بعد صراع طويل مع المرض، توفي الكاتب والروائي المصري جمال الغيطاني عن عمر ناهز 70 سنة، حيث كان يرقد في مستشفى الجلاء العسكري منذ منتصف آب (أغسطس) الماضي. والغيطاني، المولود في 9 أيار (مايو) 1945 في محافظة سوهاج، تخرج من مدرسة العباسية الثانوية الفنية في العام 1962، حيث درس فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان. وبدأ الغيطاني مسيرته العملية في العام 1969 حين أصبح مراسلاً حربياً على جبهات القتال لمصلحة مؤسسة «أخبار اليوم» المصرية، وفي العام 1974 انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحافية. وبعد 11 عاماً تولى رئاسة القسم الأدبي في صحيفة «أخبار اليوم». وأسس الراحل جريدة «أخبار الأدب» في العام 1993، وشغل منصب رئيس التحرير. ولدى الغيطاني مؤلفات عدة أبرزها «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، و«الزويل»، و«حراس البوابة الشرقية»، و«متون الأهرام»، و«سفر البنيان»، و«خلسات الكرى»، و«الزيني بركات» التي تحولت إلى عمل درامي، و«الرفاعي»، و«رشحات الحمراء»، و«المجالس المحفوظية»، و«أيام الحصر»، و«مقاربة الأبد»، و«خطط الغيطاني»، و«وقائع حارة الطبلاوي»، و«هاتف المغيب»، و«توفيق الحكيم يتذكر»، و«نجيب محفوظ يتذكر»، و«أسفار المشتاق»، و «حكايات هائمة» الصادر أخيراً عن «دار نهضة مصر». وحصل الكاتب والروائي الراحل على عدد من الجوائز الأدبية منها «جائزة الدولة التشجيعية للرواية» في العام 1980، و«جائزة سلطان بن علي العويس» العام 1997، و«وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى»، و«وسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس» العام 1987، و«جائزة لورباتليون» لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته «التجليات» مشاركة مع المترجم خالد عثمان في العام 2005، و«جائزة الدولة التقديرية» العام 2007، وترجمت أعماله السردية إلى لغات متعددة. وتقديراً للمسيرة الأدبية للراحل قررت محافظة القاهرة أخيراً إطلاق اسمه على احد شوارع المدينة. وفي لقاء سابق مع صحيفة «الحياة» في العام 2009 قال الغيطاني عن بداياته في الكتابة إن أول نص مكتمل كتبه كان في العام 1959 بعنوان "نهاية السكير"، مشيراً إلى ان عدم تفرغه للكتابة كان السبب وراء قلة انتاجه. وتابع: «أشعر بمرارة لأنه كان بإمكاني أن أبدع أكثر. فأنا عامر بالموضوعات، ولست من الكتّاب الذين يشكون من غياب الوحي». وقال الغيطاني إن ظروف نكسة العام 1967 قادته إلى إعادة اكتشاف وقراءة ابن إياس لأنه عاش تجربة شبيهة ومعه اكتشف لغة فريدة للقص. وفي آب (أغسطس) من العام نفسه نشر الغيطاني قصة «هداية أهل الورى في بعض ما جرى بالمقشرة»، لكن خصوصية السرد، وفق الغيطاني، جاءت مع رواية «أوراق شاب عاش منذ ألف عام». وفي لقاء آخر مع صحيفة «الحياة» في حزيران (يونيو) الماضي، قال الغيطاني عن مؤتمرات الرواية العربية التي تعقد من حين إلى آخر، إنها «ليست مؤتمرات بالمعنى العلمي، هي مجرد مهرجانات، الإيجابية الوحيدة لها أن الناس تتقابل. لا بأس، لكن إن اقتصر الحدث على مجرد التقاء الأدباء ليكن المنظّم له وزارة السياحة وليس الثقافة». وقال الراحل ملخصاً مشوار حياته عبر مسيرة طويلة مع الكتابة الإبداعية: «حياتي كانت متنوعة وغنية. شخص يرسم سجاداً ...ثم يخرج ويصبح مراسلاً حربياً، وبعدها يعمل محرراً ثقافياً. وخلال مسيرتي الطويلة مع الكتابة لم تكن قضيتي منافسة زملائي، قضيتي كانت وما زالت منافسة التراث الإنساني كله». ووصف الغيطاني الحياة بأنها ذكرى، مشيراً إلى ان الكتابة «فعل مضاد للنسيان». وأضاف: «لا أملك ترف الانتظار أو تأجيل مشروع كتابة للحظة مقبلة، فمن يدري إن كنت سأحيا حتى هذه اللحظة».