أكدت الحكومة الألمانية مجدداً استعدادها لتسهيل دخول اللاجئين إليها وإلى سوق العمل، إذ كانت أصدرت قراراً في هذا الشأن في تموز (يوليو) الماضي، على خلفية تنامي النزوح الكبير للاجئين إلى أوروبا وتحديداً إلى ألمانيا. وأعلن نائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل في كلمة له أمام البرلمان الاتحادي (البوندشتاغ) أول من أمس لدى مناقشة موازنة العام المقبل، أن «450 ألف لاجئ وصلوا إلى ألمانيا منذ مطلع السنة، بينهم 37 ألفاً وصلوا في الأيام الثمانية الأولى من الشهر الجاري». وفتح غابرييل وهو رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي المشارك في الحكومة، كما فعلت المستشارة أنغيلا مركل التي سبقته في الكلام، باب الأمل أمام اللاجئين لدخول سوق العمل في أسرع وقت، إذ أعلنت أنها تنطلق من أن «جزءاً غير قليل من اللاجئين سيبقى في ألمانيا، وسيدخل هؤلاء مع أولادهم إلى سوق العمل ويساهمون في ازدهار البلد للمرة الثانية بعد الحرب العالمية الثانية». وأكدت أن على حكومتها «التعلم من الخطأ الذي ارتُكب في ذلك الوقت حين لم تفكر الحكومات المتعاقبة في الاحتفاظ بمئات آلاف العمال الأجانب أو بمَن يرغب في البقاء منهم، وتعليمهم اللغة الألمانية وتأمين دورات تدريب مهنية لهم والعمل على دمجهم في المجتمع». وتوقع غابرييل وصول أكثر من 100 ألف لاجئ آخر إلى ألمانيا حتى نهاية هذا الشهر، لافتاً إلى «دخول 105 آلاف لاجئ في آب (أغسطس) الماضي، ما يثبت بوضوح أن تقاسم عبء 160 ألف لاجئ في أوروبا ليس سوى خطوة أولى، بل يمكن اعتبار العدد نقطة في بحر». ولا تستبعد ألمانيا مجيء 800 ألف طالب لجوء خلال هذه السنة، بل رجّحت مركل ومسؤولون آخرون أيضاً أن «يرتفع العدد إلى المليون ما يعادل أربعة أضعاف الرقم المسجل العام الماضي، وهذا الرقم قياسي». وشدد وزير الاقتصاد في كلام موجه إلى مواطنيه لطمأنتهم بأن ألمانيا «قادرة على تمويل التصدي لأزمة اللجوء من دون تقليص الخدمات المقدمة لهم أو زيادة الضرائب عليهم، لأن الحكومة التزمت نهجاً مدروساً في السياستين الاقتصادية والتمويلية، ما مكّنها من الاستغناء عن أي ديون جديدة في موازناتها». وبعدما لفت إلى أن هذا النهج «يحصد ثماره حالياً»، شدّد على «قوة» الاقتصاد الألماني، معلناً أن توقعات النمو التي وضعتها حكومته وهي 1.8 في المئة لهذه السنة والعام المقبل «لا تزال واقعية». وبعدما قررت الحكومة الألمانية وقف العمل بقرار منع اللاجئين من العمل في البلاد قبل حصولهم على تصريح إقامة موقتة، والسماح لهم الآن بالتفتيش عن عمل منذ اليوم الأول لدخولهم البلاد، ناشد غابرييل الأوساط الاقتصادية ب «إطلاق مبادرات تدريب للاجئين الشباب والكبار في السن بالتعاون مع النقابات العمالية». إذ رأى أن «إلحاق اللاجئين بالعمل على نحو سريع سيفضي إلى حل إحدى أكثر المشاكل التي تواجه ألمانيا وهي النقص في اليد العاملة المتخصصة». إلى ذلك، أعلنت وزيرة العمل الاتحادية أندريا نالس، أن الوزارة «سترصد ما بين 600 مليون و 1.1 بليون يورو للاجئين لإدخالهم إلى سوق العمل». وقالت إن المطلوب «هو إيصال الناس التي تأتي إلينا بسرعة إلى سوق العمل، وأن يصبحوا جيراناً وزملاء في أماكن العمل في أسرع وقت». وبعدما قدّرت أن الكلفة الاجتماعية الإجمالية للاجئين تقدر ببليوني يورو، وعدت ب «زيادة عدد المترجمين في مراكز البحث عن عمل المنتشرة في كل ألمانيا، ورفع عدد دورات تعلّم اللغة الألمانية المخصص لها 180 مليون يورو إضافية لعام 2016». وشددت على أن «حاجة ألمانيا إلى عمال مؤهلين كبيرة جداً». وأوضحت أن التقديرات الأولية التي ظهرت بعد تسجيل جزء من اللاجئين تفيد بأن « 10 في المئة فقط منهم يتحلون بكفاءات علمية ومهنية». وطالبت وكالة العمل الاتحادية ب «العمل سريعاً على إرسال موظفيها إلى مناطق تجمع اللاجئين لجمع المعلومات الدقيقة عن مدى تأهلهم العلمي والمهني». وكانت الهيئات الاقتصادية الألمانية هي الطرف الأول الذي حضّ الحكومة على «استقبال عدد كبير من اللاجئين لسد النقص المتزايد في سوق اليد العاملة، بسبب التصدع المتنامي في الهرم السكاني في البلاد». وأبلغ ممثلو هذه الهيئات الحكومة استعدادهم ل «تمويل دورات للتدريب المهني لكل مَن هو في سن العمل من اللاجئين، بشرط إعطاء الهيئات ضمانات بعدم ترحيل أي متدرب قبل مضي ثلاث سنوات عليهم، وإيجاد مخرج لفقرة في القانون الذي يحدد سن ال 21 كسقف أعلى لقبول متدربين».