يستحضر القارئ عند سماعه اسم مأرب أحداثاً تاريخية كثيرة، إلا أن مملكة سبأ وملكتها بلقيس دائماً ما تكونا أول ما يدور في الذاكرة، وعلى مستوى المواطن اليمني فإن تلك المدينة ترتبط بالوقود والغاز الذي أضحى يشكل أزمة في اليمن وفي مأرب ذاتها، أما آثارها فتحولت إلى أكوام من الأبنية الطينية والصخور التي لو استطاع البعض بيعها لفعلوا. «الحياة»، ووسائل إعلام محلية ودولية جالت في المحافظة التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من اليمن، ولم تكن في منأى عن الأحداث إلا أنها بخلاف غيرها من المحافظات تفرض الدولة نفوذها الكامل عليها، والقبائل تؤمن بأهمية وجود دولة تحكم فسلمتها الأمن، وتفرغ أبناؤها لشد الأحزمة والتوجه إلى جبهات القتال لدحر الميليشيات الحوثية وأنصار المخلوع علي عبدالله صالح تارة، ولمساعدة أقرانهم في المحافظات المجاورة في استتباب الأمن تارة أخرى. وعلى رغم حرص سكان المدينة على الحفاظ على الدولة إلا هناك معاناة من نوع آخر تتمثل في غياب قوى الأمن الداخلي لتقوم بدورها في ترتيب الأوضاع وتسيير الحركة المرورية، والحفاظ على الهدوء في محافظة تضم في أحد أركانها واحداً من أكبر أسواق الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط. مأرب التي تبدو للوهلة الأولى مدينة هادئة آمنة إلا أن الانتشار الكبير للأسلحة الخفيفة بها وخصوصاً «الكلاشنكوف» يُعكر صفوها، فيما تتلخص معاناة قاطنيها في الانقطاع المستمر للكهرباء عن أحيائها، الذي يصل بحسب أوضح أحد المواطنين إلى 10 ساعات متقطعة يومياً. الإداري في أحد المستشفيات في المدينة ياسر مبارك أكد أن «عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح دمرّ اليمن لسوء الخدمات والبنية التحتية في الدولة»، مضيفاً أن «الغالبية يعانون من الجهل والأمية، فيما يرزح التعليم منذ زمان تحت طائلة العبث من المعلمين والإداريين والمسؤولين عنه». وأشار أحد أبناء المدينة جبران البحري في حديثه إلى «وجود أزمة حقيقية في المشتقات النفطية، خصوصاً الغاز الذي تجاوزت أسعاره 10 آلاف ريال يمني في السوق السوداء، وأصبح مألوفاً مشاهدة طوابير من المركبات أمام محطات الوقود، الأمر الذي تسبب في إيجاد سوق سوداء لبيع البنزين والديزل بأسعار عالية في محيط السوق الرئيس بالمحافظة». وعن انتشار الأسلحة في المدينة قال أحد المواطنين خلال جولة «الحياة» في السوق أن «الأسلحة موجودة في المدينة منذ زمن بعيد، إلا أن أسعارها ارتفعت في الوقت الحالي لتصل إلى 600 ألف ريال يمني للكلاشنكوف الروسي»، مضيفاً أن «الأسلحة الثقيلة تتوافر لدى البعض ويمكن الحصول عليها عن طريق سماسرة معروفين». محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة قال خلال مؤتمر صحافي: «لدينا خطة متكاملة لإعادة إعمار المدينة، ولكنها تحتاج إلى تكاتف الجميع على المستويات كافة وخصوصاً السياسي»، موضحاً أن «الوضع الاقتصادي والسياسي في اليمن كان مؤسفاً خلال حكم الرئيس المخلوع وهناك معاناة إنسانية واقتصادية يواجهها اليمنيون بسببه الآن». وأضاف ل«الحياة» إن «عدم وجود الحكومة يجعل من الدولة بيئة خصبة للجماعات المتطرفة»، نافياً وجود «داعش» في مأرب، إلا أنه «لم ينكر وجود القاعدة بيد أنها لا تسيطر على أية نقطة في المحافظة». وأشار إلى أنه بعد استقرار الأوضاع الأمنية في المدينة سيعود الإنتاج النفطي إلى وضعه الطبيعي، مشدداً على أهمية عودة القبائل الموالية للحوثيين والرئيس المخلوع إلى الحكومة الشرعية. وقال العرادة: «دور القبائل في اليمن مهم جداً بل إنه يوازي أهمية وجود الرئيس والمحافظ خصوصاً في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن اليمنيين ودول مجلس التعاون الخليجي منحوا علي عبدالله صالح عدداً من الفرص إلا أنه لم يقتنصها، وبدأ الانتقام من الشعب اليمني بمساعدة الحوثيين.