على أبواب محطات تعبئة الغاز ومحلات بيعه، في العاصمة صنعاء وبقية المدن الرئيسة، تتراص مئات من الأسطوانات التي تعود ملكيتها للمواطنين، الذين يضطرون إلى المبيت لعدة أيام، أملاً في أن يحصلوا على الغاز المنزلي، بعد أن انعدم بشكل شبه كلي من السوق المحلية. يُجمعُ اليمنيون على أن سلطة الانقلابيين تقف وراء هذه الأزمة الخانقة لمادة أساسية، تعتمد عليها غالبية الشعب اليمني لتحضير الطعام، إضافة إلى استحداثهم خدمات جديدة لها، كوقود للسيارات ومولدات الكهرباء، خصوصا عقب أزمة المشتقات النفطية. ويؤكد الصحفي اليمني المختص في الشأن الاقتصادي محمد الجماعي أن هذه الأزمة متعمدة من سلطة الانقلابيين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كونهم من يسيطرون كليا على إنتاج مادة الغاز المنزلي، في إشارة منه إلى سيطرتهم على شركة صافر لبيع الغاز المسال التي تتولى مهمة إنتاج وبيع وتصدير هذه المادة. ويقول الجماعي في تصريح خاص ل "الوطن" "أزمة الغاز هذه المرة غير مبررة، وبسيطرة الانقلابيين على شركة صافر التي تنتج المادة بنسبة 99% أصبحوا هم المسؤولون عن انعدامها. وما دام أن سلطة الحوثي تنهب مادتي البترول والبنزين من مخزون الدولة ومن ناقلات النفط وحتى من محطات البيع ومن الشركات الخاصة تحت مبرر ما تسميه دعم المجهود الحربي، فما هو مبررها من انعدام الغاز الذي هو تحت تصرفها أساسا". وبما أن اليمن لا تستورد أي كميات من الغاز من الخارج، فلا يحق للانقلابيين التعذر بالقول إن الحظر الذي يتعرض له اليمن هو السبب في انعدام الغاز، علاوة على أنه لا توجد أي مشكلة تواجه شركة صافر في إنتاج الكميات الضرورية، فمعامل تكريره لم تتوقف أو تتأثر مثل مصافي تكرير النفط التي توقفت بسبب حروبهم المختلفة، حسبما ذكر الجماعي الذي برر لجوء المتمردين إلى إخفاء هذه المادة الأساسية لأسباب أوردها في أن السلطة الفعلية على الأرض بأيديهم، وشركة صافر المُنتجة تحت تصرفهم، ويستطيعون تأمين الطرقات بكل بساطة، لأنهم هم من أشعل الحرب في الجدعان بمفرق ماربالجوف، على طريق القاطرات والشريان الرئيس المؤدي إلى صنعاء، كما أن الأمر بيد المخلوع والحوثي لإيقاف الحرب في أي وقت شاءا". ووصف افتعال الانقلابيين لهذه الأزمة بالقول "لديهم شهية كبيرة في خلق الأزمات وإلصاقها بقوات التحالف، حتى ولو كان ذلك على حساب قوت الشعب". وكشف عن عملية احتكار واسعة يقوم بها الانقلابيون للغاز المنزلي، وقال إن مصادر مختلفة في العاصمة صنعاء وفي غيرها أكدت له أن الحوثيين يوزعون أسطوانات الغاز سرا على أتباعهم عبر قوائم تحدد المنتمين لهم وأماكن وجودهم. وتابع قائلاً أسطوانة الغاز تباع حالياً بما يعادل 35 دولارا، بينما تبيع بلادنا الغاز الطبيعي المسال لكوريا الجنوبية بثلاثة دولارات فقط، وهذا السعر مثبت لمدة 20 عاما". وعزا الجماعي ارتفاع سعر الغاز إلى تحكم الحوثي وصالح بالمخزون الرئيس للمحافظات اليمنية وأمانة العاصمة، وتوليهم عملية بيعه في السوق السوداء، واختتم حديثه بالقول: "هذه عصابات نهب، وليست مشاريع حكم، ولا جماعات فكر ولا ثورة، وأدعو قوات التحالف إلى المساهمة في تخفيف هذه المعاناة". ويستهلك اليمن خمسة ملايين و590 ألف أسطوانة غاز في الشهر، وهو مكتف ذاتياً بل ومصدر رئيس للغاز، وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة وراء انعدامه من السوق.