف مع الوثائق التي رفعت وزارة الخارجية الاميركية السرية عنها. ويشير اتفاق آخر الى دفع اليابان سرا نفقات ترميم المناطق العسكرية الاميركية السابقة في اوكيناوا بعد عودتها الى الجزيرة. وما زال نصف القوات الاميركية الموجودة في اليابان والتي تضم 47 الف رجل تتمركز في اوكيناوا. والجزيرة موضوع خلاف حاليا مع واشنطن بعدما بدأ رئيس الوزراء الحالي يوكيو هاتوياما مراجعة اتفاق ابرم في 2006 يسمح بنقل قاعدة جوية مثيرة للجدل من مدينة الى المنطقة الساحلية. ويعارض عدد كبير من سكان الجزيرة التي شهدت اعنف المعارك في الحرب العالمية الثانية, الوجود العسكري الاميركي فيها ويطالب بازالة القاعدة. ودعا الحزب الديموقراطي الياباني الذي يقوده هاتوياما الى تبني مواقف اقل اذعانا للولايات المتحدة بعد الانتقادات التي وجهت لفترة طويلة الى الليبراليين الديموقراطيين لموقفهم المتصلب, بما في ذلك بشأن ارسال قوات غير قتالية الى العراق. وتقول الحكومة اليابانيةالجديدة ان من واجيها قول الحقيقة لشعبها في موقف اعتبر عرضا سياسيا تمهيدا لانتخابات مجلس الشيوخ في تموز/يوليو. وحذر خبراء سياسيون من ان كشف الاتفاقات السرية في التقرير الذي قالت الصحف انه سينشر الخميس, يمكن ان يلحق ضررا اكبر بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة. واكد تاكيهيكو ياماموتو استاذ السياسة الدولية في جامعة واسيدا الذي وار واشنطن مؤخرا انه لمس استياء متزايدا بين خبراء السياسة الاميركية من هاتوياما وحكومته. وقال ان "الاميركيين ينظرون الى التحقيق التاريخي لليابان على انه استعراض يقوم به الحزب الديموقراطي". واضاف ان "هذه الاتفاقات تؤكد النفاق السياسي في اليابان. لكن عندما تواجه امة عدوا واضحا كان الاتحاد السوفياتي حينذاك, فان القدرات الرادعة تصبح قضية بعيدة عن الديموقراطية".