في حي منشية ناصر العشوائي في القاهرة، دخل النائب السابق عن الحزب الوطني الديموقراطي المنحل حيدر البغدادي مقره الانتخابي الذي رفعت على واجهته صورة كبيرة له كتب عليها «نائب الأمة». وداخل المقر، تمتلئ حجرة كبيرة بمعاوني بغدادي في حملته، فيما ينتظر عشرات من أهالي الدائرة خارجها على أمل مساعدتهم في إنهاء خدمات اجتماعية. حرص البغدادي على الاجتماع لدقائق مع معاونيه لتنسيق جدوله اليومي، قبل أن يبدأ في لقاء ضيوفه. ويقول ل «الحياة»: «المعركة الانتخابية تبدأ من هنا، وليس عبر شاشات التلفاز. الناس تحتاج النائب القادر على خدمتهم، وليس أصحاب الشعارات والصوت المرتفع». ويعزز استئناف البغدادي نشاطه مثل عشرات من زملائه في الحزب الوطني الديموقراطي المنحل الذي كان يتولى الرئيس السابق حسني مبارك رئاسته، التكهنات بعودة نواب «الفلول» إلى البرلمان الجديد الذي لم يتحدد بعد موعد انتخابه. ورغم تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي الحرص على الانتهاء من آخر استحقاقات «خريطة المستقبل» التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، إلا أن وتيرة إجراءات الانتخابات ترجح أنها ستمتد إلى العام المقبل، وربما تتزامن أجواء المنافسة على مقاعد البرلمان الجديد التي يعود إليها نواب «الوطني» المنحل، مع حلول الذكرى الرابعة للثورة التي أطاحت مبارك. وخلال العامين التاليين على الثورة، توارى البغدادي ورفاقه من المشهد السياسي، حتى أنه خسر الانتخابات التشريعية في العام 2012 في مواجهة مرشح «الإخوان المسلمين»، لكن في أعقاب تظاهرات 30 حزيران (يونيو) 2013 التي أطاحت الجماعة من الحكم، عاد البغدادي مرة أخرى ليقدم خدماته الاجتماعية لأهالي دائرته، من بدء التوسط لحجز مكان للمرضى في المستشفيات، وتقديم العطايا للمقبلين على الزواج، وصولاً إلى حضور المناسبات الاجتماعية. ويسعى البغدادي إلى كسب ود ناخبي دائرة منشية ناصر المثخنة بالفقر أملاً في الفوز بالمقعد النيابي. وقال ل «الحياة»: «لا داعي لتحديد سقف مالي للإنفاق (على الدعاية الانتخابية). لن يتمكنوا من حصار الملايين التي يتم هدرها، الأفضل إلزام المرشحين بوضع لافتة وحيدة وتوزيع كروت صغيرة مدونة عليها بيانات المرشح، إضافة إلى عقد مؤتمر انتخابي وحيد، وكل هذا لن يتكلف أكثر من 50 ألف جنيه، على أن تذهب باقي أموال المرشحين إلى خدمة ورفع كفاءة المستشفيات والخدمات الاجتماعية في الدوائر الانتخابية»، مشيراً إلى أنه ظل يبحث خلال اليومين الماضيين في عدد من المستشفيات بلا جدوى عن سرير في غرفة عناية فائقة لمريض. وعلى الجانب الآخر من القاهرة في حي المطرية، انتشرت لافتات للنائب السابق عن «الوطني» عاطف الأشموني الذي جهز هو الآخر مقراً انتخابياً يتوسط الحي الذي بات مسرحا أسبوعياً للاشتباكات بين قوات الشرطة ومؤيدي مرسي. ويخرج الأشموني في جولات ليلية في الحي للقاء ناخبي دائرته، كما أنه يحرص على الجلوس على المقاهي، في ما يبدو محاولة للتودد إلى الناخبين. وكان السيسي تعهد الثلثاء الماضي «دعم القوى السياسية من دون تمييز»، مشدداً على أنه ليس محسوباً على أحد «ولا أحد محسوب عليّ». لكن نواب «الوطني» يستغلون شعبية السيسي لكسب المؤيدين، فالبغدادي حرص على تعليق صور للسيسي مرتدياً زيه العسكري داخل مقره الانتخابي، مثل الكثير من الراغبين في الترشح على مقاعد البرلمان الذين يرفعون لافتات دعائية مختلفة الأحجام تتضمن صورهم إلى جوار صور السيسي. ويلفت البغدادي إلى أنه يفاضل بين عرضين من حزب «الحركة الوطنية» الذي يتزعمه أحمد شفيق رئيس آخر حكومات مبارك، وحزب «المصريين الأحرار» الذي يقوده رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس للترشح في دائرة منشية ناصر، مشيراً إلى أنه يرتبط بعلاقات قوية ب «المصريين الأحرار» الذي سيفرغ الدائرة لمصلحته حتى وإن ترشح على لائحة «الحركة الوطنية». واعتاد المصريون تنقل المرشحين بين الأحزاب السياسية. واستقال البغدادي نفسه من الحزب الناصري ليترشح مستقلاً قبل أن ينضم إلى قوائم «الوطني» في العام 2010، ثم يعود للمنافسة مستقلاً في انتخابات العام 2012 التي فازت فيها جماعة «الإخوان» بالأكثرية النيابية. ومثله نائب المطرية السابق عاطف الأشموني الذي ترشح على قوائم «الوفد» في العام 2005، لكن خسارته المقعد جعلته ينضم إلى قوائم «الوطني» في العام 2010، قبل أن يختفي في انتخابات العام 2012، ثم يعود ليطل على المشهد الانتخابي مستقلاً. وتكرس إطلالة هؤلاء على المشهد الانتخابي مخاوف القوى السياسية المحسوبة على الثورة، من عودة سياسيي نظام مبارك أو من يلقبون ب «الفلول» لتصدُّر المشهد مجدداً. غير أن البغدادي يعتبر أن التعبير عن تلك المخاوف «هو رأي الجبناء، الخائفين، أصحاب البدل (البزات) الذين لا يملكون 10 أصوات». وقال: «أحسن ناس رموز الحزب الوطني الشرفاء، المكتب السياسي للوطني فقط سياسته كانت فاشلة». وشدد على «ضرورة الابتعاد عن الانقسام. أي مرشح هو مصري يجب أن يتمتع بحقوقه... هذا حديث قديم، والمواطن هو بيده اختيار من يمثله، والصندوق هو الحكم». وتعهد «سحق الإسلاميين في حال نزولهم في مواجهتي». وأضاف أنه لا يرى «وجوداً للأحزاب السياسية في الشارع، هؤلاء يريدون المنافسة في الانتخابات بنظام القوائم حتى يحصلوا على المقاعد من دون أن يعكس ذلك شعبيتهم الحقيقية».