لم تمنع الأعراف الدبلوماسية المسؤولين السعوديين من التعبير أمام مضيفيهم الروس أمس، عن رفض الرياض العمليات العسكرية التي تنفذها موسكو في سورية، وهو الموقف الذي نقله ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أمس، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما نقل وزير الخارجية السعودي المرافق عادل الجبير، في لقاء جمعهما في منتجع سوشي على البحر الأسود. وفي المقابل، أبدى بوتين تفهمه للموقف السعودي المعارض، بحسب ما نقل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وعلى رغم ذلك كشف الجبير عن قواسم مشتركة يتفق عليها الطرفان، تشمل الملف السوري، إذ أكد أن «السعودية ستواصل عملها مع روسيا في عملية سياسية انتقالية، تفضي إلى إزالة بشار من السلطة». (للمزيد). ونقل الأمير محمد بن سلمان إلى بوتين تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وبحث الجانبان أبرز المستجدات الدولية والإقليمية، وتطورات الأوضاع على الساحة السورية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية. وأكد ولي ولي العهد السعودي خلال الاجتماع حرص السعودية على تحقيق تطلعات الشعب السوري، وموقفها الداعم لحل الأزمة السورية على أساس سلمي، وفقاً لمقررات مؤتمر جنيف-1، وبما يكفل إنهاء ما يتعرض له الشعب السوري من مآسٍ على يد النظام السوري، وتلافي استمرار تداعيات هذه الأزمة على الأمن والاستقرار في المنطقة. حضر الاجتماع من الجانب السعودي وزير الخارجية عادل الجبير، ووزير الصحة المهندس خالد الفالح، والمستشار بالديوان الملكي أحمد الخطيب، والمستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مكتب وزير الدفاع فهد العيسى. وحضره من الجانب الروسي وزراء الخارجية سيرغي لافروف، والدفاع سيرغي شايغو، والطاقة الكسندر أوشاكوف، ومساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، ورئيس الصندوق الروسي للاستثمار المباشر كيريل ديميتروف. وكشفت مصادر مطلعة ل«الحياة» أن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان شدد خلال لقائه الرئيس الروسي بوتين على تمسك السعودية برحيل بشار الأسد، ودعم المعارضة السورية المعتدلة. وأضافت أن السعودية أعربت للجانب الروسي عن خشيتها من أن «يقود التدخل العسكري الروسي في سورية إلى حرب طائفية (قد) تدخل موسكو طرفاً فيها». وأكدت أن «الرياض كشفت لموسكو أن عملياتها الجوية ستسهم بطريقة أو أخرى في التفاف المتطرفين والإرهابيين على هدف واحد، هو مقاومة العمليات العسكرية الروسية، وهو ما يدعم هذه الجماعات ويقويها، إضافة إلى حصادها غضب واستعداء المسلمين السنة في المنطقة والعالم أجمع». ودعت السعودية روسيا خلال اللقاء - بحسب المصادر - «إلى الانضمام إلى التحالف الدولي القائم لمحاربة الإرهاب في سورية، وعدم العمل بمعزل عن هذا التحالف»، مشددة على أن «الحل السلمي الوحيد في سورية هو الالتزام بمقررات مؤتمر جنيف-1 الصادر بالإجماع في 30 حزيران (يونيو) 2012، ومن دون رئيس النظام الحالي». وأشارت المصادر إلى أن «السعودية أعربت عن معارضتها للهجمات العسكرية الروسية في سورية»، موضحة أن «ولي ولي العهد بادر إلى لقاء الرئيس الروسي لتبادل وجهات النظر حول الأزمة السورية في اجتماع مباشر، بدلاً من الاكتفاء بالبيانات عن بعد». وكشفت أن «السعودية حرصت خلال اللقاء على تأكيدها أنها لم ولن تغير موقفها في مساندة الشعب السوري والانحياز إليه ضد نظام دمشق الجائر، الذي تسبب في سقوط وتشريد ملايين السوريين». وأوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن «المملكة أعربت عن بالغ قلقها من العمليات العسكرية الجوية التي تشنها القوات الروسية في سورية، وعن رفضها هذه العمليات». وأضاف أن «الجانب الروسي قدم شرحاً يفيد بأن هذا التدخل تم بغرض مكافحة تنظيم داعش الإرهابي». وأكد الجبير أن «السعودية ستواصل عملها مع روسيا في عملية سياسية انتقالية تفضي إلى إزالة بشار من السلطة». وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس أن وزير الخارجية السعودي قال: إن السعودية ترغب في البحث عن أسس مشتركة مع روسيا للحفاظ على سورية موحدة. وأضاف أن السعودية ترغب في تشكيل حكومة انتقالية في سورية، ستقود في نهاية المطاف إلى رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة. وقال الجبير إن لديه مخاوف في شأن العملية الروسية في سورية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إن الرئيس بوتين ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان ناقشا الخطوات الكفيلة بضمان عملية سلمية في سورية. وأعلن وزير الخارجية الروسي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية المملكة أمس، أن «موسكووالرياض أعربتا عن وجود أرضية ملائمة للتعاون، بما في ذلك التعاون العسكري». وقال: «أعربت الأطراف عن وجود إمكانات جيدة للتعاون في مجالات عدة، بما فيها الاقتصاد، والاستثمار، والمجال العسكري - التقني. وستكون هناك وسائل لتنفيذ هذه الخطط»، مضيفاً أن «بوتين أعرب للأمير محمد بن سلمان عن تفهمه قلق الرياض إزاء الوضع في سورية». وكان بوتين بحث، قبل لقائه ولي ولي العهد السعودي أمس، مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، «التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً في ضوء الجهود الروسية - الإماراتية لمكافحة الإرهاب الدولي»، إضافة إلى القضايا الدولية والإقليمية الملحة.