بعد أكثر من عامين على إطاحة حكم جماعة «الإخوان المسلمين»، لا تزال شعارات «يسقط يسقط حكم المرشد» تنتشر على جدران بنايات في حي «فيلات الجامعة» الراقي في مدينة الزقازيق، عاصمة محافظة الشرقية، والذي كان الرئيس المصري السابق محمد مرسي يقطن إحدى بناياته. وفي شوارع المدينة، تتبارى غالبية دعايات المرشحين للانتخابات البرلمانية في رفع شعارات «دعم الدولة في مواجهة الإرهاب». ويبدو بعض أهالي الشرقية حريصاً على فك الارتباط بينها وبين الرئيس السابق الذي يتحدر منها. ويقول حمادة محمود، وهو تاجر عطور في الزقايق: «نرفض الانطباع الذي أخذ عن الشرقية بأنها معقل لجماعة الإخوان المسلمين تنتشر فيها أعمال العنف». وأضاف ل «الحياة» أن «المدينة تنعم بالهدوء... الحضور الإخواني مقتصر على أعضاء الجماعة وعائلاتهم. معظم قيادتهم تم القبض عليه والبقية فارون». وأوضح أن التظاهرات التي تخرج أيام الجمعة «تقتصر على العشرات أمامهم شباب على دراجات نارية لملاحظة الأجواء الأمنية... يجوبون شوارع القرى الضيقة، وسرعان ما يشتبك معهم أهالي الأحياء قبل تدخل الشرطة». وأقر بوجود مناصرين ل «الإخوان»، لكنه أضاف أنهم «في بعض القرى، لاسيما الحسينية وهرية رذنة والعدوة (قرية عائلة مرسي)، أما بقية أحياء الشرقية وقراها، فغالبية الناس فيها مؤيدة للدولة والجيش». ويؤيد جلال زكي الذي التقته «الحياة» في أحد مقاهي قرية العواتسة التي تبعد بضعة كيلومترات من قرية مرسي، ما طرحه محمود، لكنه كان أكثر حدة فحمّل «الإخوان» مسؤولية «إسقاط مصر». وقال: «كانوا يريدون أن نصبح مثل سورية وليبيا». وأوضح «لدينا في القرية أقرباء لمرسي، لكنهم لا يستطيعون التحرك تحسباً لرد فعل أهالي القرية. التظاهرات تتركز في قرية العدوة وتقودها عائلة مرسي». ويتذكر زكي تظاهرة ضمت آلافاً لتشييع جثمان جندي قتل خلال العمليات العسكرية في سيناء، هاجم خلالها مشاركون منازل يمتلكها رموز «الإخوان» في القرية. ويؤكد زكي أن غالبية أهالي قريته سيصوتون «للمحسوبين على الدولة والمؤيدين للرئيس (عبدالفتاح) السيسي» في التشريعيات المقبلة، منبهاً إلى أنه في حال وصول قوى مناوئة للرئيس إلى البرلمان «ستعطل خطط ومشاريع التنمية التي يطرحها... ولن نسمح بحصول ذلك». وقال: «نتطلع إلى عودة الهدوء والاستقرار إلى البلد». وتضم الشرقية (نحو 120 كلم شمال شرقي القاهرة) واحدة من أكبر الكتل التصويتية في مصر، إذ سجل فيها نحو أربعة ملايين ناخب موزعين على 800 مركز انتخابي. ودائماً ما كانت جماعة «الإخوان» تنعم بتأييد واسع في الانتخابات التي كانت تجرى فيها قبل إطاحة مرسي. أما في التشريعيات المقرر انطلاقها منتصف الشهر المقبل، فيتنافس مؤيدون للنظام على 35 مقعداً في المحافظة. وفي شوارع مدينة الزقازيق، عاصمة المحافظة، يلحظ أن الحضور الحزبي في المنافسة الانتخابية محدود، باستثناء مرشح حزب «الوفد» هاني قدري أباظة الذي ينافسه عدد من المستقلين، بينهم عسكريون سابقون، أوفرهم حظاً وفقاً لمحمود «قائد سلاح المركبات السابق اللواء حسن السيد والنائب السابق عن الحزب الوطني المنحل مجدي عاشور واللواء خالد زردق، إضافة إلى المرشح خالد العراقي». وبدا أن المنافسة ستكون حامية في مدينة الزقازيق، فالدائرة الأولى منها يتنافس فيها على مقعدين 43 مرشحاً قبلت أوراقهم. ويقول المرشح حسن السيد داخل مقره الانتخابي الذي يبعد أمتاراً من منزل الرئيس السابق في حي «فيلات الجامعة»، إن أولويات عمله في حال انتخابه هي «العمل على تعديل مواد في الدستور تقوض صلاحيات الرئيس ولا تتفق مع المصلحة العامة». وكان السيسي أشار ضمناً قبل أيام إلى رغبته بتعديل الدستور. وقال السيد ل «الحياة» إن «وصول الإخوان ومرسي إلى الحكم وصمة عار في جبين الشرقية... الجماعة ليس لها وجود في الشارع... قد يدفعون بمرشحين مستقلين مجهولين، لكن الإخوان انتهوا إلى غير رجعة بفضل عودة الدولة ودرجة الوعي العالية لدى الناخب في المحافظة... الدولة تفرض سيطرتها وقادرة على تأمين الاستحقاق التشريعي». وأوضح أنه سيعمل في حال انتخابه «على كل ما يتعلق بالأمن القومي المصري ودعم الدولة في محاربة الإرهاب، إضافة إلى النهوض بالدائرة وتوفير حاجات الناس». ورأى أن «الثقل الشخصي للمرشح بين أبناء دائرته هو العامل المرجح، وليس الانتماء الحزبي». غير أن منافسه هاني أباظة الذي التقته «الحياة» خلال جولة انتخابية، أكد «وجود عوامل عدة ترجح الفوز بالمقعد، وليس فقط العامل الشخصي، فالترشح تحت لافتة حزب مثل الوفد يمتلك تاريخاً وحضوراً، لاسيما في الشرقية، يمثل بلا شك عامل ثقة لدى الناخب». لكن أباظة يتفق مع منافسه على «ضرورة دعم جهود الدولة، سواء على صعيدي التنمية الاقتصادية أو محاربة الإرهاب»، وقال إن «الوفد منذ اللحظة الأولى كان في صدارة داعمي الدولة والرئيس السيسي، لكن هذا لا يعني الإقرار بكل سياسات نظام الحكم. هناك بعض السلبيات سنسعى إلى تصويبها أسفل قبة البرلمان». ومحافظة الشرقية ضمن دائرة شرق الدلتا المخصص لها 15 مقعداً من إجمالي عدد المقاعد المخصصة للمنافسة بنظام القوائم المغلقة. ويرجح أن تفوز قائمة «في حب مصر» التي يقودها مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون، بمقاعد الدائرة بالتزكية بعدما لم تترشح قوائم أخرى لمنافستها. ويتفق المتنافسان السيد وأباظة على أنهما سيحضان مناصريهما على الاقتراع لمصلحة القائمة.