يبدو أن الصراع السياسي في مصر سينتقل إلى الاحتفالات بعيد الفطر المبارك، وساحات الصلاة، بعدما ظهر أن الأطراف المختلفة تجهّز لاستغلال المناسبة كل على طريقته، فالأحزاب والقوى السياسية التي تستعد لمعترك الانتخابات التشريعية المتوقع إجراؤها في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، تسعى إلى استغلال العيد للترويج لمرشحيها وكسب ود الناخبين، فيما جماعة «الإخوان المسلمين» التي تصرّ على المضي في طريق التصعيد، على رغم النجاحات التي تحققها الدولة على الأرض، تسعى في المقابل إلى استغلال صلاة العيد لزيادة زخم تظاهراتها التي خفّ عددها وضعف تأثيرها، الأمر الذي ردت عليه السلطات المصرية بالوعيد برد حاسم. وتترقّب الأوساط المصرية إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، لتعلن بعدها اللجنة القضائية المشرفة على التشريعيات الخارطة الزمنية للاستحقاق الذي يمثّل المحطة الأخيرة في خارطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي. واستبقت وزارة الأوقاف حلول عيد الفطر المبارك، بالتحذير من «أي محاولة لاستخدام ساحات عيد الفطر لأغراض سياسية أو حزبية»، وتوعدت في بيان ب «إجراءات رادعة ضد المخالفين»، وبدا أن البيان جاء رداً على دعوات تروجها جماعة «الإخوان» وحلفاؤها للخروج من ساحات صلاة العيد بمسيرات وتظاهرات. وقالت الأوقاف في بيانها إنها حددت خطبة عيد الفطر «لتكون عن ضوابط وآداب العيد وتدعو إلى التسامح ونبذ العنف والخلافات مع التحذير من الإسراف والتبذير، ومظاهر الفرح وضوابطه في العيد». وأضافت أن الخطبة تركز على حرمة قتل النفس من دون وجه حق، وضرورة صلة الرحم والتحذير من بعض العادات السلبية في أول أيام العيد. وكان «تحالف دعم الشرعية» دعا أنصاره إلى الخروج بمسيرات عقب صلاة العيد، والتظاهر خلال أيام عيد الفطر ضمن ما سماه أسبوع «عيد الشهداء»، وصولاً إلى ذكرى فض اعتصامَي ميدانَي رابعة العدوية والنهضة الذي يحل منتصف الشهر المقبل. وتوعّد «التحالف» الذي أسسته جماعة «الإخوان» قبل أيام من عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ب «حسم ثوري يحقق للشعب مطالبه وللشهداء حقوقهم بتبنّي أدوات المقاومة الشعبية الناجزة»، داعياً في بيان أصدره أمس الشباب والطلاب إلى قيادة التصعيد. ووضعت وزارة الداخلية بالتنسيق مع قوات الجيش خطة موسّعة تستهدف توسيع نطاق التأمين. وقال مصدر أمني رفيع المستوى ل «الحياة» إنه تقرر «تزويد أفراد قوات التأمين للمرة الأولى بأسلحة نوعية تساعد في التعامل القوي مع أي من العناصر التي تسعى إلى استهداف القوات أثناء وجودها بمقار عملها». وأشار إلى تكثيف إجراءات التأمين في المواقع العامة خلال الاحتفالات بالعيد. وفيما كثّفت الأحزاب السياسية من اجتماعاتها لحسم الجدل حول تشكيل التحالفات الانتخابية، وتوزيع حصص المرشحين على الأحزاب، وإعداد قوائم المرشحين، بدت خريطة القوى على الأرض أكثر وضوحاً. إذ تسابق المستقلون والمنتمون إلى الحزب الوطني «المنحل»، إضافة إلى حزب «النور» السلفي، على كسب ود الناخبين، ولوحظ أن موائد الرحمن التي أقامها مرشحون محتملون على مقاعد البرلمان الجديد، تحوّلت إلى ساحات لتوزيع حلوى العيد وبعض المنتجات الغذائية الأساسية، فيما أقام «النور» معارض لتوزيع الملابس في عدد من المناطق الفقيرة. كما انتشرت لافتات، ممهورة بتوقيع شخصيات مستقلة، للتهنئة بالعيد في شوارع القاهرة. «النور» يُهاجم تحالف موسى في غضون ذلك، شن حزب «النور» هجوماً عنيفاً على التحالف الانتخابي الذي يسعى السياسي عمرو موسى إلى تشكيله تحت شعار تحالف «الأمة المصرية». وقال المهندس جلال مرة الأمين العام ل «النور» إن «التحالفات الانتخابية التي تقوم على التمييز والاستقطاب والتهميش ولا تقدم مصلحة مصر على المصالح الحزبية ستموت في مهدها وسيكون مصيرها الفشل». وكان موسى، الذي رأس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، أعلن رفضه انضمام «النور» إلى تحالف «الأمة المصرية» الانتخابي الذي يضم أحزاب «الوفد» و «الاجتماعي المصري» و «المؤتمر».