أمام اكتفاء الجهات الرقابية في الأردن بتوزيع مجموعة تعهدات قبل الترخيص السنوي لأي محل بيع مشروبات روحية يتعهد بموجبها صاحب المحل بعدم بيع هذه المشروبات لمن لم يتم الثامنة عشرة من عمره، ينشط اصحاب المحال في بيع الخمور لمن يطلبها بغض النظر عن عمره، بهدف تحقيق ربح مالي، لا سيما ان غالبية الزبائن هم من المراهقين، وفق ناشطين اجتماعيين. ويضطر المراهق سميح الذي يبذر مصروفه الشهري في شراء الخمور إلى سرقة أسطوانة الغاز من مدفأة جدته ليتمكن من السهر مع أصحابه في عطلة نهاية الأسبوع وشراء ما يلزمه من مشروبات روحية و»مازاتها». ويؤكد سميح بأن صاحب محل المشروبات الروحية الذي يشتري منه يعرفه جيداً بسبب تكرار الذهاب الى محله، مشيراً الى انه يتعامل معه كزبون ويقدم له خصومات على الزجاجة التي يشتريها، من دون ان يسأله عن عمره. ويؤكد علاء ابن الخامسة عشرة انه يشرب اربع علب من مشروب الطاقة يومياً ممزوجة بمشروب روحي للتخلص من الضغط النفسي الذي يعيشه بعد وفاة والده منذ 3 سنوات. ويقول: «ألقت وفاة والدي على عاتقي هم اعالة اسرة مكونة من 6 افراد فاضطررت الى ترك المدرسة والبحث عن عمل». غير ان علاء وفي كثير من الأحيان لم يوفق في ذلك، فيعتصر قلبه الألم كلما سمع شقيقه الأصغر يريد شراء بسكويت او بوظة وهو عاجز عن تلبية رغبته. ويتابع قوله: «لم اجد غير المشروبات الروحية للهروب من واقعي المؤلم، فانكببت على شرب المسكرات لدرجة كنت فيها افقد وعي احياناً»، مشيراً الى انه ذات مرة تحرش بإحدى قريباته. ويؤكد احمد ابن ال 16 سنة الذي يقول إنه اضطر بعد «صدمة عاطفية» تعرض لها الى تخصيص جزء كبير من مصروفه اليومي للمشروب الروحي هرباً من التفكير الذي «ذبحه» جراء هذه الصدمة وفق ما يقول، بخاصة انه اكتشف ان حبيبته تفضل احد اصدقائه عليه ويفكران بالزواج. وقال أحمد: «لم يرفض اي احد من اصحاب محال الخمور أن يبيعني. كيف يرفضون وكل همهم ان يدفع المشتري ثمن الزجاجات التي يشتريها بغض النظر عن عمره». ويدق الناشط التربوي بكر خليل ابو بكر ناقوس الخطر من هذه الظاهرة، بخاصة ان المشكلة اليوم كما يقول في أن من يتعاطون المشروبات الكحولية أو الروحية أو المسكرات، هم من فئة المراهقين من الجنسين. ويوضح ان المراهقين تعبث الخمور برؤوسهم وتجعلهم عرضة للخطر أو للتغرير بهم وتجعل منهم مصدر إفساد حقيقي لأسرهم ولمحيطهم الاجتماعي والعملي، وفي النهاية لا يجدون متعة في الحياة إلا في غيابهم عن الوعي، وهم لا يعرفون ما يريدون وما سيحدث لهم فلا يقوون على دفع الخطر عن أنفسهم. وينبه الطبيب عايد محمد الخولي من إن بنية الأطفال والمراهقين قد تكون قابلة للأذى أكثر من الكبار الأصحاء، مؤكداً ان الأطفال عرضة للإصابة بالأمراض القلبية الناتجة من الإدمان على مشروبات الطاقة والكحول أكثر من غيرهم. وقال الخولي إن التأثير السلبي للكحول واحد في كل الأعمار، أما سرعة الإصابة فإن صغار السن هم الأسرع تعرضاً لتشمع الكبد مثلاً، وغيرها من الآثار الضارة. ويدعو الناشط الحقوقي احمد العطيات الى سرعة تطوير التشريعات والقوانين الخاصة بالمشروبات الكحولية، مطالباً بتشديد العقوبات كون المواد الحالية الموجودة في قانون مراقبة سلوك الأحداث والنظام والتعليمات تحمل عقوبات مخففة جداً وغير رادعة. وتعاقب المادة ( 7) من قانون مراقبة سلوك الأحداث الحدث الذي يخالف أي حكم من أحكام هذا القانون بغرامة مقدارها عشرون ديناراً (نحو 30 دولاراً) فقط! فيما يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة اشهر او بغرامة لا تزيد على خمسمئة دينار او بكلتا هاتين العقوبتين كل من باع لحدث تبغاً او مسكرات او مواد طيارة او كلفه بشراء أي منها او صرف له وصفة طبية خاصة بمواد مخدرة ومؤثرات عقلية او سمح للحدث بدخول الملاهي الليلية او الحانات وقدم للحدث المسكرات او النرجيلة.