في هجوم لافت، قتل 4 مسلحين الشيخ خالد المنيعي أمام منزله في مدينة العبور على طريق القاهرة - الإسماعيلية عند تخوم العاصمة المصرية. والمنيعي من شيوخ قبيلة السواركة في سيناء التي قادت تحالفاً لقبائل سيناء ضد «التكفيريين» منذ شهور. وأفادت التحقيقات الأمنية أن 4 ملثمين مسلحين ترجلوا من سيارة توقفت أمام فيلا المنيعي في العبور، وأطلقوا النار صوبه، فقُتل في الحال، وفر الجناة الذين يُرجّح أنهم تكفيريون يتبعون فرع تنظيم «داعش» في سيناء. وعائلة المنيعي فرع من قبيلة السواركة، ويتحدر منها القيادي في فرع «داعش» في سيناء شادي المنيعي الذي أعلنت السلطات العام الماضي قتله، لكن التنظيم نفى ذلك ونشر صوراً له وهو يقرأ خبر قتله منشوراً في المواقع الإلكترونية. وخالد المنيعي نجل الشيخ خلف المنيعي الذي قُتل أمام منزله في آب (اغسطس) من العام 2013، مع نجله محمد، حين أمطرهما مسلحون بالرصاص، بتهمة التعاون مع الجيش ضد التكفيريين، وبعدها بشهرين قتل مسلحون نجله الآخر سليمان على طريق في سيناء. وفر خالد المنيعي وشقيقاه وليد وفيصل ضمن عشرات من شيوخ القبائل وأبنائهم من سيناء بعد تكرار الهجمات التي استهدفت شيوخ القبائل هناك. وعثرت قوات الأمن ضمن مداهمات في سيناء على قوائم اغتيالات أعدتها «جماعات إرهابية» بأسماء شيوخ في القبائل ضمت اسم خالد المنيعي وآخرين. وطلبت قوات الأمن من شيوخ في سيناء، في مرحلة سابقة، مغادرة منازلهم لفترة حتى استتباب الأوضاع الأمنية، خشية استهدافهم. وكتب أحد أنصار «داعش» في سيناء على حساب ما يسمى «ولاية سيناء» على «تويتر»: «تمكنت مفرزة أمنية من قتل المرتد المدعو خالد خلف المنيعي، وهو أحد كبار جواسيس جيش الردة، في منطقة الرحاب في مدينة القاهرة». وغادر خالد المنيعي سيناء قبل نحو عامين إلى مدينة العبور على طريق القاهرة - الإسماعيلية وعمل في المقاولات. وقال أحمد السويركي، وهو ابن عم القتيل، ل «الحياة» إن أسرة خلف المنيعي اتهمت شادي المنيعي بقتل الشيخ خلف ونجليه في سيناء، واتهموا التكفيريين بقتل خالد المنيعي في القاهرة. ورجّح أن يكون سبب قتله «التعاون مع الجيش في الفترة الأخيرة». وقال أحمد السويركي: «داعش يبعث برسالة بأن يده ستطاول أي متعاون مع الجيش حتى لو هرب إلى القاهرة أو الإسماعيلية. أكثر من 50 شيخاً ورمزاً قبلياً غادروا سيناء في الأشهر الأخيرة»، لافتاً إلى أن تعاون قبائل سيناء مع الجيش كبّد المسلحين خسائر، و «هم يريدون تحييد القبائل». وأضاف: «بالتأكيد خالد المنيعي ليس الوحيد الذي يتعاون مع الأمن للإرشاد عن المسلحين». واتفق الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم مع أحمد السويركي في الهدف من قتل خالد المنيعي. وقال: «الرسالة الواضحة: «داعش» يسعى إلى إرهاب شيوخ سيناء لمنعهم من التعاون مع الأمن، بعدما تكبّد (التنظيم) خسائر فادحة في الشهور الأخيرة، خصوصاً أن الجيش غيّر استراتيجيته نحو الهجوم على أوكار المسلحين، وقطعاً تحديد تلك البؤر وأماكن الاختباء يتم بتعاون بين الجيش وقبائل سيناء» التي نال شيوخها إشادات لافتة من قادة الجيش أخيراً. وأشاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بنفسه قبل شهور بهذا التعاون، بعد أيام من إعلان قبائل سيناء تشكيل «تحالف» للتصدي للتكفيريين. وقال ناجح إبراهيم في هذا الإطار: «داعش سيناء يختلف عن داعش العراق، فالأخير