ضجت الصحف اليومية بخبر القرار الاميركي بمساعدة المعارضة السورية التي تحارب تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) عبر ارسال اسلحة بعضها «نوعي». ويأتي هذا القرار بعدما عدلت الولاياتالمتحدة عن تسليح وتدريب معارضين «معتدلين» نتيجة انهيارهم في ساحات المعركة. وسيكون هذا القرار مؤثراً على المنحى الذي ستتخذه الأزمة السورية، خصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، بعدما كانت موسكو تدعم النظام السوري من بعيد. وقبل أن تتدخل روسيا بشكل علني، كشف مسؤولون أميركيون أن موسكو نشرت 28 مقاتلة في سورية، وسيرت رحلات استطلاع بطائرات بلا طيار في أجوائها، ما عزز المخاوف من حصول صدام جوي غير مقصود بينها وبين طائرات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم «داعش». ويُوحي تدفق الطائرات إلى سورية وبدء تشغيل طائرات الاستطلاع من دون طيار بأن الروس ربما يكونون على وشك الانخراط في الحرب الدائرة في سورية منذ اربع سنوات بين نظام الرئيس بشار الاسد والمعارضة، علماً بأنهم برروا انخراطهم الأكبر عسكرياً في سورية بأنه يأتي لمساعدة الحكومة في محاربة الإرهاب. وتزامن تشغيل الروس طائرات الاستطلاع مع استهداف سفارتهم في دمشق بقذائف هاون قالت وزارة الخارجية الروسية إن مصدرها حي جوبر الذي تسيطر عليه المعارضة على الأطراف الشرقية للعاصمة، ما فُسر بأنه «رسالة» من المعارضة إلى الروس تحذّرهم من الانحياز في شكل أكبر إلى جانب النظام. من جهته، قال ناطق باسم المعارضة السورية أول من أمس (الإثنين) إن الولاياتالمتحدة أبلغت المعارضة المسلحة أن أسلحة جديدة في طريقها إليهم لمساعدتهم في شن هجوم مشترك مع حلفائهم الأكراد على مدينة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف. وربما بسبب استشعار المعارضة بعدم جدية أميركا في دعمها، بعد إدخالها تغييرات على خطتها لدعم المعارضة «المعتدلة»، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية، انضمامها إلى تحالف «قوى سورية الديموقراطية» الجديد الذي يضم جماعات سورية عربية بينها «جيش الثوار» وجماعة مسيحية آشورية قاتلت معها ضد تنظيم «داعش» في شمال سورية. وقالت في بيان إن التحالف تشكل «في ظل المرحلة الحساسة التي يمر بها بلدنا، وفي ظل التطورات المتسارعة على الساحتين العسكرية والسياسية، والتي تفرض أن تكون هناك قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين، تجمع بين الكرد والعرب والسريان والمكونات الأخرى كافة على الجغرافية السورية». ومع التدخل الروسي، أصبح الوضع السوري أكثر تعقيداً، إذ يعني ذلك أن الحلول التي تتعلق بسورية لن تكون ممكنة في المدى المنظور، خصوصاً وأن الإدارة الأميركية «متذبذبة» في موقفها إزاء دعم المعارضة السورية. ففي حزيران (يونيو) من العام الماضي، أعلنت المستشارة في وزارة الخارجية الأميركية دانا شل سميث، أن بلادها تؤيد ما ورد في مشروع قانون يسمح بتدريب عسكري علني ل «المعارضة السورية المعتدلة». وكانت سوزان رايس، مستشارة الامن القومي للرئيس الاميركي باراك اوباما، اكدت غداة الإعلان عن إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد رئيسا لولاية ثالثة، أن الولاياتالمتحدة تقدم «دعما فتاكا وغير فتاك الى المعارضة السورية المعتدلة». وبعد أشهر من تلك التصريحات، بدأت الولاياتالمتحدة ودول عدة، بينها دول عربية، بشن حملة قصف جوي واسعة ضد مواقع تنظيم «داعش» وجماعات إرهابية أخرى. وبعد الهجمات المستمرة على معاقل التنظيم المتطرف، لا تزال الولاياتالمتحدة تلمح بأنها تواجه صعوبة في تجنيد قوات للمعارضة السورية ضمن برنامج يهدف الى تدريبهم وتزويدهم بالعتاد لمحاربة «داعش». وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر في جلسة للكونغرس «لدينا ما يكفي من مواقع التدريب، لكن في الوقت الحالي لا يوجد لدينا ما يكفي من المتدربين لملء المواقع». وأعلن مسؤول في «البنتاغون» قبل أيام أن أميركا ستقلص برنامجها لتدريب المعارضة السورية المعتدلة لقتال تنظيم «الدولة الإسلامية»، وسيركز بدلاً من ذلك على اختيار الذين يجب تدريبهم وتسليحهم. ويعتبر هذا التغيير في الاستراتيجية بمثابة اعتراف ضمني بفشل برنامج «البنتاغون» في تدريب الآلاف من المعارضين السوريين «المعتدلين» بكلفة 500 مليون دولار.