تجري مصر اليوم المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية على وقع أجواء من التوتر بعد الانتهاكات التي رافقت الجولة الأولى ودعت جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «الوفد» إلى إعلان انسحابهما، فيما حذّر قانونيون من فقدان البرلمان الجديد «شرعيته الدستورية»، بعد انسحاب المعارضة، إضافة إلى صدور أحكام قضائية ببطلان الانتخابات في عشرات الدوائر، وسط مخاوف من وقوع اعمال عنف على نطاق واسع بين انصار مرشحي الحزب الوطني الحاكم الذين يخوضون الانتخابات في مواجهة بعضهم بعضاً في غالبية الدوائر. وتظاهر أمس عشرات الناشطين في وسط القاهرة احتجاجاً على ما اعتبروه حالات «انتهاكات وتزوير» رافقت الجولة الأولى من الانتخابات الأحد الماضي، لكن الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف رفض تلك المزاعم، مشدداً على أن المجلس الجديد «اكتسب شرعيته بإرادة الناخبين وبنظام انتخابي حدده القانون، وليس ما يريده أو يحدده أفراد أو أحزاب». ويتصدر المنافسة بامتياز في الجولة الثانية مرشحو «الوطني»، بعد مقاطعة تكاد تكون شاملة من قوى المعارضة الأساسية التي اتهمت السلطة بالتزوير والتلاعب بنتائج الجولة الأولى. وكان الحزب حصل على 209 مقاعد في الجولة الأولى من 221 تم حسمها من أصل عدد مقاعد البرلمان البالغ 508. وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات اكتمال الاستعدادات لإجراء جولة الإعادة التي يتنافس فيها 566 مرشحاً على 283 مقعداً بعد إلغاء الانتخابات على 4 مقاعد في كفر الشيخ. ويتنافس اليوم 383 مرشحاً للحزب الحاكم و167 مستقلاً و16 من أحزاب «التجمع» و «السلام الاجتماعي» و «الوفد» الذي رفضت اللجنة قبول انسحابه. وحذّر رئيس اللجنة المستشار السيد عبدالعزيز عمر من أن «اللجنة العليا ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في مواجهة أي خروج على أحكام القانون أو استخدام للعنف خلال العملية الانتخابية»، مطالباً ب «ضبط النفس والحرص على توفير مناخ ديموقراطي يؤدي فيه الجميع واجبهم الانتخابي وسط استقرار وحرص على صحة العملية الانتخابية وسلامتها». ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في هذه الجولة نحو 28 مليون ناخب. وقرر خمسة من مرشحي «الوفد» خوض جولة الإعادة، على رغم قرار الحزب بالانسحاب، وهم ماجدة نويشي المرشحة على مقعد المرأة في الإسماعيلية وعاطف الاشموني المرشح في دائرة المطرية في القاهرة ومحمد المالكي المرشح في دائرة الجمالية في القاهرة ورامي لكح المرشح في دائرة شبرا في القاهرة وطارق سباق المرشح في دائرة روض الفرج في القاهرة. وقال الأمين العام للحزب الحاكم إن «الوطني يخوض الانتخابات من دون النظر إلى الانسحاب الذي يتحدث عنه البعض، فالأمور متعلقة بالقانون والانسحابات لها ترتيبات محددة». وأقر بأن «نتائج الجولة الأولى كانت صادمة لبعض الأحزاب التي تناست الجهود المبذولة في خطة التحرك الحزبي (للوطني) التي حرمت الكثير من منافسينا من الحصول على أصوات ليست من حقهم». وتوقع «فوز الوطني في شكل واسع». وأشاد بعزم بعض مرشحي «الوفد» خوض الانتخابات، معتبراً أنه «سيكون لهم محل تقدير وثقة من المجتمع لاعلائهم قيمة الشرعية والوفاء لأبناء دوائرهم». واعتبر وزير الزراعة أمين أباظة الذي فاز في الجولة الأولى من الانتخابات أن «انسحاب أي قوى سياسية من المعترك فيه خسارة للعملية السياسية والقوى المنسحبة نفسها». وشدد على «أهمية وجود الأحزاب في البرلمان لتعبّر عن رأيها... وكل حزب يتخذ موقفه السياسي وفق رؤيته والظروف المحيطة به وكذلك موقفه أمام أعضائه والمؤيدين له». وقال إن «كل مؤسسة حرة في اتخاذ القرارات التي تراها تتمشى مع مصلحتها». ورفض «نغمة أن المجلس الجديد سيكون بلا معارضة»، وقال: «لن يكون كذلك لأنه حتى داخل الوطني في المجلس السابق كانت هناك معارضة، وكنت أتمنى وجود عدد لا بأس به من المعارضة في المجلس الجديد، لكن من المعارضة الشرعية الممثلة بالأحزاب السياسية». لكن عشرات الناشطين والمرشحين الخاسرين والمنسحبين من رموز المعارضة شاركوا في تظاهرة أمام نقابة الصحافيين في وسط القاهرة أمس للتنديد ب «التزوير» الذي شهدته الجولة الأولى من الانتخابات. وقال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين القيادي في «الإخوان» محمد عبدالقدوس إن التظاهرة «هي أولى الفاعليات التي ستقوم بها المعارضة للتعبير عن احتجاجها على الانتهاكات التي شابت العملية الانتخابية»، مشيراً إلى «تظاهرة احتجاجية دعت اليها القوى السياسية الأحد المقبل تحت اسم يوم الغضب أمام مكتب النائب العام في وسط القاهرة قبل افتتاح البرلمان الجديد دورته». وأضاف ل «الحياة»: «ستعتمد تحركاتنا على ثلاث خطوات، أولاً الطعن في شرعية البرلمان الجديد قضائياً، ويمكن اللجوء إلى المحاكم الدولية كخطوة للضغط على النظام، وثانياً النزول إلى الشارع في تظاهرات واسعة للتعبير عن رفض المصريين لهذا البرلمان، وأخيراً عدم التعامل مع البرلمان المقبل وعدم الاعتداد بما يصدره من قوانين على اعتبار أنه برلمان غير شرعي». جولة لأبو الغيط في شرق أوروبا على صعيدا آخر، يبدأ وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اعتباراً من يوم غد الإثنين جولة تضم كلاً من رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا والمجر. وصرح الناطق باسم الخارجية بأن الجولة تستمر من 6 إلى 9 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وأنها تأتي في إطار تنشيط العلاقات الثنائية مع دول شرق أوروبا، وتعزيز التعاون معها في مختلف المجالات. وأشار إلى أن أبو الغيط سيلتقي خلال الجولة بنظرائه وزراء الخارجية، حيث سيتم عقد جلسات مشاورات تتطرق إلى مختلف أوجه العلاقة بين مصر وهذه الدول، فضلاً عن تبادل الرؤى في شأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأوضح أنه يحمل رسائل موجهة من الرئيس حسني مبارك إلى رؤساء هذه الدول تتعلق بسبل دعم وتطوير علاقات مصر مع كل منها.