كسب تأييد قبائل ومنشقين من الجيش العراقي، في حين أن داعش سيناء اصطدم بالقبائل بعدما قتل نحو 12 شيخاً من شيوخها في سابقة لم تعهدها القبائل من قبل، فحتى إسرائيل نفسها حين احتلت سيناء لم تقتل الشيوخ، على رغم شكّها فيهم». وأضاف: «كما اصطدم التكفيريون بالأعراف القبلية، فخطفوا امرأة بتهمة التعاون مع الأمن، وقتلوها، وهذا مرفوض تماماً في الأعراف القبلية، كما اقتحموا منازل شيوخ قبائل سافروا إلى القاهرة، وأخرجوا منها النساء والأطفال وفجروها، وأعدموا رجلاً أمام أهله بعد صلاة الجمعة، وذبحوا 40 بدوياً... كل تلك الخروقات للأعراف القبلية جعلت القبائل تتصدى لهم، بعدما كانت متعاطفة معهم، أو على الأقل محايدة لأن المسلحين غالبيتهم من أبناء القبائل ذاتها ... وأظن أن التعاون بين الجيش والقبائل ساعد في إطلاق العملية العسكرية «حق الشهيد» لتعقب المسلحين في أوكارهم». واعتبر أن الخسائر التي مني بها «داعش» في سيناء دفعت هذا التنظيم المتشدد إلى محاولة «إرهاب» القبائل بقتل خالد المنيعي خارج سيناء، في محاولة للضغط على القبائل لوقف تعاونها مع قوات الأمن أو العودة إلى الحياد في المواجهة بين الجيش والتكفيريين. في غضون ذلك، بثت «ولاية سيناء» شريط فيديو دعت فيه الجماعات في الصومال إلى مبايعة «داعش». وبدأ الفيديو، وعنوانه «من سيناء إلى الصومال»، بكلمة لشاب ملثّم عُرف باسم «أبو مصعب المهاجر»، قال فيها: «أوجه رسالتي إلى المجاهدين بعامة وإلى مجاهدي الصومال بخاصة أن بايعوا أمير المؤمنين (البغدادي) وشيّدوا معنا دولة للمسلمين لكل المسلمين ليست لجماعة ولا حزب. كونوا لإخوانكم المجاهدين كالبنيان المرصوص، فأولى بكم أن تتحالفوا مع إخوانكم تحت راية الحق، فالتنازع والاختلاف والتفرق هو سبب الفشل والاجتماع هو سبب التمكين. هذه الخلافة هي ثمرة الدماء والأشلاء. هلموا إلى إخوانكم علام التأخير والتسويف؟ كونوا قدوة لغيركم ولا تنتظروا أحداً. إننا والله في «ولاية سيناء» منذ أن بايعنا أمير المؤمنين ونحن في خير وبركة واتساع». وتحدث شاب يحمل ملامح أفريقية عُرف باسم «طلحة الجنوبي»، قائلاً: «إلى المجاهدين في أرض الصومال نعتب عليكم إذا لم تستجيبوا لأمر الله. ما جاهد المجاهدون إلا لإقامة دولة الإسلام، فإذا قامت الدولة نفرّ عنها ونكون حجر عثرة في تمددها؟ ما رأينا بركة الجهاد إلا بعد البيعة، وسعينا بها للقضاء على الفرقة، فهذه الدولة أسسها أبو مصعب وباركها شيخ المجاهدين أسامة، السبق السبق ولا تكونوا آخر الناس». وعلّق ناجح إبراهيم على ذلك بالقول إن هذه الدعوة يظهر أن هدفها محاولة الحصول على مدد من المقاتلين في الصومال. وأضاف: «القاعدة الحاكمة لعمل الجماعات المسلحة أنها لا تعيش وتحيا وتنهض إلا في غياب الدولة... تلك القاعدة متوافرة في الصومال، ومن ثم لو حدثت بيعة يمكن أن ينتقل مقاتلون من الصومال إلى سيناء، فضلاً عن الدفعة المعنوية لداعش بوجود فرع له في قلب أفريقيا»، لكنه اعتبر أن «هذا النداء نظري ويدل على أن موقف داعش في سيناء فيه حرج كبير جداً، إذ قُتل منهم مئات وهم يريدون رافداً جديداً لتجنيد المقاتلين، بعدما نضب رافد القبائل». من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية مقتل جندي من قوة الأمن المركزي مساء أول من أمس إثر إصابته بطلق ناري أثناء التصدي لمهربين عند الحدود جنوب مدينة رفح في سيناء.