بعد أكثر من أربع سنوات على كارثة تسرّب المفاعل النووي فوكوشيما في العام 2011، أكدت اليابان أمس (الثلثاء)، أول حالة سرطان لموظف سابق يعمل داخل المنشأة، إذ تم تشخيص حالته بسرطان الدم المرتبط بالإشعاع. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الإقرار من وزارة الصحة اليابانية بأن الإشعاع هو السبب المحتمل لإصابة العامل، الى عرقلة جهود التعافي من آثار الكارثة، فيما تبذل الحكومة والصناعة النووية جهوداً لتأكيد أن الآثار الصحية الناجمة عن الإشعاعات هي في حدّها الأدنى. وعكفت الحكومة اليابانية أيضاً حتى تموز (يوليو) الماضي، على صرف تعويضات بلغ حجمها سبعة تريليونات ين (59 بليون دولار). وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، نقلاً عن «هيئة الإذاعة اليابانية»، ان وزارة العمل اليابانية أصدرت بياناً قالت فيه، أن «الرجل في عقد الثلاثينات»، فيما قالت شركة «كهرباء طوكيو» التي تدير محطة الطاقة النووية في فوكوشيما، أن «عدد الأشخاص العاملين في المنشأة بلغ أكثر من 44 ألف شخص». وضرب زلزال عنيف اليابان في 11 آذار (مارس)2011، بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر، واعتُبر الأقوى في جزر الأرخبيل الياباني. وأدى الزلزال الى سلسلة من الأمواج العالية وصل ارتفاعها إلى 10 أمتار، اجتاحت سواحل اليابان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 18 ألف شخص، وتكبدت الدولة خسائر مادية فادحة ودُمرت مبانٍ عدة. وفي كارثة أخرى، ضرب تسونامي محطة «فوكوشيما» النووية، متسبباً في انقطاع الكهرباء وتوقّف أنظمة التبريد. وفي اليوم التالي، وقع انفجار تسبّب في تدمير جوانب المبنى الذي يضم المفاعلات النووية. ولم يتمكن رجال الإطفاء من منع انصهار المفاعلات في المحطة، فيما أجبرت هذه الكارثة التي تعد الأسوأ منذ حادث «تشيرنوبيل»، السلطات على إخلاء المنطقة، وإجلاء 150 ألف شخص، وأُنشئت منطقة محظورة حول المصنع. وبعد أربع سنوات من التسونامي المرعب، يستمر التسرب الإشعاعي، ولم يسمح حتى الآن ل126 ألف شخص بالعودة إلى منازلهم، خصوصاً في المناطق المنكوبة. وأدت كارثة فوكوشيما إلى وقف 48 مفاعلاً، لكن الحكومة استأنفت في آب (أغسطس) الماضي، عمل أول مفاعل نووي. وقال الناطق باسم شركة «كيوشو إلكتريك باور»، أن «المفاعل الأول في محطة سانداي بدأ بالعمل مجدداً»، في مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي: «أتمنى أن تتم عملية إعادة التشغيل مع ضمان الأمن الذي سيكون ضمن أولويتنا». وقالت «منظمة الصحة العالمية»، أن السكان المحليين أكثر عرضة، بدرجة قليلة، لخطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، أبرزها سرطان الثدي وسرطان الغدة الدرقية للإناث، وسرطان الدم للذكور. وأشار التقرير إلى أن جرعات الإشعاع المنبعثة من محطة الطاقة النووية المتضررة، لا يُتوقع أن تتسبب في زيادة حالات الإجهاض وولادة أطفال ميتين، وغيرها من الحالات الجسدية والنفسية التي يمكن أن تؤثر في الأطفال المولودين بعد وقوع الحادث. وكشفت دراسة أخرى العام الماضي حول آثار الإشعاعات الناجمة عن كارثة فوكوشيما، أن 103 أطفال وفتيان كانوا دون 18 سنة حين وقع الحادث النووي، أصيبوا بسرطان في الغدة الدرقية، من دون التأكد من علاقة الحادث بهذه الإصابات. وأجرت هيئة متابعة صحية فحوصاً على 300 ألف شاب في فوكوشيما شمال شرقيّ اليابان، وتبين أن حالات الإصابة بالسرطان المؤكدة هي 57، وأن الحالات الأخرى ليست مثبتة تماماً، لكنها عالية الاحتمال. وقال الأستاذ في كلية الطب في فوكوشيما شونيشي سوزوكي: «من الصعب تحديد وجود علاقة سببية، لكن البحوث يجب أن تتواصل». إلا أن أهالي الأطفال المصابين بالسرطان يصعب عليهم الاقتناع بأن مرض أبنائهم قد لا تكون له أي علاقة بكارثة العام 2011.