ارتبط اليمن بالسلاح منذ القدم، ففي أسواقها يمكنك الحصول على أي نوع من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة. واعتادت القبائل اليمنية، خصوصاً الشمالية منها، على حماية مواقعها، كلما نشأت مواجهات بينها وبين جاراتها، أو حتى مع الحكومة، مثلما حدث للميليشيات الحوثية في العقد الماضي، ومواجهاتها مع الرئيس المخلوع من خلال ستة حروب، قبل أن يصبح حليفاً لها. القبيلة في اليمن تمسك بزمام الأمور وتحكم قبضتها في الغالب على أشياء كثيرة، خصوصاً شمال البلاد، والحديث عن العادات والتقاليد هناك يكاد يكون من المسلّمات، إذ إنها أساس في حياتهم بدءاً من الزي الرسمي التقليدي للمواطن اليمني، وانتهاء في العادات القبلية، والسمات المتوارثة بين أجيالها. وكانت تجارة السلاح في اليمن تحظى برعاية واهتمام بالغ، إذ يوجد في البلاد أربعة أسواق كبيرة للمتاجرة في السلاح، ويمكن للمتسوق الحصول على «مدافع d30» الثقيلة في سوق مأرب مثلاً، عدا عن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في أسواق البيضاء، وسوق حجانة في خولان، والطلح التي يوجد فيها جل أنواع الأسلحة من «كلاشنكوف» الروسي والصيني، ووصولاً إلى «كاتيوشا»، و«آر بي جي». وقد تكون عدن بين مدن يمنية قليلة لا تولي تجارة الأسلحة أهمية وبالاً، ولا توجد فيها أسواق لبيعها، إلا أن سيطرة الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح عليها أخيراً، حولت جزءاً من أحد أقدم الأسواق فيها (سوق الشيخ عثمان) الذي تم إنشاؤه إبان الاستعمار البريطاني، إلى مكان مخصص لبيع الأسلحة الخفيفة. ويحكي أحد رجال المقاومة الشعبية ل«الحياة» عن قصة انتشار الأسلحة في عدن، بالقول: «لم يكن الحصول على السلاح في عدن بالسهولة الحالية، إذ لم يعتد سكان المدينة على حمل الأسلحة، فهي ليست جزءاً من ثقافتهم. بيد أن الأحداث الأخيرة أجبرت الجميع على اللجوء لها للدفاع عن أنفسهم»، وأضاف: «بعد دحر الميليشيات الحوثية تمكن رجال المقاومة من وضع يدهم على أسلحة نوعية كانت مُخزنة في جبل حديد، إضافة إلى قيام عدد من المنشقين عن الحوثي، وأتباع الرئيس المخلوع ببيع أسلحتهم على رجال المقاومة لتبدأ التجارة في عدن». وأشار إلى أن المنطقة المركزية في المدينة لا يوجد فيها سوق للأسلحة، بعد أن قامت لجان المقاومة الشعبية أخيراً بمراقبة سوق «الشيخ عثمان» ومنع بيع الأسلحة بشتى أنواعها فيه، موضحاً أنه عند الابتعاد عن المنطقة المركزية في المدينة، يمكن شراء الأسلحة من طريق تجار اختصوا في ذلك. وتتفاوت أسعار الأسلحة بحسب نوعيتها، إذ يصل سعر الرشاش من نوع «كلاشنكوف» الصيني إلى 1000 دولار. فيما تتجاوز قيمة الروسي منه ألفي دولار. ومن بين المفارقات في تجارة السلاح في اليمن أن الحكومة السابقة كانت تهرب الأسلحة للتجار، وتمد الأسواق بها، ثم لا تلبث أن تعود لشرائها منهم في وقت لاحق، ما جعل التواصل بين كبار تجار السلاح والدولة مفتوحاً على مصراعيه، «وأضحى الرقيب ممولاً والحامي حرامياً».