نعى كل من المجلس الأعلى للثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب الأديب الكبير جمال الغيطاني الذي أثرى المكتبة العربية برواياته التي ترجمت إلى لغات عالمية، وأثبتت تفرده الإبداعي وريادة مصر الثقافية، كما ساهم بإثراء الحياة الثقافية والأدبية لكونه روائياً وصحفياً مصرياً صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا . يذكر بأن الهيئة أقامت احتفالية كبرى للراحل جمال الغيطاني في افتتاح المركز الدولي للكتاب بحضور وزير الثقافة وعدد من المثقفين والأدباء . لذا ينعى كل من المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة المصرية للكتاب، الفقيد العزيز ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته ورضوانه، وأن يُلهم أهله ومحبيه أجر الصبر . وقالت مصادر طبية: إن الروائي المصري جمال الغيطاني الذي توفي، يوم أمس، في مستشفى الجلاء العسكري بالقاهرة عن عمر يناهز السبعين عاما، كان تعرض في 15 أغسطس لأزمة صحية مفاجئة نتج عنها دخوله في غيبوبة استمرت إلى أن وافته المنية، يوم أمس . ولد جمال أحمد الغيطاني في قرية جهينة بمحافظة سوهاج في التاسع من مايو 1945 وكان دائم القول، إنه ولد في اليوم الذي شهد نهاية الحرب العالمية الثانية واستسلام ألمانيا النازية، فيما كانت نشأته في القاهرة حيث التحق عام 1959 بمدرسة (الصنائع) وفي العام نفسه بدأت أولى محاولاته القصصية عندما كتب قصة عنوانها (نهاية السكير) ثم نشر كثيرا من القصص واختار خمسا منها عام 1969 في مجموعته القصصية الأولى (أوراق شاب عاش منذ ألف عام). والتحق الغيطاني بمؤسسة (أخبار اليوم) بتشجيع من المفكر المصري محمود أمين العالم (1922-2009) رئيس مجلس إدارتها آنذاك وأصبح الغيطاني عام 1969 مراسلا حربيا في منطقة قناة السويس. وعرف عن الراحل غزارته في الإنتاج إذ اتبع منهجا صارما في الكتابة شبه اليومية متأسيا بنجيب محفوظ الذي اقترب منه كثيرا وألف عنه أكثر من كتاب منها (نجيب محفوظ يتذكر) و(المجالس المحفوظية). كما أصدر كتبا عن رواد في مجالي الكتابة الأدبية والصحافة منها (توفيق الحكيم يتذكر) و(مصطفى أمين يتذكر) إضافة إلى كتب يستعرض فيها علاقته بالتراث المعماري للقاهرة الفاطمية ومنها (ملامح القاهرة في ألف عام) و(أسبلة القاهرة) و(استعادة المسافر خانة.. محاولة للبناء من الذاكرة) عن قصر المسافر خانة الأثري الذي احترق تماما عام 1998. وأصدر الغيطاني أكثر من 50 عملا في القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية وأدب الرحلات والمحاورات والمقال الصحفي. كما صدر له في بغداد عام 1975 كتاب (حراس البوابة الشرقية) عن الجيش العراقي. ومن المفارقات أن الرواية الأولى للغيطاني (الزيني بركات) والتي صدرت طبعتها الأولى في دمشق عام 1971 ظلت أكثر أعماله شهرة ويراها كثيرون أفضل رواياته وأنتجها التلفزيون المصري عام 1995 مسلسلا بالعنوان نفسه من إخراج يحيى العلمي (1941-2002). وتدور أحداث رواية (الزيني بركات) في أجواء التلصص والتآمر، حيث تحالف بطلها الزيني بركات بن موسى مع المماليك بعد هزيمتهم وغزو العثمانيين لمصر عام 1517 ميلادية. وترجمها المصري فاروق عبد الوهاب إلى الإنجليزية عام 1988 وصدرت الترجمة بمقدمة للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد (1935-2003). ومن أبرز روايات الغيطاني (رسالة في الصبابة والوجد) و(شطح المدينة) و(هاتف المغيب) و(حكايات المؤسسة) و(الرفاعي) و(وقائع حارة الزعفراني) التي أنتجها التلفزيون المصري عام 2001 في مسلسل (حارة الطبلاوي) الذي أخرجه محمد عبد العزيز. وأنتجت السينما المصرية من أعماله فيلمي (أيام الرعب) الذي أخرجه سعيد مرزوق عام 1988 بطولة محمود ياسين وميرفت أمين و(كلام الليل) الذي أخرجته إيناس الدغيدي عام 1999 وقامت ببطولته يسرا. وأنتج التلفزيون المصري عام 1992 رواية الغيطاني (حكايات الغريب) فيلما بالعنوان نفسه، أخرجته إنعام محمد علي وقام ببطولته المطرب محمد منير ويتناول جوانب من أحوال مدينة السويس بين حربي 1967 و1973. ونال الغيطاني -الذي كان أول رئيس لتحرير صحيفة (أخبار الأدب) منذ صدورها عام 1993 حتى إحالته للتقاعد عام 2011- وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة فارس عام 1987. وحصل عام 2005 على جائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته (التجليات). ومن دولة الإمارات حصل عام 1997 على جائزة سلطان العويس كما حصل عام 2009 على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن كتابه (رن) وهو الدفتر السادس مما أطلق عليه (دفاتر التدوين). وفي مصر، نال جائزة الدولة التشجيعية عام 1980 وجائزة الدولة التقديرية عام 2007 وفي يونيو 2015 فاز بجائزة النيل في الآداب وهي أرفع جائزة تمنح في البلاد.